باب المندب في خطر: تمدد الحوثي في الصومال يثير قلقًا إقليميًا

من جديد، تُثبت مليشيات الحوثي علاقتها المشبوهة العابرة مع التنظيمات الإرهابية داخل البلاد وخارجها، في تمدد أصبح يزعزع أمن المنطقة.
علاقات مشبوهة وتمدد أكدتهما، منذ سنوات، الحكومة اليمنية والكيانات السياسية المنضوية في إطارها، وعززتهما مؤخرًا تقارير الخبراء الأمميين وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
كما أكدته اعترافات عدد من المجندين الحوثيين الذين اعتقلتهم المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، وسخّرتهم المليشيات للإبحار والتنقل بين مناطق داخل اليمن (تنظيم القاعدة) وأخرى في الصومال (حركة الشباب)، لنقل معدات وأجهزة استخباراتية ولوجستية للتنظيمات الإرهابية هناك.
مؤشرات صادمة على تنسيق إرهابي يشمل ضفتي البحر الأحمر، وتقوده مليشيات الحوثي التي تعمل على التشبيك بين التنظيمات المتطرفة داخل اليمن، وتستغلها لتنفيذ تهديداتها بحق اليمنيين، وبحق الملاحة الدولية في باب المندب والبحر الأحمر.
تغلغل مكشوف في الصومال
ولم يعد التغلغل الحوثي في القرن الأفريقي، وخاصة الصومال، خافيًا على أحد، إذ سبق أن حدد تقرير لمركز PTOC اليمني للدراسات الاستقصائية قائمة بالشخصيات التي تم تجنيدها لصالح المليشيات وإيران في سبيل التمدد في الصومال.
ووفقًا للتقرير فإن مليشيات الحوثي عملت على تجنيد عناصر صومالية متواجدة في صنعاء وأخرى في الصومال بهدف التمدد في القرن الأفريقي وجمع المعلومات حول الأنشطة العسكرية والتجارية في البحر الأحمر وخليج عدن.
ومن بين هذه الشخصيات، يوسف محمد مقان حسين (صومالي يتبع جالية أوجادين)، وهو همزة وصل بين الحوثيين وحركة الشباب، بالإضافة إلى رئيس الجالية الصومالية في مناطق الانقلابيين، إبراهيم عبدالقادر معلم، الذي يعمل كحلقة وصل مهمة للحوثيين وحركة الشباب الصومالية.
كذلك حدد التقرير اسم مندوب جالية أوجادين في صنعاء، محمود عبدالله غيلي، ونور الدين عبدالصمد بكر، المعني بالحشد لصالح المليشيات في الفعاليات، والذي تربطه علاقات بعناصر التهريب.
كما أكد التقرير عمل شخصيتين، هما محمد نور أذن ومحمد صالح سعيد، في الارتباط المباشر بالقراصنة وحركة الشباب الصومالية، والعمل لصالح الحوثيين بهدف التأثير على السياسات الداخلية للصومال.
وأشار التقرير إلى أن هدف التغلغل الحوثي في الصومال يكمن في «تأمين خطوط التهريب، وضمان تدفق الأسلحة، واستخدام الصومال كقاعدة لشن هجمات على السفن التجارية، ودعم حلفاء إيران كحركة الشباب لنشر الإرهاب والفوضى».
تطويق باب المندب والبحر الأحمر
تعليقًا على هذه المعلومات، يؤكد الباحث السياسي اليمني يعقوب السفياني أن العلاقة بين الحوثيين وحركة الشباب في الصومال ليست مستغربة، وقد كشفها تقرير فريق الخبراء في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، لعام 2024.
واعتبر السفياني العلاقة بين الحوثيين وحركة الشباب «متسقة ومترابطة»، مشيرًا إلى أن هناك تحالفًا قائمًا أصلاً بين الحوثيين وفروع تنظيم القاعدة في المنطقة.
وتطرق السفياني إلى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أكدت هذه العلاقة ووثقتها بالأدلة، بالإضافة إلى مندوبي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في جلسة سابقة لمجلس الأمن، حيث أشار الجميع إلى خطر هذا التحالف.
واعتبر الباحث اليمني أن هذا التحالف يجمع بين نقيضين، إذ يجمع بين مجموعات «سنية» متطرفة ومجموعة محسوبة على «التيار الشيعي»، لكن تجمعهم الأهداف والأعداء.
ولفت إلى أن المليشيات والتنظيمات الإرهابية «ترحّل خلافاتها الأيديولوجية وتؤجلها إلى مرحلة لاحقة، وتجتمع ضمن تحالف تكتيكي يهدد أمن واستقرار المنطقة ويطوّق ضفتي باب المندب والبحر الأحمر».
الإرهاب واحد
من جانبه، يرى الباحث في شؤون الجماعات الدينية، صالح باراس، أن ساحات الإرهاب واحدة، والتخادم بين مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية قائم في الساحة اليمنية والصومالية.
وقال باراس إن «عناصر الإرهاب حينما هُزمت في جنوب اليمن، وجدت ملاذاتها الآمنة في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي».
وأكد أن حديث ترامب مؤخرًا عن محاولات الحوثيين للتمدد في الصومال ليس مستغربًا، بل قد يكون أحد خيارات القيادات الحوثية. وتناول تقرير خبراء مجلس الأمن الذي تحدث عن «تعاون وتخادم» ولم يستخدم تعبير «تمدد»، لكن هذا التعاون -في نظر باراس– قد يتحول إلى تمدد وساحة لفرار الحوثي من اليمن في ظل القصف الأمريكي.
تجنيد بحارة يمنيين
وكانت المقاومة الوطنية في الساحل الغربي لليمن قد كشفت مؤخرًا عن اعتقالها عددًا من البحارة اليمنيين الذين جنّدتهم مليشيات الحوثي الإرهابية لإيصال احتياجات وأجهزة تُستخدم لخدمة الجماعات الإرهابية في اليمن والصومال.
وكشف فيديو نشرته المقاومة الوطنية، لأحد المجندين ويدعى «أحمد سليمان رزيق»، عن قيامه بتهريب أجهزة استخباراتية ولوجستية بتكليف من قيادات حوثية إلى تنظيم القاعدة في أبين وشبوة، بالإضافة إلى حركة الشباب في الصومال.
وأشار المجند الحوثي إلى أن الحوثيين قاموا بتجنيد مئات الأشخاص لهذا الغرض، بعد تدريبهم وتأهيلهم، كما يتم تكليفهم بتصوير ورصد السفن التجارية في البحرين العربي والأحمر، ونقلها كمعلومات إلى مليشيات الحوثي.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، قد حذر من تداعيات التخادم بين مليشيات الحوثي وإرهابيي القرن الأفريقي على السلم والأمن الدوليين، مؤكدًا أن استعادة الأمن في منطقة البحر الأحمر تبدأ من سواحله الجنوبية، وهو ما يتطلب القيام بترتيبات متكاملة على ضفتي باب المندب.