بعد انتقاده للضربات الأمريكية على طهران.. إقالة مفاجئة لمدير الاستخبارات

أقال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، مدير وكالة استخبارات الدفاع الجنرال جيفري كروس، الذي أعد التقرير الداخلي حول الهجمات الأميركية على إيران، على أفادت صحيفة “واشنطن بوست”.
وذكرت الصحيفة، الجمعة، نقلا عن مصدرين تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما، أن الإقالة جاءت عقب تقرير للوكالة حول الضربات العسكرية الأميركية على مواقع نووية إيرانية، أفاد بأنها “لم تُدمّر البنية الأساسية للبرنامج النووي الإيراني بل أخرته لأشهر قليلة فقط”.
وهذا التقييم الاستخباراتي يتعارض بشكل مباشر مع المزاعم العلنية التي أطلقها كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اللذين أكدا أن الضربات قد دمرت القدرة النووية الإيرانية بشكل كامل.
وأوضح المصدران، أن التبرير الرسمي للإقالة جاء تحت عبارة “فقدان الثقة”، وأن هيغسيث، أكد أن “كروس، لن يشغل منصب مدير وكالة استخبارات الدفاع بعد الآن”.
ويأتي هذا القرار بعد عدة أشهر من تسريب تفاصيل التقييم الأولي لوكالة الاستخبارات الدفاعية (الذراع الرئيسة لوزارة الدفاع الأميركية في مجال الاستخبارات) إلى وسائل الإعلام، مما أثار غضبا في الإدارة الأميركية.
وأعلن هيغسيث في يونيو الماضي فتح تحقيق في تسريب تقرير أولي أعدته وكالة استخبارات الدفاع للبنتاغون، إلى وسائل الإعلام بشأن الهجمات الأميركية على إيران.
وأشار في تصريحاته، إلى التقارير الإعلامية حول تسريب التقرير الاستخباراتي، الذي وصفه بأنه “سري للغاية”، كانت “ذات دوافع سياسية”
كما أكد هيغسيث أن الضربات الجوية الأميركية قد دمرت القدرة النووية الإيرانية، في تناقض واضح مع نتائج التقرير الذي أعدته وكالة تابعة لوزارته.
وفي 13 يونيو الماضي، اندلعت مواجهات متبادلة غير مسبوقة بين إسرائيل وإيران استمرت 12 يوما، حيث ضربت إسرائيل مواقع عسكرية ونووية ومنصات إطلاق صواريخ، فضلا عن اغتيال قادة عسكريين كبار وعلماء نوويين أيضا، وردت إيران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ بالستية وطائرات مسيّرة.
وأدت الحرب إلى تدخل أميركي في الصراع، إذ شنت الولايات المتحدة غارات وهجمات على 3 منشآت نووية، طالت منشأة فوردو ونطنز وأصفهان في 22 يونيو الماضي، لترد طهران بقصف قاعدة “العديد” العسكرية الأميركية بقطر، من دون تسجيل أي إصابات، قبل أن يعلن ترامب بعد ساعات وبشكل مفاجئ وقفا لإطلاق النار بين تل أبيب وطهران.
وهذه الإقالة ليست حادثة منفردة، بل هي جزء من نمط متكرر في عهد وزير الدفاع هيغسيث، فقد انضم كروس إلى قائمة متزايدة من كبار القادة العسكريين الذين تم إعفاؤهم من مناصبهم، بمن فيهم رئيس هيئة الأركان المشتركة، والجنرال الذي ترأس وكالة الأمن القومي وقيادة الأمن السيبراني الأميركية، وقائد البحرية الأميركية، وقائد خفر السواحل الأميركي.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن البنتاغون أن قائد سلاح الجو الأميركي، الجنرال ديفيد ألفين، يعتزم التقاعد قبل موعده بسنتين. كما أعلن مكتب مديرة الاستخبارات الوطنية – التي تقوم بتنسيق أعمال 18 وكالة استخبارات، بما فيها وكالة استخبارات الدفاع – عن خفض عدد موظفيها وميزانيتها.
هذا النمط من التغييرات القيادية يشير إلى وجود توترات داخلية وتضارب في وجهات النظر داخل المؤسسة العسكرية والاستخباراتية الأميركية، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الملف الإيراني.
وفي ظل الغموض والتضارب الذي يكتنف حجم الأضرار الفعلية التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية، حيث تكتفي طهران بالقول إنها “تضررت بشدة” دون تقديم إيضاحات، بينما تؤكد واشنطن وتل أبيب أن البرنامج قد دُمر وتأخر لسنوات، تظل إقالة الجنرال كروس مؤشرا قويا على الخلافات العميقة بين الرؤية السياسية المعلنة والتقييمات الاستخباراتية الواقعية.
وتطرح هذه الأحداث تساؤلات جدية حول مدى تأثير الضغوط السياسية على عمل الأجهزة الاستخباراتية وتوجيه تقاريرها، ومدى شفافية المعلومات التي يتم تداولها مع الرأي العام حول القضايا الأمنية الحساسة.