هل اعتقال مستشار مالي للكاظمي يورطه في ‘سرقة القرن’؟
قامت قوة أمنية عراقية باعتقال مستشار مالي سابق لرئيس الحكومة الاتحادية السابقة مصطفى الكاظمي في صلة بالقضية المعروفة إعلاميا بـ”سرقة القرن”. والتي تتعلق بنهب نحو 2.5 مليار دولار من أمانات الضرائب من مصرف الرافدين الحكومي. وفق ما أكدت اليوم الأربعاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد ووسائل إعلام ومصادر محلية.
ويُرجح أن تطيح أكبر قضية فساد في العراق برؤوس كبيرة. بينما يُطرح في خضم تطوراتها تساؤلات حول ما إذا كانت الاعتقالات التي شملت أسماء معروفة آخرها هيثم الجبوري مستشار الكاظمي للشؤون المالية. ستفكك أسرار ‘سرقة القرن’. وهل ينجح رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني في محاسبة الفاسدين في بلد عرف بظاهرة الإفلات من العقاب والتدخلات السياسية.
كما تُسائل هذه القضية قدرة السوداني على مواجهة لوبيات الفساد. في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر غربية أن نظافة يد رئيس الوزراء وحدها لا تكفي لتفكيك شبكات فساد تغلغلت في مفاصل الدولة. مشيرة إلى أن ارتباطه بالإطار التنسيقي الشيعي الذي أوصله للسلطة بعد معاركة عنيفة مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يحد من هامش تحركه على مختلف الجبهات.
وتشمل هذه القضية التي تسلط الضوء على حجم الفساد في العراق، عشرات المشتبه بهم (بينهم سياسيون ورجال أعمال) بما في ذلك مسؤولون سابقون في مكتب الكاظمي. رغم أن التحقيقات فيها بدأت في عهده لكنها أخذت زخما أكبر منذ تولي خلفه محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء وهو الذي أعلن أن مكافحة الفساد ستكون على رأس أولويات حكومته.
ولا تخلو القضية من أبعاد سياسية حيث تُشيع مصادر من القوى الشيعية المنضوية في الإطار التنسيقي بأصابع الاتهام للكاظمي. خاصة بعد قرار رفع الحماية الأمنية عنه خلافا للعرف الجاري مع انتهاء مهام مسؤولين كبارا في الدولة.
وبحسب وكالة شفق نيوز العراقية الكردية نقلا عن مصدر قالت إنه مطلع على القضية، لكنها لم تسمه، فإن إلقاء القبض على النائب السابق هيثم الجبوري المستشار المالي السابق لرئيس الحكومة السابقة والذي شغل كذلك عدة مناصب حكومية وبرلمانية، من قبل قوة أمنية تابعة للهيئة العليا لمكافحة الفساد، تم بناء على شبهات في مصدر تضخم أمواله بطرق مجهولة وغير شرعية.
وبحسب المصدر ذاته فإن “أمر الاعتقال له علاقة أيضا باعترافات أدلى بها نور زهير صاحب شركة الأحدب والمتهم الرئيسي في قضية سرقة القرن، للسلطات القضائية ضد الجبوري” النائب ورئيس اللجنة المالية النيابية في البرلمان السابق.
وأوضحت الهيئة العليا لمكافحة الفساد وهي هيئة أعلن عن تشكيلها حديثا للنظر في قضايا الفساد الكبرى وتتمتع بصلاحيات واسعة. أنها تمكنت من تنفيذ أمر القبض الصادر قاضي تحقيق الجنايات المختص بنظر قضايا الهيئة بحق رئيس اللجنة المالية النيابية للدورة السابقة والمستشار السابق في رئاسة الوزراء، على خلفية “تهم بتضخّم أمواله وإثرائه على حساب المال العام.
وأشارت إلى أمر اعتقال الجبوري يأتي على إثر “عمليات التحري والتقصي عن أموال المُتهم التي أجرتها دائرة الوقاية في هيئة النزاهة الاتحاديَّة، عن أقيام العقارات والعجلات. وكميَّات الذهب العائدة له فضلا عن القروض وراتبه بصفته مُسشارا لرئيس الوزراء السابق”. معلنة أنه بناء على تلك التحريات توصلت إلى وجود تضخم في أمواله يُقدَّرُ بـ 16.157 مليار دينار.
