ضربات بلا تورط.. عقيدة ترامب تُعيد رسم تدخلات أمريكا

عندما أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقصف مواقع نووية إيرانية يوم الأحد بقاذفات بي-2، تجاوز تردده المعتاد في استخدام القوة العسكرية، ليجر الولايات المتحدة مباشرة إلى حرب خارجية ويثير قلق العديد من مؤيديه من أنصار مبدأ “أمريكا أولا”.
ويقول نائب الرئيس جي.دي فانس إن هناك اسما لطريقة التفكير الكامنة وراء القرار وهو “عقيدة ترامب“.
وحدد فانس عناصرها في تصريحات أدلى بها يوم الثلاثاء وهي التعبير عن مصلحة أمريكية واضحة، ومحاولة حل المشكلة عبر الدبلوماسية، وإذا فشل ذلك، فعليك “استخدام القوة العسكرية الساحقة لحلها، ثم اخرج من هناك قبل أن يتحول الأمر إلى صراع طويل الأمد”.
ولكن تبدو العقيدة الجديدة بالنسبة لبعض المراقبين محاولة لتقديم إطار عمل منظم لوصف سياسة خارجية تبدو في كثير من الأحيان متباينة وغير متوقعة.
-
مبادرات إيرانية مغرية لترامب.. الاستثمار مقابل تخفيف العقوبات
-
إيران تستبق زيارة ترامب بخطوات دبلوماسية في السعودية وقطر
وقال المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر، وهو باحث كبير في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، “من الصعب بالنسبة لي أن أتعامل بجدية مع شيء يسمى عقيدة ترامب“.
وأضاف “لا أعتقد أن ترامب لديه عقيدة. أعتقد أن ترامب يتبع حدسه وحسب”.
جاء قرار ترامب بالتدخل في الصراع بين إسرائيل وإيران بعدما قال مرشد إيران علي خامنئي إن طهران لن تتخلى عن قدرتها على تخصيب اليورانيوم. وبعد فترة وجيزة من القصف الأمريكي، أعلن ترامب عن وقف لإطلاق النار صمد في الغالب.
-
ترامب يراهن على اتفاق نووي جديد مع إيران وعلاقات جديدة بين السعودية وإسرائيل
-
النووي الإيراني يعود للواجهة.. وترامب يبحث عن اختراق سياسي
وأمس الأربعاء، تعهد ترامب مجددا بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي وقال إن المحادثات مع طهران ستستأنف الأسبوع المقبل. وتقول إيران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي ردا على طلب للتعليق “الرئيس ترامب ونائب الرئيس فانس هما الفريق المثالي لأنهما يتشاركان نفس رؤية ‘السلام من خلال القوة’ للسياسة الخارجية”.
مخاوف الأمريكيين
يواجه ترامب ضغوطا لتفسير قراره بالتدخل في الصراع الإسرائيلي الإيراني. وكان فانس، الذي عبر في السابق عن تأييده لسياسة الانعزال، بمثابة أحد المبعوثين الرئيسيين للإدارة في هذه القضية.
-
من الجو.. ترامب يُعلن جاهزيته ويهدد إيران برد قاسٍ
-
إدارة ترامب تبرر القصف الإيراني.. وملف سري يثير الجدل حول النتائج
ومما ساعد ترامب في كسب أصوات الناخبين قوله إن الحروب “الغبية” التي قادتها واشنطن في العراق وأفغانستان أغرقت الولايات المتحدة في مستنقع، وإنه سيعمل على تجنب الدخول في ورطات خارجية.
والتزم بهذا التعهد في الغالب، مع بعض الاستثناءات تمثلت في استخدام القوة ضد الحوثيين الذين كانوا يشنون هجمات من اليمن هذا العام، وأوامره بقتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في عام 2019 والقيادي بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في يناير/كانون الثاني 2020.
لكن احتمال انجرار الولايات المتحدة إلى صراع طويل الأمد مع إيران أغضب الكثيرين في الجناح الانعزالي بالحزب الجمهوري، بمن فيهم مؤيدون بارزون لترامب مثل الخبير الاستراتيجي ستيف بانون والإعلامي المحافظ تاكر كارلسون.
-
الضغوط تفرمل التصعيد.. ترامب يعيد حساباته في الملف الإيراني
-
إيران تسعى للتوصل إلى اتفاق نووي قبل نفاد صبر ترامب
وتعكس استطلاعات الرأي أيضا قلقا بالغا بين الأمريكيين بشأن ما قد يأتي بعد ذلك.
فقد عبر نحو 79 بالمئة من الأمريكيين الذين شملهم استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس وانتهى يوم الإثنين عن قلقهم “من احتمال استهداف إيران للمدنيين الأمريكيين ردا على الغارات الجوية الأمريكية”.
وقالت ميلاني سيسون وهي باحثة كبيرة في السياسة الخارجية في معهد بروكينجز إن فانس يحاول على ما يبدو إرضاء الجناح اليميني لترامب من خلال “محاولة معرفة طريقة شرح كيف ولماذا يمكن للإدارة الأمريكية تنفيذ عمل عسكري دون أن يكون ذلك تمهيدا لحرب”.
-
ترامب محاصر بالآراء المتضاربة.. ماذا بعد الاجتماعات السرية حول إيران؟
-
مخاوف إيرانية متزايدة: ترامب سيقصفنا إذا فشلت المحادثات النووية
وبالنسبة للبعض، تبدو “عقيدة ترامب” التي طرحها فانس حقيقية.
وقال كليفورد ماي مؤسس ورئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، وهي مؤسسة بحثية “قدم فانس ملخصا دقيقا لنهج الرئيس ترامب خلال الأيام القليلة الماضية تجاه الصراع في الشرق الأوسط”.
وأضاف “قد يعتقد معظم المحللين الخارجيين، وبالتأكيد معظم المؤرخين، أن مصطلح ‘عقيدة’ قاصر. ولكن إذا ما بنى الرئيس ترامب على هذا الاستخدام الناجح للقوة الأمريكية. فستكون تلك عقيدة مروعة يتباهى بها الرئيس ترامب“.
ومع ذلك، فإن استمرار إطار العمل الجديد سيعتمد على الأرجح على كيفية انتهاء الصراع الحالي.
وقالت ريبيكا ليسنر الخبيرة في مجلس العلاقات الخارجية إن من السابق لأوانه “إعلان أن هذا كان نجاحا باهرا أو أنه كان فشلا استراتيجيا ذريعا”.
وأضافت “نحن بحاجة إلى أن نرى كيف ستمضي الدبلوماسية .وإلى أين سنصل في الواقع من حيث تقييد ووضوح وبقاء البرنامج النووي الإيراني”.