إسرائيل تُنذر سكان غزة بمهلة 48 ساعة قبل التصعيد

أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء فتح طريق إضافي لمدة 48 ساعة يمكن للفلسطينيين استخدامه لمغادرة مدينة غزة فيما يكثف جهوده لإخلاء المدينة من المدنيين ومواجهة الآلاف من مقاتلي حركة حماس.
ويلوذ مئات الألوف من السكان بالمدينة، ويحجم كثيرون عن الانصياع لأوامر إسرائيل بالتحرك جنوبا بسبب المخاطر على امتداد الطريق والظروف الصعبة ونقص الغذاء في المنطقة الجنوبية والخوف من النزوح الدائم.
وقال معلم يدعى أحمد في اتصال هاتفي “حتى لو بدنا ننزح من غزة، هل في أي ضمانة أنه راح نقدر نرجع لها تاني؟ هل ممكن الحرب تنتهي؟ مشان هيك أنا بفضل أموت هنا في الصبرة الحي تبعي”.
وقالت السلطات الصحية المحلية إن 40 شخصا على الأقل قتلوا اليوم بأنحاء القطاع في أحدث غارات إسرائيلية، منهم 30 في مدينة غزة. وأضافت أن هجوما بطائرة مسيرة استهدف مستشفى للأطفال دون أن يتسبب في وقوع إصابات، لكنه أجبر الأطفال المرضى وعائلاتهم على الخروج.
وتشير تقديرات إسرائيل إلى أن 400 ألف شخص، أو 40 بالمئة ممن كانوا في مدينة غزة في العاشر من أغسطس/آب حين أعلنت خططها للسيطرة على المدينة غادروها الآن. ويقول المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن 190 ألفا توجهوا للجنوب و350 ألفا اتجهوا لمناطق في وسط المدينة ووسطها.
وبعد يوم من إعلان إسرائيل بدء هجوم بري للسيطرة على المركز الحضري الرئيسي في غزة، تقدمت الدبابات لمسافات قصيرة باتجاه المناطق الوسطى والغربية للمدينة من ثلاثة اتجاهات، لكن لم ترد أنباء عن تقدم كبير.
وقال مسؤول إسرائيلي إن العمليات العسكرية تركز على دفع المدنيين للتوجه جنوبا وإن من المتوقع أن تدور معارك ضارية خلال الشهر أو الشهرين المقبلين.
وأضاف المسؤول أن إسرائيل تتوقع بقاء نحو 100 ألف مدني في المدينة وأن تستغرق السيطرة عليها شهورا مع احتمال تعليق العملية إذا تسنى التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع حركة حماس.
واحتمالات وقف إطلاق النار بعيدة على ما يبدو بعد هجوم إسرائيل في الآونة الأخيرة على القيادات السياسية لحماس في الدوحة، مما أثار غضب قطر، الوسيط المشارك في محادثات وقف إطلاق النار.

وفي تحد للانتقادات العالمية للهجوم، بما في ذلك توبيخ الولايات المتحدة، حليف إسرائيل القوي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستستهدف قيادات حماس أينما كانوا.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال زيارته للدوحة الثلاثاء إن وقف إطلاق النار يمكن أن يتحقق خلال “فترة زمنية قصيرة جدا”، في إشارة على ما يبدو إلى خطط إسرائيل المعلنة لسحق حماس في غزة.
وقالت وزارة الصحة التي تديرها حكومة حماس إن طائرة مُسيرة إسرائيلية ألقت قنابل على أحد طوابق مستشفى الرنتيسي للأطفال الأربعاء. ولم ترد تقارير عن إصابات، لكن الوزارة قالت إن نحو 40 عائلة أخذت أطفالها.
وقالت فكر شلتوت، مديرة المكتب المعني بقطاع غزة في مؤسسة (العون الطبي للفلسطينيين)، ومقرها بريطانيا “هذا المستشفى هو المرفق التخصصي الوحيد للأطفال المصابين بالسرطان والفشل الكلوي وغيرها من الحالات التي تُهدد الحياة، ولكن حتى هؤلاء الأطفال الذين يعانون من أمراض خطيرة لا يسلمون من القصف المتواصل”.
