2022 عام سقوط الغرياني “مفتي إرهاب ليبيا”
شهد عام 2022 سقوط الغرياني الكبير من نظر الليبيين والعزوف عنه وعن فتاواه الإرهابية والتحريضية وعن مدارسه ومناهجه.
فقد أدرك الليبيون حقيقة الغرياني ولم تعد هنالك استجابة له ولدعواته للفوضى، بعد أن انهار حلم الانتخابات بين يديه وعادت البلاد إلى الانقسام وما تبعه من تدهور في كل الملفات السياسية والاقتصادية والخدمية.
الغرياني والتدمير
وسعى الغرياني خلال هذا العام لاستمرار سيطرته على الخطاب الديني في ليبيا عبر السيطرة على المنابر والأوقاف، إلى جانب دار الإفتاء. مثلما فعل منذ عام 2011 وتسبب بفتاويه التكفيرية في انتشار التنظيمات الإرهابية التي دمرت البلاد.
واستغل الغرياني حالة الغضب الشعبي من عدم إجراء الانتخابات في موعدها 24 ديسمبر 2021 ودس السم في العسل فحرض الناس على الجهات الشرعية خاصة مجلس النواب والقيادة العامة للجيش الليبي، إلى جانب تحقيق مآربه الخاصة بالسيطرة على المساجد.
فعمل على تهييج الشعب الليبي على الخطباء الذين لا يدينون بالفكر التكفيري، وحرم الصلاة خلفهم، وطالب الأوقاف في العاصمة طرابلس بفصل من لا يدعو لفكره التكفيري. إلا أنه لم يستجب أحد لدعاويه، وكان الخطاب الشعبي في التظاهرات مطالبا بالانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية.
ورغم ذلك لم ييأس الغرياني واستمر في التحريض خاصة عندما أخذ مجلسي النواب والدولة معا زمام المبادرة. وأعلنا خارطة طريق جديدة للانتخابات والتعديل الدستوري الـ 12 بعد فشل الخارطة الأممية.
بل وصل به الأمر إلى التحريض ضد البعثة الأممية، حيث طالب بالخروج كل جمعة إلى الساحات والميادين للتنديد والمطالبة برحيل البعثة الأممية من ليبيا رافضا لكل خطواتها بما فيها “المصالحة الجارية حاليًا في ليبيا”، بزعم أنها “يقف خلفها البعثة الأممية ومخابرات بعض الدول”، وفق قوله.
وعوضا عن المطالبة بحقن الدماء والتداول السلمي على السلطة، طالب المليشيات في 19 مايو/أيار بمحاربة الحكومة المنتخبة من مجلس النواب مدعيا أن “التعاون معها يغضب الله”، بحسب زعمه.
كما دعا الليبيين إلى “مجابهتها بالقوة” إلا أنه لم يستجب له أحد وسرعان ما انتهت الاشتباكات بانسحاب رئيس الحكومة المكلف من محاولة دخول العاصمة.
تحريض الغرياني لم يقف عند هذا الحد بل وصل إلى التحريض على القبائل الليبية في الشرق والجنوب التي هددت بوقف إنتاج النفط، في إطار تصديها لممارسات رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المقال مصطفى صنع الله والمتهم في العديد من قضايا الفساد، وحجب الإيرادات في حسابات خاصة وعدم إرسالها للمركزي لصرف الرواتب لعدة أشهر أو التوزيع العادل للعوائد على المناطق.
وهذه الدعوات لم تلق إلا الرفض والإدانة خاصة أن الغرياني تجاوز إحدى أولويات المرحلة وهي “المصالحة الوطنية”، مدعيا أن “هؤلاء لا تجوز معهم المصالحة وإنما لا بدّ من إقامة القصاص وإيقاع العقوبة الشرعية عليهم وأنّه يجوز قتالهم حتى ينتهوا”.
حلف إرهابي جديد
التغييرات السياسية الليبية دفعت قادة الإرهاب لإعادة تطوير وتغيير سياستهم في ليبيا، وبدأت هجرة القادة عكسيا إلى ليبيا من الدول التي استقروا فيها لسنوات، فكانت عودة أمير الجماعة الليبية المقاتلة الإرهابية عبدالحكيم بلحاج إلى العاصمة الليبية طرابلس في أبريل الماضي بعد سنوات من غيابه عنها.
وأثارت عودة بلحاج إلى طرابلس مخاوف مما يمكن أن ينفذه داخل ليبيا، خاصة مع الاستقبال الحاشد له من قبل المليشيات فور وصوله إلى مطار معيتيقة، وأكد هذه المخاوف لقاء بلحاج للغرياني في منزل الأخير مطلع شهر مايو/أيار.
حيث تم الإعلان عن تحالف خطير بين الرجلين والذي دق ناقوس الخطر، من اتخاذ الأخير الدين –كعادته- لإضفاء نوع من الشرعية على التنظيمات التكفيرية وعملياتها الإرهابية، والإفتاء بإباحة التبرع لها أو القتل ضمن صفوفها.
وزاد من هذه المخاوف إعلان مباشر من تنظيم داعش الإرهابي عن وجوده في الغرب الليبي، حيث اقتحمت مجموعة تحمل أعلام داعش “الإرهابي” إدارة السجل المدني في صبراتة، -المعقل السابق للتنظيم غربي ليبيا- وسرقت أختاما وسجلات مدنية وأجهزة حاسب آلي.
وهو ما حذر منه عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي علي التكبالي بأنه قد يتم تزوير وثائق جنسية لعناصر من التنظيم الإرهابي.
انهيار مدارس الغرياني
الغرياني أدرك أن الشباب والكبار الذين عاصروا الحرب والدمار لن يستجيبوا لفتاويه فعمل على إنشاء جيل جديد من المتطرفين ينشأون على أفكاره التخريبية، فاستخرج تصاريح لإنشاء مدارس تتبعه في أبريل لتكون بمثابة معامل تفريخ للمتطرفين.
وفوجئ الغرياني بحالة من العزوف لدى الليبيين عن الالتحاق بمدارسه، وهو ما أقر به وكشف عنه نجله سهيل، حيث أكد في تدوينات عبر حسابه الرسمي في 11 أكتوبر/تشرين الأول أي بعد 6 أشهر من إنشائها، تناقص أعداد الدارسين، وضعف الإقبال عليها.
وأمام كل ما سبق أخذ الغرياني في التخبط يمينا ويسارا والتحريض المستمر ضد كل الأطراف الليبية والدول العربية خاصة مصر وتونس، وهو ما عده خبراء ليبيون طموحا من الغرياني في زعامة التنظيمات الإرهابية بعد وفاة أغلب قادته.
فعمل على كسب دعم بقايا أعضاء هذه التنظيمات، ومارس الفوضى الدعائية التخريبية، إلا أن دعواته لم يستجب لها أحد لا في الداخل ولا الخارج، باعتباره كارت محروق، وفقا لتعبير الخبراء.
ويلعب الغريانى منذ 2012، دورا بمثابة “الذراع الدينية” للجماعات المتطرفة في ليبيا، عبر إصدار فتاوى تتوافق مع مصالحها وأهدافها وأجنداتها، فارتكبت عدة جرائم عنف استنادا إلى فتاواه، حتى أصبح أحد أبرز المساهمين في انتشار الفوضى وتعزيز الانقسام في ليبيا.