هل تنتقم إسرائيل بـ”الأرض المحروقة”
لا كهرباء ولا ماء ولا أي منفذ على العالم الخارجي.. هكذا تبدو غزة، القطاع الرابض على 360 كلم مربع باتت تضيق على أكثر من مليوني ساكن.
قطاع يختنق في وقت أحكمت فيه إسرائيل حصارها بالكامل بإغلاق المعابر ومنع إدخال الوقود والمياه والكهرباء والمواد التموينية، في إجراءات تختزل “سياسة الأرض المحروقة” بحسب مراقبين.
ويقول محللون فلسطينيون ومنظمات دولية إن من شأن هذا القرار، الذي يتوقع أن يستمر لأسابيع طويلة، أن يلقي بآثاره الخطيرة جدا على المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
رهائن
يقول مصطفى البرغوثي، رئيس جمعية الاغاثة الطبية الفلسطينية: “هناك حصار إسرائيلي كامل ومحكم على غزة ومنع لدخول المياه والكهرباء والوقود والمواد التموينية والطبية إلى القطاع، بمعنى أنه تم اتخاذ كل سكان قطاع غزة رهائن ويتم فرض عقوبات جماعية عليهم”.
ويضيف البرغوثي : “سيكون لهذه القرارات عواقب إنسانية خطيرة جدا على السكان في كل غزة، وقد تجرأ وزير الدفاع الإسرائيلي (يوآف غالانت) على وصف الفلسطينيين بالحيوانات، وهذه دعوة لجرائم حرب علما بأن حصار القطاع يشكل جريمة حرب”.
وتابع: “نحن في الإغاثة الطبية نتلقى اتصالات كثيرة جدا وقلقة جدا من أشخاص فقدوا قدرتهم على العلاج بمن فيهم مرضى يعانون من مرض السرطان الذين لا يتوفر علاج لهم في غزة ومرضى يحتاجون لغسيل الكلى”.
كما أشار إلى “وجود حالات لأمراض مزمنة لا يوجد لها علاج في غزة، وفي الوقت نفسه فإن المراكز الصحية في القطاع معطلة بسبب عمليات القصف الإسرائيلي الجارية“.
وبحسب البرغوثي، فإن “قطاع غزة يضم مليونين و200 ألف نسمة جميعهم لا يشعرون بأي نوع من أنواع الأمان، وبالتالي الوضع في غاية الخطورة”.
واستطرد “نحن نتحدث عن قصف جوي مع حصار ومحاولة لممارسة تطهير عرقي يكرر ضد أهل غزة، ومعظمهم من اللاجئين الذين هجروا عام 1948، نفس النكبة التي تعرضوا لها”.
واعتبر أن “ما يجري هو تصرف لاإنساني والغريب بالأمر أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الغربي بأسره يمنح الحصانة لإسرائيل”.
الأرض المحروقة؟
ورأى البرغوثي أن “هناك كارثة إنسانية الآن في قطاع غزة“، متسائلا “كيف يمكن علاج المرضى بدون كهرباء؟ ولا يوجد وقود لتشغيل المولدات الكهربائية”.
وقال: “كل شيء في غزة ينهار بما في ذلك شبكات الإنترنت والكهرباء والاتصالات وبالتالي فإن الوضع في غاية الخطورة”.
من جانبها، قالت منسقة الشؤون الإنسانية في فلسطين، لين هاستينغز: “في غزة، تم تهجير ما لا يقل عن 200 ألف من السكان البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، بعد فرارهم خوفًا على حياتهم أو بسبب تدمير منازلهم بسبب الغارات الجوية”.
وأضافت هاستينغز، في بيان أن “معظمهم يلجأ إلى مدارس الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، والتي تعرضت اثنتان منها على الأقل لأضرار بسبب الغارات الجوية في المنطقة. ومن المتوقع أن تتزايد أعداد المتضررين من الأعمال العدائية”.
وتابعت: “لقد قامت السلطات الإسرائيلية بقطع إمدادات المياه عن غزة، مما أدى إلى تقليص توفر المياه الصالحة للشرب، وهو أمر نادر بالفعل”.
وأشارت إلى أنه باعتبار الحصار الكامل الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية على غزة، فقد تم أيضاً قطع سبل الوصول إلى الكهرباء والغذاء والوقود، مما يؤدي حتماً إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل.
ولفتت إلى أن “الفلسطينيين في غزة الآن يحصلون على الكهرباء لمدة 3-4 ساعات فقط في اليوم، وهذا يعيق قدرة المرافق الصحية على العمل وعلاج المصابين”.
وبحسب المسؤولة الأممية، “تعمل الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة على تلبية الاحتياجات الملحة، ولا سيما المأوى، في ظروف خطيرة. ومع ذلك، فقد تم أيضًا قطع إمكانية وصول موظفي الإغاثة الإنسانية والإمدادات إلى غزة، كما أن شدة الأعمال العدائية تحد من قدرة الموظفين على إيصال المساعدات”.
وأشارت المنسقة إلى أنه “مع استمرار تصاعد الأوضاع الأمنية والإنسانية، يجب على جميع الأطراف الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي”.
وفي حديث سابق اعتبر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، اللواء محمد الشهاوي، أن “الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل تحاول الهروب من صدى الاختراق الأمني والبحري والجوي بسياسة الأرض المحروقة وتهجير أهالي غزة”.
بالأرقام
وفي هذا الصدد، قالت وكالة “الأونروا” في بيان : نسخة منه: “حتى اليوم، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 187,500 شخص قد نزحوا داخل غزة، ويحتمي أكثر من 137,000 شخص في أكثر من 80 مدرسة تابعة للأونروا في كافة أرجاء قطاع غزة“.
وبحسب الوكالة الأممية، سجلت الأونروا منذ السبت الماضي، أضرارا جانبية ومباشرة لحقت بما لا يقل عن 18 من منشآتها، بما في ذلك المدارس التي تأوي المدنيين النازحين.
ولفتت إلى أن “حوالي 137,500 نازح داخليا يقيمون في 83 مدرسة تابعة لها في كافة مناطق قطاع غزة. ومع استمرار الغارات الجوية المكثفة، يبحث المزيد والمزيد من النازحين عن مأوى في المدارس”.
وأكدت أنه “يتم بذل كل جهد ممكن لتوفير الخدمات الأساسية للنازحين داخليا. ومع ذلك، فإن الظروف صعبة، حيث إن بعض الملاجئ مكتظة”.
وأشارت إلى أن “كافة مدارس الأونروا في مختلف أنحاء قطاع غزة، لا تزال مغلقة”.
كما “لا تزال جميع أنشطة جمع النفايات الصلبة ونقلها إلى مكبات النفايات معلقة. ويجري اتخاذ ترتيبات بديلة. كما تم استئناف تشغيل آبار المياه في جباليا وخانيونس ورفح”.
ووفق المصدر نفسه، لم يتمكن ما يقرب من نصف مليون شخص (112 ألف عائلة) من الحصول على حصصهم الغذائية هذا الأسبوع منذ إغلاق مراكز توزيع الغذاء التابعة للأونروا”.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، قال أمس: “لقد أصدرت أمرًا بأن غزة ستكون تحت إغلاق كامل. ولن يكون هناك كهرباء أو طعام أو وقود .إننا نقاتل حيوانات بشرية وسنتصرف وفقًا لذلك”.