وقال الجيش الإسرائيلي في منشورات أسقطها جوا على مدينة غزة إن بمقدور الفلسطينيين التوجه عبر شارع صلاح الدين بعد معاودة فتحه للهروب صوب الجنوب، مضيفا أن أمامهم فرصة حتى ظهر يوم الجمعة للقيام بذلك.
وجاء في المنشور “إعلان مهم إلى سكان مدينة غزة وأحيائها، يعلن جيش الدفاع أنه ومن أجل تسهيل الانتقال جنوبا يتم فتح مسار انتقال مؤقت عبر شارع صلاح الدين سيتاح لكم الانتقال عبر شارع صلاح الدين وثم مواصلة التحرك جنوبا من وادي غزة”.
وأضاف المنشور “في هذه المرحلة، سيتاح الانتقال عبر هذا المسار لمدة 48 ساعة، ابتداء من اليوم (الأربعاء) في تمام الساعة 12:00 وحتى يوم الجمعة الساعة 12:00، …. يجب الانتقال فقط عبر الشوارع المحددة باللون الأصفر على الخريطة كمسار للانتقال جنوبا. التزموا تعليمات قوات الأمن وإشارات المرور”.
لكن الوضع ظل فوضويا وخطيرا على المدنيين الذين حاولوا الفرار في الأيام القليلة الماضية سيرا على الأقدام أو على عربات تجرها الحمير أو في مركبات.
وتعرضت أغلب المناطق في مدينة غزة للدمار في بداية الحرب في 2023، لكن نحو مليون فلسطيني عادوا إلى هناك لمنازلهم المدمرة وسط الأنقاض. وسيعني إجبارهم على الخروج حصر أغلب سكان القطاع المكتظ في مخيمات في الجنوب تتكشف فيها أزمة جوع طاحنة.
ونددت الأمم المتحدة ووكالات إغاثة وحكومات أجنبية بالهجوم الإسرائيلي وما يترتب عليه من نزوح جماعي.
وفيما يتعلق بالحرب في غزة عموما، خلصت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة الثلاثاء إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في قطاع غزة. وتصف إسرائيل تلك النتيجة بأنها “شائنة” و”مزيفة”.
وتسيطر قوات إسرائيلية على الضواحي الشرقية لمدينة غزة وتقصف ثلاث مناطق في الجنوب الشرقي والشمال والشمال الغربي على ساحل المدينة حيث تتقدم الدبابات إلى وسطها وغربها.
وقال أحمد “غزة عماله بتنمسح، المدينة إللي عمرها آلاف السنين بتنمسح على مرأى من كل العالم الجبان”.
وفي مخيم النصيرات وسط القطاع، دمرت غارة جوية بناية متعددة الطوابق اليوم الأربعاء مما دفع السكان في بنايات قريبة للفرار في هلع.
ويقول فلسطينيون ومسؤولون في الأمم المتحدة إنه ليس هناك مكان آمن في القطاع بما في ذلك المنطقة الجنوبية التي حددت إسرائيل أنها “منطقة إنسانية”. وأودت ضربة جوية الثلاثاء بحياة خمسة في مركبة وهم يغادرون مدينة غزة صوب الجنوب.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الذي تديره حركة حماس إن إسرائيل دمرت نحو 1600 مبنى سكني كليا أو جزئيا منذ العاشر من أغسطس/ آب عندما أعلن نتنياهو نية إسرائيل السيطرة الكاملة على القطاع.
وأضاف أن القوات الإسرائيلية دمرت أيضا 13 ألف خيمة في مدينة غزة كانت تؤوي نازحين.
وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن الهجوم الذي قادته حركة حماس على إسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أدى إلى مقتل 1200 واحتجاز 251 رهينة.
أما سلطات الصحة في قطاع غزة فتقول إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ ذلك الحين أودت بحياة أكثر من 64 ألفا.