واشنطن أمام اختبار دولي بعد فتور المشاركة في مؤتمر غزة
لم تلب 15 دولة الدعوة لحضور مؤتمر أميركي احتضنته العاصمة القطرية الدوحة، لبحث تشكيل قوة الاستقرار الدولية التي تعتزم واشنطن نشرها في غزة. ويعكس هذا الغياب موقفاً مفاده أنه لا يمكن مناقشة الأمن دون وجود أفق سياسي واضح يضمن هدنة مستدامة في القطاع الفلسطيني.
وتخشى عدة دول من أن نشر قوات دولية دون موافقة وطنية فلسطينية شاملة، بما في ذلك الفصائل الموجودة على الأرض، قد يجعل هذه القوات تبدو كـ”قوات احتلال بعباءة دولية”، ما يثير مخاوف استهدافها والدخول في استنزاف عسكري، بالإضافة إلى رفض تحمل عبء الفشل الأمني الإسرائيلي في قطاع غزة.
وترفض العديد من الدول الانخراط في خطط تُصاغ في واشنطن وتستهدف تحقيق “الأمن لإسرائيل” كأولوية قصوى، بينما يتم تهميش الاحتياجات الإنسانية والسياسية للفلسطينيين. ويبعث عدم حضور المؤتمر الأميركي برسالة دبلوماسية قوية بأن الحلول “المسقطة” من الخارج لم تعد قابلة للتطبيق.
ويشير فشل الفعالية في حشد حضور واسع إلى أن ملف غزة لا يمكن حله عبر ترتيبات أمنية تقنية فقط، بل يحتاج إلى إرادة سياسية دولية تنهي مسببات الصراع من جذورها.
والاثنين، أفادت هيئة البث العبرية (رسمية)، بأن القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم”، تعتزم الثلاثاء، عقد مؤتمر دولي عبر الإنترنت في قطر بمشاركة ممثلين عن 40 دولة لبحث تشكيل قوة دولية بغزة، ضمن المرحلة الثانية من خطة الرئيس دونالد ترامب لوقف الحرب.
وذكرت الهيئة حينها، أن المؤتمر سيعقد في قطر عبر تطبيق “زووم”، دون مشاركة إسرائيل، وسيكون معظم ممثلي الدول المشاركة من العسكريين لمناقشة “أنشطة القوة الدولية المتوقع دخولها قطاع غزة”.
وأوضحت هآرتس، أن “أذربيجان غابت عن المؤتمر كما تبيّن أنها لا تنوي المشاركة في قوة الاستقرار ولا الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم (للتطبيع مع إسرائيل) في المستقبل المنظور، رغم التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة تناقش بنشاط ضمها”.
ومستندة إلى قائمة قالت إنها حصلت عليها، لفتت الصحيفة العبرية إلى أن 15 دولة لم تشارك في المؤتمر رغم دعوتها إليه وبين تلك البلدان “دولتان من آسيا الوسطى: تركمانستان وطاجيكستان، وعدة دول أوروبية مثل بلجيكا ورومانيا وإستونيا، بالإضافة إلى بلدان شرق آسيا مثل كوريا الجنوبية ونيبال”.
وأردفت أن “تركيا، التي صرحت مرارا وتكرارا برغبتها في المشاركة في قوة الاستقرار، لم تتم دعوتها على الإطلاق، ويرتبط ذلك بمعارضة إسرائيل الشديدة لإمكانية مشاركتها، وفق مصادر دبلوماسية”.
ووفق الصحيفة، فإن “بين الدول التي حضرت المؤتمر: ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، المغرب، الإمارات، البحرين، الأردن، مصر، السعودية، كازاخستان وأوزبكستان، اليونان، قبرص (الرومية)، البوسنة والهرسك، وكوسوفو”.
وفي سياق متصل دعا وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي اليوم الأربعاء، للإسراع بنشر قوة الاستقرار الدولية في غزة وذلك خلال اتصال هاتفي مع وزير الشؤون الخارجية والأوروبية السلوفاكي يوراي بلانار.
وشدد عبدالعاطي، على أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بما يسهم في تثبيت التهدئة.
بدوره أفاد رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، اليوم الأربعاء بأن التحضير جار لاجتماع بين الوسطاء لوضع تصوّر لكيفية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ، ضمن خطة ترامب.
وشدد على الحاجة العاجلة للانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق، مشيرًا إلى أنه تم الاتفاق مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على مضاعفة الجهود للوصول للمرحلة الثانية، وأنه يوجد عناصر كثيرة بالاتفاق “يجب أن تكتمل”.
وأكد أن بلاده ترفض أن تُستخدم أي قوة للاستقرار في قطاع غزة بما يخدم طرفًا على حساب آخر، مشددًا على ضرورة أن يكون أي وجود دولي أو إقليمي محايدًا ويهدف إلى حماية المدنيين، وحماية اتفاق إنهاء الحرب.
وفي 29 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن ترامب خطة للسلام ووقف الحرب بغزة تتألف من 20 بندا، بينها: الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ووقف إطلاق النار ونزع سلاح حركة “حماس”، والانسحاب الإسرائيلي من القطاع وتشكيل حكومة تكنوقراط ونشر قوة استقرار دولية.
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وكان من المفترض أن ينهي حربا شنتها إسرائيل على غزة على مدار عامين بدءا من 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأسفرت عن مقتل أكثر من 70 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد عن 171 ألفا.







