بعد مقتل الغماري.. تصدعات أمنية تضرب قلب جهاز الحوثيين

مثَّل الإعلان عن مقتل رئيس هيئة أركان مليشيات الحوثي محمد عبدالكريم الغماري أكبر اختراق للتنظيم. وكشف عن قدرة إسرائيلية على الاقتراب من الحلقة الضيقة لقادة الجماعة.
وتعرّض الحوثيون في اليمن لسلسلة من الضربات الأمريكية والبريطانية ولاحقًا الإسرائيلية. لكن القيادات البارزة ظلّت إلى حد بعيد بمنأى عن الاستهداف.
ويُعد الغماري، بحسب مراقبين، أبرز قائد عسكري يُقتل منذ بدء المواجهات مع إسرائيل. ويشير استهدافه إلى أن اختراقًا مماثلًا لما جرى في صفوف حزب الله اللبناني قد يكون حدث في اليمن.
ورجّحت مصادر مطّلعة أن الغماري قُتل إلى جانب رئيس وزراء حكومة المليشيات أحمد غالب الرهوي في 28 أغسطس/آب الماضي بالضربات الإسرائيلية آنذاك.
-
الحوثيون في مواجهة موظفي الإغاثة… هل يخافون المساعدات أم من يكشفون المستور؟
-
تصعيد جديد.. الحوثيون ينهون تفاهمات وقف الهجمات ضد أمريكا
وبحسب المصادر ذاتها، فشلت تحقيقات حوثية داخلية في اكتشاف طبيعة الخرق الأمني الذي أدى إلى مقتل الغماري في استهداف دقيق. رغم إخضاع أكثر من 700 شخص لتحقيقات قسرية.
وكان الغماري مسؤول الملف العسكري على مدى 9 أعوام، ما يضعف مقتلُه المليشيات على الجبهات.
واعتبر الباحث السياسي اليمني هائل الشارحي أن مقتل الغماري مع عدد من القيادات العسكرية يعد “ضربة قاصمة”. كون الرجل هو المسؤول عن الملف العسكري ومن يتلقى الأوامر بشكل مباشر من قيادة الظل ويعمل على تنفيذها ميدانيًا.
-
بين الإنجاز والتهديد.. شحنات السلاح تفضح ملامح استراتيجية الحوثي
-
انحسار حرب غزة يضع الحوثي أمام استحقاقات الداخل
وتوقّع الشارحي في تصريحات أن “يؤثر مقتل الغماري والقيادات العسكرية الحوثية على العمليات الميدانية، بما في ذلك التصعيد على البحر الأحمر والهجمات العابرة”.
وأكد أن تأخر مليشيات الحوثي في إعلان مقتل الغماري كان من أجل “ترتيب الصف العسكري الأول للجماعة” ولتجنّب انهيار معنوي داخل صفوفها.
وأشار إلى أن مقتل الغماري كشف أن يد إسرائيل صارت قريبة من الحلقة الضيقة للحوثيين، وهو أكبر اختراق تتعرّض له الجماعة. لافتًا إلى أن “الغماري كان أحد القيادات المرتبطة بخبراء حزب الله وإيران فيما يتعلق بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة”.
-
صنعاء تحت القصف.. الحوثي يخفف من وقع الضربات وحصيلة مختلفة تتسرب
-
كشف تفاصيل أكبر شحنة أسلحة وإنجاز أمني يربك الحوثيين
فراغ إداري
من جانبه، قال الباحث السياسي اليمني عاصم المجاهد إن “خسارة مليشيات الحوثي لقادة بارزين مثل رئيس الأركان قد تُخلّف فراغًا تكتيكيًا وإداريًا في المدى القريب داخل الجناح العسكري”.
وأوضح المجاهد أن مقتل القادة العسكريين للحوثيين، بما في ذلك الغماري، “يربك جداول العمليات والاتصالات ويؤثر على التنسيق بين الوحدات الميدانية ومراكز الدعم اللوجستي”، وهو ما لوحظ عقب الضربة المميتة لحكومة الانقلاب.
ورأى أن مليشيات الحوثي “ليست تنظيمًا هرميًا بسيطًا يمكن القضاء عليه بضربة واحدة، فهناك بُنى احتياطية وقادة ثانويون”، مؤكدًا أن “الضربة أصابت قلب الجهاز القيادي، مما قد يُضعف التخطيط الاستراتيجي للجماعة”.
-
الضغوط تتصاعد.. الحوثيون يحققون داخليًا بعد اختراقات إسرائيلية
-
التحالف المظلم.. الإخوان والحوثي يتحدان ضد الجنوب اليمني
وعن أسباب تأخّر مليشيات الحوثي في إعلان مقتل الغماري. أشار المجاهد إلى “أسباب عملية ونفسية وإعلامية متداخلة، كون الإعلان المبكر عن مقتل قائد عسكري رفيع قد يفضح شبكات اتصالاته ومصادر معلوماته ويكشف عن ثغرات استخباراتية”.
وتوقّع الباحث اليمني وجود قادة آخرين “قُتلوا بجانب الغماري. كون الضربات استهدفت تجمعات قيادية ومقار محصّنة للمليشيات”، مؤكدًا أن تكتم الحوثيين كان بهدف إدارة الصدمة داخليًا.
-
أبين تتحول إلى مقبرة للمخططات الحوثية بعد كشف شبكة سرية
-
تصعيد خطير.. عشرات القتلى والجرحى في قصف إسرائيلي على الحوثيين
انكشاف أمني
من جانبه، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني إن “إقرار مليشيات الحوثي بمصرع قائد جناحها العسكري المدعو محمد عبدالكريم الغماري.يفضح حجم الانكشاف الأمني والخلل القيادي الذي تعيشه”.
وأكد الإرياني في بيان أن “الاعتراف المتأخر والاستمرار في إخفاء أسماء قيادية أخرى. يكشف منهجية مليشيات الحوثي في إدارة خسائرها بالتكتم لحماية ما تبقى من معنوياتها المتهاوية”، ويعكس تخبّطها وارتباكها وتضارب رسائلها وإدارتها الفوضوية للمشهد السياسي.
وأوضح أن “المليشيات تبدو في حالة انهيار متسارع، تتخبّط في قراراتها، وتتصارع أجنحتها. وتفقد السيطرة على خطابها، فيما تتكشف أوراقها أمام الداخل والخارج”.
وأشار إلى وجود “مؤشرات قوية على أن العدّ التنازلي لتآكل مشروع الحوثي قد بدأ فعليًا. وأن الأيام والأسابيع القادمة كفيلة بكشف ما حاولت المليشيات جاهدة إخفاءه من خسائر وهشاشة بنيوية”.