سياسة

هل يزيد حزب الله من معاناة لبنان؟

هل ينضم حزب الله للصراع بين حماس وإسرائيل ويزيد من معاناة لبنان؟


في الوقت الذي تطلق فيه حماس الصواريخ والقذائف من معقلها في غزة ويقوم مقاتلوها باجتياح إسرائيل، تواجه الحكومة الإسرائيلية صراعاً محتملاً آخر على حدودها الشمالية مع عدو أشد شراسة وحزب الله اللبناني، فيوم الأحد، بعد يوم واحد من ضرب حماس لإسرائيل، أطلقت الجماعة اللبنانية صواريخ ومدافع على مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل في استعراض “للتضامن“، وردا على ذلك، هاجمت إسرائيل موقعا لحزب الله في لبنان.

جبهة صراع ثانية

وأكدت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، أن الانضمام الكامل إلى الصراع وفتح جبهة ثانية في الحرب ضد إسرائيل سيكون بمثابة خطر كبير على حزب الله وزيادة لمعاناة لبنان الذي يواجه بالفعل سلسلة أزمات سياسية واقتصادية غير مسبوقة، وقد تفضل ببساطة مشاهدة الفلسطينيين وهم يقاتلون ويموتون بينما يشنون هجمات رمزية محدودة ويهتفون لهم من الخطوط الجانبية.

وتابعت: إنه إذا فعل حزب الله ما هو أكثر من مجرد إطلاق بضعة صواريخ تضامناً معه، فإن ذلك من شأنه أن يجعل الصراع الحالي -وهو الصراع الأكثر دموية بالنسبة لإسرائيل منذ الانتفاضة الثانية– محفزاً.

وأضافت: أن الصراع القادم يمكن أن يكون أسوأ بكثير، حيث تقوم إيران بتدريب المجموعة وتمدها بمئات الملايين من الدولارات كل عام، وبمساعدة إيرانية كبيرة، تمكن حزب الله من توسيع ترسانته، وأصبح لديه الآن أعداد هائلة من الصواريخ والقذائف، حتى أكثر مما كان عليه في عام 2006، كما حصل حزب الله أيضًا على مجموعة من صواريخ كروز المضادة للسفن وصواريخ أرض جو، حتى أن إيران ساعدت في بناء قدرات حزب الله السيبرانية.

وأشارت المجلة إلى أن حزب الله أقوى كثيراً من حماس، التي أصبحت عملياتها الحالية بمثابة كابوس بالنسبة لإسرائيل، فحماس محصورة في شريط ضيق من الأرض في غزة، ولم تحقق قواتها المسلحة نجاحاً يذكر في مواجهة إسرائيل ـ ولهذا السبب اقتصرت حماس في الماضي إلى حد كبير على الهجمات الصاروخية واستخدام القنابل الانتحارية، وعلى النقيض من ذلك، يسيطر حزب الله على أجزاء من بيروت وجنوب لبنان وجزء كبير من منطقة وادي البقاع في لبنان، ويمتلك حزب الله أيضًا مقاعد في البرلمان اللبناني، وقد سيطر في السنوات الأخيرة على العديد من الوزارات الحكومية بشكل مباشر -إلى جانب حلفائه السياسيين الذين يسيطرون على آخرين- ومارس حق النقض (الفيتو) بحكم الأمر الواقع على سياسة الحكومة في لبنان، بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أن إيران تدعم كلا المجموعتين، فقد تلقى حزب الله رعاية أكبر بكثير.

دور إيراني

وأوضحت المجلة الأميركية، أن ثمة تقارير موثوقة تفيد بأن إيران لعبت دوراً رئيسياً في المساعدة في التخطيط للجولة الأخيرة من هجمات حماس، وترى إيران، مثل وكيلها حزب الله، أن إسرائيل غير شرعية بالأساس وقد تسعى إلى تعطيل الاتجاهات الإقليمية، وباعتباره أقرب شريك لإيران في العالم العربي والمتلقي الرئيسي لتمويلها، سيواجه حزب الله صعوبة في الرفض إذا طلبت منه طهران المشاركة بشكل أكبر في الحرب، على الرغم من احتفاظ الجماعة بسلطة مستقلة لاتخاذ القرار.

وتابعت: إنه لعل الأمر الأكثر أهمية هو أن حزب الله يسعى إلى ربط نفسه بالنضال ضد إسرائيل لأسباب سياسية وأيديولوجية خاصة به وليس لنصرة القضية الفلسطينية كما يدعي، حيث تم إنشاء الجماعة في المقام الأول لمحاربة إسرائيل، وهي ترى أن لها دوراً إقليمياً، وليس لبنانياً فقط، في الصراع ضد إسرائيل.

وأضافت: أنه بينما أصبح الشرق الأوسط طائفياً على نحو متزايد، أصبح تدخل حزب الله وتركيبته الشيعية لا يحظى بشعبية متزايدة، ومن خلال انضمامه إلى القتال ضد إسرائيل، يستطيع حزب الله أن يصبح مرة أخرى رأس رمح إسلامي، وليس لاعباً طائفياً.

أزمات لبنان

وأكدت المجلة الأميركية أنه على الرغم من أن حزب الله يدعم إلا أنه لديه أيضاً العديد من الأسباب التي تدعوه إلى الحذر، لقد دفع حزب الله ثمناً باهظاً لدوره في الحرب الأهلية السورية. لقد خسر التنظيم ما يقرب من 2000 مقاتل في سوريا، بما في ذلك العديد من القادة، وهو عدد كبير بالنسبة لمجموعة يتراوح عددها الإجمالي بين 25 ألفا و50 ألف مقاتل.

وتابعت: إن الانضمام إلى حرب مع إسرائيل لن يحظى بشعبية كبيرة في لبنان، على الرغم من أن العديد من أنصار حزب الله سعداء برؤية معاناة إسرائيل، ففي عام 2006، ضربت إسرائيل لبنان بشدة، فدمرت البنية التحتية الحيوية، وفرضت حصارا، وقتلت أكثر من 1000 لبناني، وشردت حوالي مليون آخرين.

وأشارت إلى أن لبنان يواجه العديد من المشاكل اليوم، حيث يعاني اقتصاده من السقوط الحر، مع  بطالة مرتفعة، وفساد منتشر، كما أن النظام السياسي في البلاد معطل، وغالباً ما يكون هناك تأخير كبير في تشكيل الحكومة، والتي عند تشكيلها تفشل في تحقيق أي شيء، كما أن الحرب مع إسرائيل من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من الدمار في البلاد؛ فالزعماء الإسرائيليون اليوم ليسوا في مزاج يسمح لهم بالتسامح.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى