سياسة

هل باتت لندن “ملجأ للجماعات الإرهابية”؟

"هنا لندنستان" مقر إعلام الإخوان


بالرغم من الفشل الذريع على مدار نحو 10 سنوات في إحداث أي تأثير عبر فضائياتهم التي تبث من الخارج. لا يكف تنظيم الإخوان الإرهابي عن بث سمومه من خلال تدشين فضائيات جديدة كان أحدثها في لندن التي لطالما عُرفت في أوساط الأدبيات السياسية باسم “لندنستان”.

لندنستان

ولندنستان توصيف أطلقته العديد من وسائل الإعلام على لندن في إشارة إلى سهولة عمل الحركات الإسلامية المتطرفة في العاصمة البريطانية وعلى رأسها الإخوان. وتساهُل الحكومة هناك معها، نظرا لطبيعة علاقة التعاون القديمة والمريبة منذ عصر مؤسس التنظيم حسن البنا.

محاولات مستميتة رغم الفشل الذريع

ويشغل العمل الإعلامي حيزا كبيرا من تفكير الإخوان بجبهاتهم الثلاث. فالجماعة منذ سقوطها ورفض الشارع المصري لها في 30 يونيو 2013 وهي لا تتوانى عن بث سمومها الإعلامية في عقول أتباعها ومتابعينها. سواء على قنوات فضائية خصصت لهذا الغرض، أو على شبكات التواصل الاجتماعي.

عقب هروب الإخوان من مصر بدأوا في بث قناة الشرق التي انطلقت في أبريل 2014. من تركيا وهي من أوائل الفضائيات التابعة للإخوان. امتلكها وأسسها في البداية القيادي الاخواني باسم خفاجي الذي باع أسهم القناة لأيمن نور المعارض المصري الهارب في الخارج والمتعاون مع الجماعة.

ثم أسسوا قناة مكملين التي انطلقت في 6 يونيو عام 2014 من تركيا أيضا، وتبنت القناة سياسة إعلامية تحريضية فجة ضد الجيش والشرطة، ثم أسسوا قناة وطن عام 2016. التي تبث من تركيا أيضًا، أما قناة الحوار والمعنية بالشأن الإخواني الفلسطيني. وكانت تساند إخوان مصر كمهمة إعلامية تالية، تأسست عام 2006 في لندن على يد القيادي في التنظيم الدولي عزام التميمي، وكانت تنقل اعتصامي “رابعة” و”النهضة” عبر بث مباشر.

فشلت السياسة الإعلامية الإخوانية في تحقيق أغراضها بتأليب الشارع على الحكومة، والعودة إلى مربع العنف والإرهاب، عندها انصرف الداعمون عن الاستمرار في دعم الجماعة. وزادت أزمة الإخوان تشابكًا مع التقارب المصري التركي، الذي وجد أن من المناسب وقف بث القنوات الإخوانية من أراضيها. وزادته بطلب مغادرة بعض الشخصيات الإعلامية التي قامت بالدعوة للعنف والاغتيال وهددت الجيش وأسرهم أمثال محمد ناصر ومعتز مطر وغيرهما.

توجهت أنظار الجماعة إلى “لندن” لإعادة التموضع الإعلامي، إلا أن تلك الخطوة تأجلت؛ نظرًا لوقوع الانشقاقات داخل الجماعة، ثم قام كل فريق بالاستيلاء على الأدوات الإعلامية التي تحت يديه، من مواقع إخبارية وشبكات تواصل اجتماعي، وهنا بات على كل جبهة أن ترسم لنفسها الصوت الإعلامي الخاص بها، لهذا جاء الإعلان عن الفضائيتين في هذا السياق.

محاولات مستميتة رغم الفشل الذريع

وتحت مسميات رنانة وشعارات فضفاضة، أعلن تنظيم الإخوان الإرهابي عن تدشين فضائيتين، الأولى قناة “الشعوب” التي تحظى بتأييد جبهة محمود حسين وتنطلق من لندن، والثانية قناة “الحرية” التابعة لجبهة تيار التغيير أو “الكماليون” وتنطلق من “هانوي” العاصمة الفيتنامية.

الفضائيتان تستهدفان استكمال مسيرة الإعلام الإخواني المحرض على الفوضى والداعي للأعمال التخريبية، بعد توقف القنوات الإخوانية التي كانت تنطلق من تركيا، وسط دعوات لاحتجاجات داخل مصر يوم 11 نوفمبر  وإحداث فوضى وشغب، في محاولة لإفشال مؤتمر المناخ المزمع انعقاده يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني.

وعبر توزيع الأدوار، تنسق الجماعة بين جبهاتها المختلفة للتحريض على الفوضى، فجبهة المكتب العام (الكماليون) سينخرطون في الدعوة بشكل مباشر وواضح لهذه الفوضى، على أن تمتنع جبهة إبراهيم منير عن الحديث عن يوم 11 نوفمبر إعلاميًا فلا تأييد أو رفض، بينما تتخذ جبهة محمود حسين موقف المشارك وغير المشارك في نفس الوقت.

 ولهذا جاء الإعلان عن الفضائيتين بشكل سريع وغير مكتمل الترتيبات والاستعدادات، مما دعا الإعلامي المصري الهارب معتز مطر إلى الإعلان مساء الأحد عن وقف بث برامج قناة الشعوب إلى حين الاستعداد الكامل.

تحريض وفوضى وهدم

وحول الرسالة الإعلامية للإخوان، قال عمرو عبدالمنعم، الباحث والخبير في الحركات الإسلامية نها قائمة على التحريض ودعم الفوضى.

وأضاف عبدالمنعم أنه على مدار 10 سنوات كانت أجندة هذه القنوات تقوم على إشاعة روح التثبيط والمغالطة، وعدم الالتفاف حول الوطن ومشروعاته وإنجازاته، مستخدمين الشائعات والمغالطات، وشباب الجماعة ضمن استراتيجية الصحفي للمرة الواحدة، وهي قيام عضو الجماعة في أي مكان بالتقاط مقاطع مرئية لأي مشكلة عادية وإرسالها لتلك القنوات وفريق الإعداد يستكمل منتجتها ووضعها في سياق مخادع لينقل صورة غير واقعية، تساهم في إغضاب الشعب المصري”.

 وأشار إلى أن هذا المخطط يناقض إعلان الإخوان قبولهم بالمصالحة وتوقفهم عن المنافسة السياسية والصراع على السلطة، مما يؤكد كذبهم وتلونهم.

مكمن الخطورة في هذا الإعلان، وفق عبدالمنعم، ليس فيما ستقدمه الفضائيتان الجديدتان من محتوى تحريضي، فالمحتوى متكرر منذ قرابة العشر سنوات ولم تنجح الجماعة في أي دعوة للفوضى، إنما الخطورة في احتمال ظهور لاعب سياسي جديد خفي يدفع بالإخوان وربما بغيرهم لتنفيذ عمليات إرهابية في الساعات القادمة لزعزعة الاستقرار ولخلق حالة من الفوضى.

المحلل السياسي أكد أن كل الدعاوى أو العمليات الإرهابية مصيرها الفشل كغيرها؛ نظرًا لوعي الشعب المصري وليقظة أجهزة الأمن المصرية، ولأن الإخوان بطبعهم فاشلون.

هل باتت لندن “ملجأ للجماعات الإرهابية”؟

من جانبه، قال ماهر فرغلي، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، إن الإخوان كيان وظيفي من بداية نشأتها وحتى الآن وانخراطهم في أي عمل عدائي ضد مصر هو أمر متوقع منهم.

“جماعة الإخوان يتم توظيفها من قبل قوى غربية عديدة، ولأغراض مختلفة ومتعددة، كلها ليس في صالح الوطن، وأدواتهم في تحقيق مصالح الدول الإقليمية التنظيم والإعلام. وفق فرغلي في تصريحات لافتا إلى أن دور تنظيم الإخوان إنهاك الدولة وأجهزة الأمن، أما دور الإعلام الاخواني بث سمومهم الفكرية بين أفراد الشعب المصري.

وكشف المحلل السياسي السر في تمركز قنوات الإخوان في لندن قائلاً: “هذا الكيان الوظيفي اتخذ لندن مقرًا له، فقد أصبحت العاصمة البريطانية ملجأ للجماعات الإرهابية. والإخوان هناك يعملون تحت واجهات إعلامية وإغاثية وحقوقية، وبريطانيا تستخدمهم بشكل واضح لخدمة مصالحها. فهي أولًا قربت كل القيادات سواء من الإخوان أو غيرهم وأعطتهم التمويل والإقامة على أن يتجسسوا على بعضهم ويعترفوا على أي منفذ لأي عملية يمكن أن تقع في المملكة المتحدة، وثانيًا ليكونوا أدواتها في تهديد أي دولة لا تخضع لبريطانيا.

وحول مدى نجاح قنوات الإخوان الجديدة في بث روح الفوضى، أكد أن مصير تلك الفضائيات الفشل، فالإخوان لم يتعلموا خلال السنوات العشر أن إسقاط مصر أمر فوق إمكانياتهم وقدراتهم. بل وإمكانيات أي قوة إقليمية أو دولية، ولأنهم لن يتعلموا فهم يكررون أخطاءهم دائمًا، وطالما لم يراجعوا أفكارهم ولا استراتيجياتهم فلن يتعلموا أبدًا.

فوضى 11 نوفمبر المزعومة

 واتفق معه الكاتب والباحث في الحركات المتطرفة والإرهابية، منير أديب، بأن لندن أصبحت مأوى للقنوات الإخوانية المحرضة على العنف والإرهاب والتطرف، فهي على حد وصفه “أصبحت مقرًا للبث الإعلامي الإخواني بجبهاته الثلاث. فهي تقدم دعمًا شاملًا للإخوان. المكتب الذي يدير التنظيم الدولي للجماعة هو في الأساس مركز إعلامي وتعلم المخابرات البريطانية ذلك جيدا، ولندن حاضنة لكافة التنظيمات الإرهابية، وهي تستخدمهم لخدمة مصالحها.

وحول الغرض من القنوات الجديدة أوضح أديب أن جبهة “محمود حسين” ومقرها إسطنبول اكتشفت أن صوتها الإعلامي أقل مما يجب، ولأن الجبهة كانت تمتلك قناة وطن وقناة مكملين اللتين توقفتا عن البث، كان عليها البحث عن مكان للبدء من جديد، في خطوة لمنافسة جبهة إبراهيم منير، وفي نفس الوقت تسجيل الحضور في فاعليات التحريض على الفوضى والعنف يوم 11 نوفمبر القادم، أما القناة الأخرى وهي قناة الحرية حراك 11/11، فهي تابعة لجبهة المكتب العام أو الكماليون، وكذلك جبهة إبراهيم منير، تمتلك عدة منصات أشهرها قناة “حوار” لمؤسسها عزام التميمي.

لعبة “توزيع الأدوار”

فيما يذهب عمرو فاروق، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، إلى أنها لعبة توزيع أدوار ليس أكثر.

وأضاف فاروق أن الإسراع بالإعلان عن بث فضائيات جديدة للإخوان هي حيلة لتسويق جبهة منير، مؤكداً أنه من الواضح أن ثمة ممولا جديدا ظهر على الخريطة السياسية، ويلعب بورقة الإعلام الإخواني للإسراع في خطوات المصالحة مع الجماعة عن طريق جبهة منير، والتي مازالت الدولة المصرية ترفضها شكلًا وموضوعًا.

وأوضح أن تصدير جبهات الإخوان الثلاث في الإعلام الإخواني وكأنهم ثلاثة اتجاهات متباينة، الأولى معتدلة وهي جبهة منير، والثانية متطرفة وهي جبهة المكتب العام، والثالثة خليط ما بين هذا وذاك وهي جبهة محمود حسين، هذا التقديم بهذا الشكل وما صاحبه من دعم مجهول لجبهة الكماليون لتكتمل الصورة، ليس له هدف إلا تسويق جبهة إبراهيم منير، والدفع للتعامل معها. وفي هذا السياق تأتي حركة تدشين الفضائيات الجديدة لتكون صوتا عنيفًا يؤمن بالعنف وداعيًا للعودة لعمل اللجان النوعية المسلحة، ليكون مبررًا لتقبل أجهزة الدولة المصرية التعامل مع “منير” الذي يقدم نفسه كصاحب خطاب يبدو معتدلًا.

و”الحقيقة التي لا جدال فيها أن الثلاث جبهات متشابهون ولكن تقسيم الأدوار استدعى ذلك”، وفق فاروق.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى