متابعات إخبارية

هل ينقذ ترومان بايدن وتمنحه ولاية ثانية؟


في ظل تشابه التحديات، يمكن للرئيس الديمقراطي جو بايدن الاستفادة من الخطة التي تبناها هاري ترومان عام 1948 من أجل الفوز بولاية ثانية.

ففي عام 1948، كان الرئيس الأمريكي هاري ترومان الذي تولى منصبه بالصدفة بعد وفاة فرانكلين روزفلت يسعى لإعادة انتخابه، لكنه واجه عددا من التحديات هددت بقاءه في البيت الأبيض في أجواء تشبه تلك التي يعيشها الرئيس الحالي وفقا لما ذكرته مجلة “بوليتيكو” الأمريكية.

وترومان الذي بلغت نسبة تأييده 36% فقط كان غارقا في الأزمات في ظل استمرار معاناة الاقتصاد من التضخم إضافة إلى الحرب الباردة وما فرضته من تحديات عسكرية خارجية ومخاطر أمنية داخلية وهو ما خلق إجماعا بين السياسيين حول هزيمة ترومان أمام خصمه الجمهوري المحتمل حينها توماس ديوي.

وفي ظل الانقسامات بين تياري اليمين واليسار داخل الحزب، أراد العديد من القادة الديمقراطيين استبعاد ترومان واعتبرت مجلة “نيو ريبابليك” أن الرئيس الأمريكي هو “زعيم الديمقراطية العالمية” وأن “ترومان لا يملك الرؤية ولا القوة التي تتطلبها القيادة.”

وتتشابه هذه الظروف مع ما تعيشه الولايات المتحدة حاليا في ظل استمرار تعافي الأمريكيين من جائحة كوفيد وصدماته التضخمية، وانقسام الحزب الديمقراطي وتراجع بايدن في استطلاعات الرأي التي تشير إلى خسارة الرئيس الديمقراطي أمام خصمه الجمهوري المحتمل دونالد ترامب.

وكما يتصارع بايدن حاليا مع جناح اليسار الديمقراطي حول حرب غزة، سار ترومان على حبل مشدود عندما قرر الاعتراف بإسرائيل عام 1948.

وإذا كان ترومان نجح في النهاية في الفوز بولاية ثانية بفضل الخطة التي وضعها المستشاران جيمس رو، وكلارك كليفورد فإن بايدن بإمكانه أيضا الفوز إذا اعتمد الخطة نفسها والتي ما زالت صالحة لسباق 2024.

وقدم الرجلان مذكرة من 47 صفحة تقدم إطارا لحملة إعادة انتخاب ترومان الذي عليه القيام ببعض الأمور التي قد تكون مفيدة لبايدن الآن.

الضرب بقوة

افترض رو وكليفورد أن البلاد تنتمي إلى يسار الوسط وبناءً على طلبهم، تبنى ترومان أجندة سياسية مؤيدة للعمال والمزارعين وردد انتقادات سلفه للمصالح التجارية والمصرفية ودعا إلى زيادة الاستثمارات في الإسكان العام والأشغال العامة، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وبرنامج التأمين الصحي الوطني وهاجم الحزب الجمهوري لتحالفه مع “جماعات الضغط والمضاربين من الشركات الكبرى”.

كما انتقد الحزب لدعمه غير المتسق للحرب الباردة بعد معارضة الانعزاليين الجمهوريين لمساعدة اليونان وتركيا وخطة مارشال التي اعتُبرت جدار حماية ضد العدوان السوفياتي في وسط وغرب أوروبا.

وصور ترومان حزبه كحصن للديمقراطية داخليا وخارجين عكس الجمهوريين الحلفاء للمستبديين الاقتصاديين في البلاد والمستبدين السوفيات في أوروبا الذين يريدون “إحباط إرادة الأغلبية”.

بطل الحقوق المدنية

وحث رو وكليفورد الرئيس على تبني الحقوق المدنية للأمريكيين من أصل أفريقي بطريقة لم يفعلها سلفه روزفلت أبدًا، ودعا ترومان إلى سن تشريعات فيدرالية تحظر الإعدام خارج نطاق القانون وضريبة الاقتراع، وقوانين تلغي الفصل في النقل بين الولايات، ولجنة دائمة لممارسات التوظيف العادل. ورغم رفض الكونغرس لهذه الإجراءات لكنها وضعت ترومان بشكل مباشر في معسكر الحقوق المدنية.

وافترضت الخطة أن الديمقراطيين الجنوبيين سيصرخون، لكن في النهاية ليس لديهم مكان آخر، ورغم أنه كان خطأ طفيفا في التقدير لكن ترومان نجح في الصمود والفوز في السباق.

رفض أقصى اليسار

واجه ترومان من منافسيه الديمقراطيين ستروم ثورموند الذي جذب أصوات المحافظين في الجنوب، وهنري والاس الذي جذب الملايين من اليساريين المتطرفين في الشمال.

وكانت استراتيجية رو وكليفورد هي التنصل التام من والاس وحزبه التقدمي على أن يقع هذا العبء على عاتق الليبراليين المؤسسين الذين أشهروا سكاكينهم في وجه الرجل.

ويمكن أن يستفيد بايدن من هذه الخطة في مواجهة المرشح المستقل روبرت كينيدي جونيور الذي قد يجذب الدعم من الجناح اليميني داخل الحزب ومرشحة حزب الخضر جيل ستاين التي قد تسحب من أصوات اليسار وأيضا في مواجهة خصمه الجمهوري المحتمل دونالد ترامب.

ووفقا للخطة على بايدن أن يصور نفسه على أنه المرشح العادي، الذي يمثل المركز الواسع للفكر السياسي الأمريكي.

وكما انتقد ترومان الكونغرس الجمهوري الذي “لا يفعل شيئًا”، وصور أعضائه كأعداء للديمقراطية الاقتصادية في الداخل والديمقراطية السياسية في أوروبا، يمكن لبايدن أن يضع متطرفي الحزب الجمهوري في خانة الخاضعين للمصالح الاقتصادية والطغاة المناهضين للديمقراطية.

والمقابل الحالي لحقوق الأمريكيين من أصل أفريقي التي دعمها ترومان هو حق الإجهاض الذي يتعين على بايدن دعمه بما يدفع العديد من الولايات المتأرجحة لدعم الرئيس الحالي.

ووفقا لتقرير “بوليتيكو” فإن بايدن لا يستطيع أن يترشح ضد اليمين فقط إنما عليه أيضا أن يعطل اليسار المتشدد من خلال إدانة الناشطين المناهضية لإسرائيل في الجامعات وأن يدعو بقوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، والذي يتضمن العودة غير المشروطة لكل الأسرى الإسرائيليين وهو الموقف الذي يحظى بقبول واسع النطاق.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى