الميكروبيوم المعوي تحت المجهر.. سر تأخر النمو عند الصغار

كشفت أبحاث حديثة أن تأخر نمو الأطفال قد يكون مرتبطاً بخلل في أمعائهم، حيث يأكل بعض الأطفال حتى الشبع ويبدون في الظاهر بتمام الصحة، لكن نموهم يتعثر.
ويؤثر الجوع على ما بين 638 و720 مليون شخص حول العالم، ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، نُشر في 28 يوليو/تموز 2025 يدفع الأطفال الثمن الأكبر، حيث يظل سوء التغذية سببًا رئيسيًا للوفاة بين الأطفال دون سن الخامسة، وقد يعاني الناجون من تقزم النمو، أو صعوبات تعليمية، أو مشاكل صحية طويلة الأمد، وفق تقرير لموقع “فوتورا سيونس” الفرنسي المتخصص.
وقال التقرير إنه “في مواجهة هذه الآفة العالمية، يستكشف العلماء سبلًا جديدة، وأحدها مخفي… في أمعائنا. يبدو أن الميكروبيوم المعوي – مجموعة البكتيريا والكائنات الدقيقة التي تعيش في جهازنا الهضمي – يلعب دورًا رئيسيًا في تأخر النمو لدى الأطفال.
ويعرف الباحثون منذ عدة سنوات أن ميكروبات الأمعاء لها تأثير على التغذية. وفي عام 2013، أجرى فريق دولي بقيادة مارك ماناري، الأستاذ في جامعة واشنطن، تجربةً بارزةً. أخذ الباحثون عينات من ميكروبات الأطفال الملاويين، بعضهم يعاني من سوء تغذية حاد والبعض الآخر لا يعاني.
وزرع الباحثون هذه البكتيريا المعوية في فئران مختبرية وأطعموا الحيوانات نظامًا غذائيًا مشابهًا لنظام الأطفال، والنتيجة: فقدت الفئران التي تغذت على ميكروبات الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وزنًا أيضًا وأظهرت اضطرابات في النمو. ونُشر هذا العمل في مجلة “ساينس”.
وفي الدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة Cell في سبتمبر 2025، تابع باحثون من معهد سالك في لا جولا، بالتعاون مع علماء من جامعة واشنطن وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، ثمانية أطفال من ملاوي، وهي دولة يُعاني ثلث أطفالها تقريبًا من التقزم، وحلل الباحثون برازهم لمدة عام تقريبًا لمراقبة تطور البكتيريا المعوية لديهم ونموها.
وباستخدام تقنية تسلسل الحمض النووي المتطورة للغاية، تمكن الفريق من إعادة بناء 986 جينومًا ميكروبيًا كاملًا، بما في ذلك بعض الجينومات التي اكتُشفت لأول مرة.
ويوضح جيريمياه مينيتش، المؤلف الرئيسي للدراسة: “لقد وجدنا عملية القراءة المطولة الأكثر كفاءة ودقة وفعالية من حيث التكلفة، وطبقناها لتحليل عينات بشرية تفوق ما تم تحليله سابقًا بعشرة إلى عشرين ضعفًا، مما يوفر لنا موردًا جينوميًا بالغ الأهمية لسوء التغذية”.