أنشطة جديدة في فوردو.. إيران تُعدّل مسار برنامجها النووي؟

كشفت صور الأقمار الصناعية الحديثة عن استمرار النشاط في موقع فوردو النووي الإيراني، رغم الضربات الأمريكية التي استهدفته الشهر الماضي.
وقد أظهرت الصور التي التقطتها شركة “ماكسار” (Maxar) وجود طريق جديد يلتف صعوداً على الجبل المؤدي إلى المنشأة، بالإضافة إلى حفارات وجرافات ومعدات ثقيلة تعمل بالقرب من الحفر التي خلفتها القنابل الخارقة للتحصينات.
وتوضح هذه الصور أن إيران بدأت بالفعل في تنفيذ أعمال إصلاح واسعة، مع وجود فرق عمل ومركبات متخصصة في الموقع، ما يشير إلى جهود لإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة.
فعالية الضربات الأمريكية
في 22 يونيو/حزيران 2025، نفذت قاذفات أمريكية من طراز B-2 هجوماً جوياً مكثفاً على منشآت نووية إيرانية رئيسية، من بينها فوردو ونطنز وأصفهان، مستخدمة قنابل خارقة للتحصينات من طراز جي بي يو-57 ( GBU-57)، والتي صممت لاختراق التحصينات الجبلية العميقة.
ورغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الضربات “دمرت” هذه المواقع بالكامل، إلا أن صور الأقمار الصناعية وتحليلات الخبراء تشير إلى أن الأضرار كانت كبيرة لكنها لم تكن قاضية، إذ لا تزال هناك مؤشرات واضحة على استمرار العمل في الموقع، وبدء عمليات إصلاح وإعادة بناء.
تقييم الأضرار والقدرة على التعافي
تظهر الصور وجود حفارات ورافعات تعمل عند مداخل الحفر الناتجة عن القصف، بالإضافة إلى شاحنات يُعتقد أنها تُستخدم لنقل الأنقاض. كما لوحظ إنشاء طرق جديدة للوصول إلى المناطق المتضررة، ما يعكس محاولة إيرانية سريعة لاستعادة القدرات التشغيلية للموقع.
ووفقاً لتحليل معهد العلوم والأمن الدولي، فإن هذه التحركات قد تهدف إلى تقييم الأضرار أو إدخال معدات وأفراد لإصلاح الأنفاق والمنشآت تحت الأرض.
التهديد النووي الإيراني ومستقبل البرنامج
بدوره، أشار وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسِث إلى صعوبة تقييم الأضرار دون زيارة الموقع، بينما أكد الصحفي شايان سردارزاده من BBC Verify أن الصور الحديثة تظهر حفارات تعمل قرب مواقع الضربات.
كما لخص الخبير النووي ريتشارد نيفيو الموقف بالقول: “إذا عثر الإيرانيون على أي معدات سليمة تحت الأنقاض، فهذا يدحض ادعاءات التدمير الكامل”.
ويرى بعض الخبراء أن القيادة الإيرانية باتت أكثر جرأة بعد الضربات، إذ يمكنها تشغيل عدد محدود من أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتخصيب كميات كافية من اليورانيوم بنسبة تصل إلى 90 بالمائة خلال أسابيع، وهي كمية تكفي لصنع قنبلة نووية بدائية دون الحاجة إلى اختبار أو إطلاق صاروخي، بل يمكن نقلها سراً عبر شاحنة أو حاوية.
ويؤكد محللون أن استمرار النشاط في فوردو يعكس استراتيجية إيرانية قائمة على التحدي والاستمرارية، رغم الضغوط الدولية والتصعيد العسكري.
كما لا تزال هناك تساؤلات حول مصير أجهزة الطرد المركزي ومخزون اليورانيوم عالي التخصيب، إذ يُحتمل أن تكون إيران قد نقلت هذه المعدات قبل الضربة الأمريكية، ما يسمح لها باستئناف برنامجها النووي بسرعة نسبية. كما أشار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران قد تتمكن من إعادة تشغيل عدد كافٍ من أجهزة الطرد المركزي خلال أشهر قليلة فقط.