سياسة

الهجوم على قطر يخلط الأوراق الدبلوماسية ويعقّد مسار التطبيع


ينذر قصف إسرائيل لقطر الأسبوع الماضي بصدع جديد مع الدول العربية التي تشارك في قمة عربية إسلامية طارئة اليوم الاثنين لبحث الهجوم، مما يفتح فصلا جديدا في تاريخ شائك منذ إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948، ما بين حروب متكررة وفترات من السلام الفاتر.

وتتشابك علاقات إسرائيل مع بعض الدول العربية الكبرى، التي تشوب علاقتها بالقيادات الفلسطينية بعض المشاكل أيضا على مر السنين، الأمر الذي زاد من صعوبة المساعي الرامية إلى تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط:

وخاضت إسرائيل ومصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، حروبا في أعوام 1948 و1956 و1967 و1973، لكن القاهرة أبرمت أول معاهدة سلام بين دولة عربية والدولة العبرية عام 1978 في كامب ديفيد، وبعد ذلك بثلاث سنوات اُغتيل الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي أبرم المعاهدة.

وتشير استطلاعات رأي إلى أن معاهدة السلام لا تحظى بشعبية كبيرة بين المصريين، لكنها صارت ركيزة مستمرة لسياسات القاهرة الخارجية والأمنية وحاسمة أيضا في علاقتها بالولايات المتحدة. وتتعاون إسرائيل ومصر في قطاع النفط والغاز، ولكن حجم التبادل التجاري بينهما قليل في القطاعات الأخرى.

وقوبلت تعليقات سياسيين إسرائيليين وأميركيين تشير إلى ضرورة نقل جزء من سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء في مصر بتنديد شديد من القاهرة.

أما الأردن فهو البلد العربي الثاني الذي أبرم اتفاقية سلام مع إسرائيل في عام 1994، والدولة العربية الأكثر قربا من الفلسطينيين الذين يشكلون أكثر من نصف سكان المملكة، وكثير منهم أحفاد اللاجئين الذين فروا أو تم تهجيرهم من الأراضي الفلسطينية عند قيام دولة إسرائيل عام 1948.

وسيطرت عمان على الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ عام 1948 حتى استولت إسرائيل على الأراضي الفلسطينية واحتلتها في حرب 1967. ويتولى الأردن الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس منذ عام 1924.

ومثل الحال مع مصر، فإن اتفاقية السلام مع إسرائيل ركيزة لنهج الأردن فيما يتعلق بالأمن والسياسة الخارجية وعنصر أساسي في العلاقات مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الغضب من معاملة إسرائيل للفلسطينيين منتشر على نطاق واسع في المملكة، وزادت من حدته الحرب في غزة.

وكانت الإمارات من أوائل الدول التي وافقت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في إطار “اتفاقات إبراهيم” التي أبرمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2020.

وسمح الاتفاق لأبوظبي والدولة العبرية بالتنسيق بشكل أوثق فيما يتعلق بما اعتبرته كلتاهما تهديدات من إيران الشيعية والجماعات الإسلامية السنية، واعتبرت الإمارات أن الاتفاقية تعزز اقتصاد البلاد ودورها الإقليمي.

ومع ذلك، قالت أبوظبي مرارا إن التطبيع يهدف إلى دفع هدف إقامة دولة فلسطينية، وهو أمر واجه تحديات متزايدة بسبب الحرب في غزة وتسارع بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

لكن الغارة الجوية التي شنتها إسرائيل على قطر، وهي دولة مجاورة وعضو في مجلس التعاون الخليجي، تُدخل الآن علاقة إسرائيل مع الإمارات إلى منطقة مجهولة المعالم.

بدورها حذت مملكة البحرين حذو الإمارات في تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد فترة وجيزة. ووافقت الرباط، التي كانت لها علاقات مع تل أبيب بالفعل، على توطيدها في إطار اتفاقات إبراهيم مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادته على إقليم الصحراء المغربية المتنازع عليه. وأصبح السودان رابع دولة تنضم إلى الاتفاقات، لكن لم يسعفه الوقت للشروع في تطبيع العلاقات بسبب الانزلاق إلى الحرب الأهلية.

وتطرح السعودية نفسها دوما كمدافعة عن القضية الفلسطينية ولكنها أبقت الباب مفتوحا على مدى عقود من الزمن أمام إقامة علاقات مستقبلية مع إسرائيل.

وفي عام 2000، استقطبت الرياض دولا عربية أخرى للموافقة على مبادرة السلام العربية التي تعرض التطبيع الكامل مع إسرائيل مقابل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية بدا أنها تتجه نحو اللحاق بالإمارات والبحرين والمشاركة في اتفاقات إبراهيم، لكن الحرب في غزة والضربات الإسرائيلية على قطر حليفة الخليج جعلت هذا الاحتمال مستبعدا أكثر من أي وقت مضى.

واستولت إسرائيل على جزء كبير من هضبة الجولان السورية خلال حرب 1967 وأعلنت ضم المنطقة في عام 1981. وفي ظل حكم عائلة الأسد، حليفة إيران العدو الإقليمي اللدود لإسرائيل، ظلت العلاقة بين البلدين علاقة عداء صريح.

وخلال الحرب الأهلية في سوريا، قصفت إسرائيل مرارا أهدافا مرتبطة بإيران في الأراضي السورية. وبعد الإطاحة بعائلة الأسد في ديسمبر/كانون الأول، كثفت إسرائيل من ضرباتها على الأصول العسكرية السورية، واستولت على جبل الشيخ ونقلت قواتها إلى جنوب سوريا.

ويعتبر لبنان حاضنة للكثير من اللاجئين الفلسطينيين وكان يستضيف منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1970. وسبق لإسرائيل أن اشتبكت مرارا مع منظمة التحرير الفلسطينية واجتاحت لبنان لمحاربته في عامي 1978 و1982، واحتلت جنوب البلاد حتى عام 1990.

وبرزت جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران كعدو رئيسي لإسرائيل على حدودها. وأدت مواجهة العام الماضي، التي اندلعت بسبب الحرب في غزة، إلى انتكاسات كبيرة للحزب والتوصل إلى اتفاق هش لوقف إطلاق النار بين الجانبين.

ودمرت إسرائيل المفاعل النووي العراقي في ضربة جوية عام 1981. ومنذ بدء الحرب في غزة، استهدفت الجماعات المتحالفة مع إيران عدة مرات داخل العراق.

وفي اليمن حاولت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران مهاجمة إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة منذ عام 2023 بسبب الحرب في غزة. واستهدفت الدولة العبرية قادة الحوثيين ومواقع عسكرية تابعة لهم بغارات جوية.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى