هل انتهى تنظيم القاعدة في إفريقيا إلى الأبد؟
حاول الظواهري الحفاظ على إرث “بن لادن” منذ أن تولى تنظيم القاعدة مسؤولية التنظيم الإرهابي الأخطر في العالم بعد مقتل مؤسسها – أسامة بن لادن – في عملية أميركية عام 2011.
حيث هدف لجعل القاعدة تنظيماً عالميًا جامعًا لكافة التنظيمات الإرهابية المتناثرة حول العالم.
إلا أن المتغيرات العالمية التي واكبت توليه المسؤولية كانت أكبر من قدراته وطموحاته التنظيمية. إذ لم تمر سنوات عدة حتى تصدعت أفرع التنظيم مُعلنة استقلاليتها عن القاعدة وسحب بيعة الظواهري وتجلى ذلك بصورة صارخة في نشأة تنظيم داعش وإعلانه الخلافة في عام 2014.
الانحسار التدريجي
وقد كشفت دراسة لمركز فاروس للدراسات، والمختص بالشؤون الإفريقية أن ظهور داعش وتمدده في إفريقيا وانفصال العديد من الحركات والقيادات الإفريقية التقليدية مثل انفصال “مختار بلمختار” عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في عام 2012 وتشكيل تنظيم المُلثمين وكذلك انفصال حركة التوحيد والجهاد وأيضا تقلب بيعة “بوكو حرام” من القاعدة لداعش عام 2016.
هذا بالإضافة إلى تغلب الطابع الإثني على معظم التنظيمات الإفريقية مثل جبهة تحرير ماسينا وجبهة نصرة الإسلام والمسلمين والتنظيمات المنتشرة حاليا في غرب إفريقيا. كل هذه العوامل أدت إلى ولوج “القاعدة” مرحلة الانحسار التدريجي ومن المتوقع أن سطور نهايتها خُطت حاليا بمقتل الظواهري.
القاعدة وإفريقيا
وأضافت الدراسة أن القارة الإفريقية لعبت دورا هاما في تاريخ القاعدة ففي في بداياتها اتخذت إفريقيا موطنا لها وتحديدًا في السودان. كما كانت باكورة عملياتها الكبرى في إفريقيا مثل تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام عام 1998. وتفجير المدمرة الأميركية كول في خليج عدن عام 2000، كما أن معظم قيادتها المؤثرين ينتمون قاريا إلى القارة السمراء مثل أيمن الظواهري وسيف العدل وعبدالرحمن المغربي المرشحان الأوفر حظا لتولي التنظيم حاليا.
البداية والنهاية
من جانبه، يقول محمد الدابولي الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية. إن إفريقيا هي نقطة بداية لتنظيم القاعدة فهي أيضا نقطة نهاية لذلك التنظيم إذ تمكنت التنظيمات الإفريقية من تطوير قدراتها التنظيمية. وسارت أكثر استقلالية وانفصالا عن التنظيم الأم في جبال قندهار الأفغانية وتلاحما مع الطبائع الإفريقية المجتمعية والإثنية والسياسية.
وأضاف الباحث أنه يمكن اعتبار تصفية الظواهري بمثابة قطع شعرة معاوية التي كانت تربط التنظيم بإفريقيا، فبالرغم من انعدام كاريزميته القيادية عكس سابقه بن لادن. إلا أنه كان يحظى بهيبة وتقدير في نفوس قيادات بعض الجماعات الإفريقية وغير الإفريقية. وبموته قد تدخل القاعدة مرحلة التقزم والشتات في إفريقيا والعالم وهو ما سيتم توضيح أسبابه في النقاط التالية. وأبرزها افتراق الحلفاء على مدار ثلاثة عقود وفر التحالف التنظيمي بين القاعدة وحركة طالبان ملاذا آمنا وحاضنة شعبية للقاعدة في جبال أفغانستان إلا أن عملية مقتل الظواهري في منزله وسط العاصمة كابول المسيطر عليها حاليا من قبل طالبان تثير الشكوك حول مستقبل التحالف بين التنظيمين.
جماعات إفريقيا
وأضاف أن بعض التحليلات والتأويلات تشير إلى دور ما لعبته قيادات طالبان في كشف موقع الظواهري. إذ جاء اغتياله تماشيا مع المرحلة الجديدة التي بدأتها طالبان بعد اتفاق الدوحة (2020) وسيطرتها على الحكم في البلاد. موضحًا أن اختيار الظواهري زعيماً للقاعدة لم يكن مريحًا لأكثر الجماعات التابعة للتنظيم إلا أن ملازمته لـ بن لادن وخبراته التنظيمية التي بدأت مع نشأته في ظل الجماعة الإسلامية في مصر مرورًا بمرحلة الجهاد الأفغاني. ثم أحداث سبتمبر جميعها أمور أهلته لتولي منصب زعيم تنظيم القاعدة. إلا أن بعد وفاة الظواهري من المرجح أن يمر التنظيم بمرحلة حرجة تتمثل في اختيار زعيم جديد فمعظم الأسماء المطروحة حاليا سواء سيف العدل أو عبدالرحمن المغربي. ما زالت مبهمة شخصياتهما الحقيقية ومن المؤكد أن من سيقع عليه البيعة سيواجه تحديات غير مسبوقة في تاريخ التنظيم. أبرزها السيطرة على قيادات التنظيم في قندهار والعلاقة مع طالبان الحاكمة وليست المتمردة وأخيرًا ضبط العلاقات مع التنظيمات الموالية والمتحالفة في إفريقيا. واتساقا مع النقطة الأخيرة ستكون القيادات الإفريقية الموالية فكريا أو تنظيميا للقاعدة عصية على الاندماج مرة أخرى في فلك القاعدة وستمارس أدوارها بصورة أكثر استقلالية عن ذي قبل بل قد ترى أنها أكثر تأهيلاً لوراثة منصب قيادة التنظيم حاليا.