وتصل عقوبة الكسب غير المشروع وفق قانون هيئة النزاهة إلى سبع سنوات سجنا وغرامة مالية تعادل قيمة ذلك الكسب لكل متهم من المسؤولين المكلفين ممن يعجز عن إثبات السبب المشروع لتضخم أمواله أو أموال زوجته أو أموال أولاده وأن لا يفرج عن المحكومين في هذه القضايا ما لم يسددوا مبلغ الغرامة وإعادة قيمة الكسب غير المشروع.
وكان تقرير سابق لصحيفة ‘الغارديان’ البريطانية قد ذكر أن جهات متعددة رسمية أو قوى حليفة لإيران خططت. ودبرت لعملية الاختلاس الأكبر في تاريخ العراق الحديث أو أنها كانت على علم بمجرياتها.
وأوضح أن العملية لم تكن لتتم لولا اطلاع جهات معينة على غرار “مكتب رئاسة الحكومة والبنك الذي سمح بعمليات السحب وهيئة النزاهة والبنك المركزي. ومنظمة بدر” التي يقودها هادي العامري. وهو كذلك زعيم ائتلاف الفتح المنخرطة. ضمن الإطار التنسيقي الداعم الرئيسي لرئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني.
وقال التقرير إنه بعد اطلاعها على وثائق مسربة وإجراء مقابلات مع رجال أعمال على علم بعمليات تبييض الأموال. التي تم اختلاسها عبر شراء العقارات في الأحياء الراقية في بغداد. تأكد لها تورط جهات عليا في الدولة في ما سمته ” فضيحة الاختلاس”.
وأشار التقرير البريطاني استنادا لمراسلات حكومية وبعض المصادر إلى أن جهات رسمية على رأسها مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي. ألغت عمليات التدقيق المالي المتعلقة بالسحوبات من حسابات هيئة الضرائب.
وأكد أن عملية السحب والاختلاس تمت بهدوء في صيف العام 2021. في خضم حالة ارباك سياسي واجتماعي كان يعيشها العراق قبل انتخابات أكتوبر .وفي وقت كانت تركيز وسائل الإعلام منصب على الاستحقاق الانتخابي.
ومنذ تولي السوداني رئاسة الحكومة توالت الإعلانات عن إقالة أو اعتقال مسؤولين بتهم فساد. بينما شكلت قضية نهب أموال من أمانات الضرائب بمصرف الرافدين الحكومي أكبر قضايا الفساد. التي تواجه رئيس الوزراء الجديد.
وباشرت السلطات بعد أيام من تعيينه الشهر الماضي التحقيق في سرقة 2.5 مليار دولار من أموال الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين الحكومي. وصدرت مذكرات اعتقال بحق المتورطين فيها.
وجاء في بيان هيئة النزاهة الحكومية أن رئيسها القاضي حيدر حنون أصدر أمرا بتشكيل “الهيئة العليا لمُكافحة الفساد، للتحقيق بقضايا الفساد الكبرى والهامة”.
وتضم الهيئة الجديدة في عضويتها مديري دائرتي التحقيقات والاسترداد في الهيئة. بالإضافة إلى مجموعة من مُحققيها يتم اختيارهم من قبل رئيس الهيئة “قابلين للتغير”. وللهيئة الاستعانة بتحريين وإداريّين من مُوظفيها.
وتقع مسؤولية كبيرة على عاتق الهيئة بالنظر لاستشراء الفساد في العراق. حيث تلعب الرشاوى دورا في التنافس على عقود أو مناصب.
وعلى الرغم من تسلل الفساد لغالبية المؤسسات الحكومية، نادرا ما تتخذ أحكام في قضايا تتعلق بمستويات متوسطة في الدولة.
ووفقا لأعداد رسمية نشرت عام 2020، فإن سوء الإدارة في العراق. كان السبب وراء اختفاء أكثر من 400 مليار يورو خلال قرابة 20 عاما، ذهب ثلثها إلى خارج البلاد.