سياسة

“نهاية حسام الغمري”.. لماذا ابتهج إعلاميو الإخوان بطرده؟


اعتبر بعض الإعلاميين الإخوان أن طرد السلطات التركية للإخواني حسام الغمري، بمثابة بارقة أمل لهم، لكن خبراء أكدوا أن آمالهم ستتحطم.

وأفرجت السلطات التركية عن الإعلامي الإخواني حسام الغمري، المحتجز بسبب تحريضه ضد مصر، والمتورط في الإدلاء بمعلومات تمسّ الأمن التركي لجهات خارجية.

وكانت السلطات احتجزته في نوفمبر 2022 في سجن أغري بولاية أغري، ثم أفرجت عنه مع تحديد إقامته بدايةً من يناير  2023، استعدادًا لطرده من تركيا إلى دولة أخرى.

وانفرجت أسارير الإعلاميين الإخوان الموقوفين عن العمل بأمر السلطات التركية. نظرًا لخرقهم ميثاق العمل الإعلامي بعدم التورط في التحريض على الفوضى أو الدعوة لعمليات إرهابية في مصر.

إلا أن باحثون في حركات الإسلام السياسي أكدوا أن آمال الإخوان وأحلامهم ستتحطم على صخرة الواقع التركي الذي لم يتغير. وأكدوا أن الدولة التركية مستمرة في تطبيع علاقاتها مع مصر ولن تضحي بتلك العلاقات مقابل هؤلاء.

الدعوة للفوضى

وظهرت مشاكل الغمري بعد إيقاف برنامجه “رؤية” الذي يقدّمه على فضائية “الشرق” المملوكة للهارب أيمن نور في إسطنبول؛ بسبب تعمده إحراج تركيا مع مصر.

ورغم صدور تعليمات واضحة من الدولة التركية بعدم التورط في دعوات للفوضى والتظاهر بمصر، إلا أن الغمري طالب في نهاية أكتوبر، جماعة الإخوان الإرهابية بإجراء تجربة التظاهر عقب مباراة السوبر بين الأهلي والزمالك، مستغلًا احتشاد الجماهير لمشاهدة المباراة في المقاهي.

واعتبر الغمري أن هذه المظاهرات ستكون شرارةً للفوضى التي ستقع في 11/11 (دعوات أطلقها الإخوان على وسائل التواصل الاجتماعي للتظاهر).

وعقب تلك الدعوة ألقي القبض عليه، ولكن أفرج عنه سريعًا بعد وساطة الإخواني سيف عبدالفتاح الذي عمل مستشارا لمحمد مرسي الرئيس الإخواني المعزول الراحل.

غير أن الغمري لم يلتزم بتعهداته وارتكب عدة أخطاء في حق السلطات التركية فتم توقيفه واحتجازه مجددًا، إلى أن أفرج عنه، الجمعة، على أن يغادر تركيا في الحال.

لماذا ابتهج الإخوان بطرده؟

واعتبر إعلاميو الإخوان الموقوفين الإفراج عن “الغمري”، إشارة قوية من السلطات التركية بعودة نشاطهم التحريضي ضد الدولة المصرية، إلا أن الكاتب والباحث في الإسلام السياسي عمرو عبد المنعم، يرى أن الإفراج عنه لا يعني أن ثمة تغييرا طرأ سياسة تركيا في وقف التحريض ضد مصر.

وأشار إلى أن “الحالة التي انتابت الإخوان تدل على حجم الأزمة التي كانوا يعانون منها، وحالة الترقب والخوف من المستقبل”.

وقال: “حتى نفهم حالة الإعلاميين الإخوان يجب أن نعود إلى ما قبل أشهر من الآن، عندما حسمت تركيا قرارها بوقف المنصات العدائية ضد الدولة المصرية. وطالبت الإخوان بتغيير خطابهم الإعلامي، وحذرت وقتها من أي تجاوز أو في التحريض ضد مصر، لكن بعضهم نظرًا لاتصاله بدوائر دول أخرى تجاوز كل الخطوط”.

وتابع: “على أثر ذلك منعت السلطات بعضهم من الظهور مجددًا على الفضائيات التي تبث من أراضيها، ومنهم عماد البحيري وهيثم أبو خليل وغيرهما”.

ولفت إلى أن “ما زاد الطين بلة تورط الغمري في مشكلات مع السلطات التركية، بتمرير معلومات عن الأكراد في تركيا وعن حزب العمال الكردستاني لجهات غير تركية. وهي التهمة التي لم تصل إلى درجة التخابر والتجسس، وهي أقل من الاتهام بالإرهاب، لكنها تهمة خطيرة لمواطن يحمل جنسية دولة أجنبية ويقيم بصورة استثنائية على الأراضي التركية”.

 واستطرد: “كان من المتوقع في مثل هذه الحالات أن يتم ترحيله إلى دولته الأم (مصر) ذلك في أحسن الأحوال، وهذا ما كان يخاف منه الغمري ومعه الإعلاميون الإخوان، لكن بعدما اكتفت السلطات التركية بطرده، تنفس الجميع الصعداء”.

وبحسب وصف عماد البحيري الإعلامي الإخواني -في فيديو له على قناته على يوتيوب- فإن “نصف الأزمة انتهت وبقي النصف الآخر”، ويقصد بهذا مشكلته هو مع السلطات التركية”.

ويوضح عبد المنعم مصير الغمري بقوله “إن بعض الدول الأوروبية رفضت انتقال الغمري إليها، وثمة أنباء عن انتقاله إلى دولة في أمريكا اللاتينية، والمرجح أنها البرازيل نظرًا لوجود جالية إخوانية هناك يمكنها توفير ملاذ آمن للغمري، وكان الناشط الإخواني عماد البحيري قد أعلن أن الغمري قد رحل عن تركيا فعلا ولكن إلى دولة تم التكتم عليها حفاظا على أمنه وسلامته كما يدعي البحيري وهو ذات ما أكده الإخواني هيثم أبو خليل في فيديو على قناته”.

ويختم عبد المنعم تصريحه بأن ما حدث للغمري هو نهاية محتومة لكل خائن يبيع وطنه ولعل الباقي يتعلم الدرس، ولعل الناس تفهم أن الإخوان عملاء حتى النخاع”.

الطرد لجهة غير معلومة

فيما يرى طارق البشبيشي الكاتب والباحث السياسي أن “الإفراج عن الغمري ليس بالضرورة عودة منصات الهجوم على مصر، فقد تم طرده إلى دولة غير معلومة، رغم وجود تيار في الحكم لا يزال متعاطفا مع الجماعة الإرهابية ويحاول توفير الحماية والأمان لهم”.

كما أوضح أن “تركيا لم تتخل عن رعاية الجماعة الإرهابية، فهناك تيار يرى أن الاستثمار في الإسلام السياسي سيضع السياسة التركية في بؤرة الأحداث، مما يسمح لها بفرض شروطها وحماية مصالحها في المنطقة”.

وتابع البشبيشي: “لكنْ ثمة تيار قوي كذلك في دوائر الحكم بتركيا في الوقت ذاته، يرى استكمال خارطة الطريق للتطبيع مع الدولة المصرية، وهذا لن يسمح بالتحريض عليها مجددًا”.

ولفت إلى أن “هذا خيار استراتيجي أمني للدولة التركية، وليس مجرد تحول لسياسة حزب حاكم، لذا لن تتخلى تركيا عن استكمال التطبيع مع مصر، على وجه الخصوص، وأن مصر لم تتخلَّ عن واجبها الإنساني مع تركيا أثناء الزلزال الذي ضربها وسوريا مؤخرًا”.

وأشار البشبيشي إلى أنه “رغم الأحوال الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر حاليًا قدمت المساعدات للشعبين السوري والتركي دون النظر للمواقف السياسية”.

نزيف جرح فشل دعوات 11/11

وكشف البشبيشي أن “سبب سعادة الإعلاميين الإخوان لطرد الغمري يعود إلى أنهم كانوا يعلمون أن المشكلة مركبة ومعقدة وكان من المحتمل أن تتطور القضية إلى أبعد من ذلك وربما شملتهم معه، ولكن وساطة دولة أوروبية عظمى هي التي أنهت الأزمة عند هذا الحد، واكتفت تركيا بطرد الغمري ليكون عبرة للباقي”.

واستطرد: “المثير للدهشة أن الغمري عقب خروجه بث مقطعا مرئيا له يلقي باللوم على المصريين الذين لم يستجيبوا لدعواته بالنزول في 11/11 ، فقد كان واضح رفض الشعب المصري القاطع لكل دعاوي الإخوان بالفوضى والمظاهرات، مما أصابه بالغضب والغيظ”.

وبلغة التشفي والشماتة، زعم الغمري أن “ما يعانيه المصريون من أزمة اقتصادية يعود إلى عدم نزولهم في 11/11″، رغم أنه يعود لانعكاسات الأزمة الاقتصادية في العالم على مصر وليس حالة خاصة بها.

وأشار البشبيشي إلى التناقض في مشاعر الإخوان العملاء في تركيا إلى أن “الجماعة بجبهاتها المتناحرة ولا برموزها المتعددة، لم ينتقدوا السلطات التركية أبدًا، ولا حتى الغمري الذي احتجز أشهر عدة دون تهمة”، على حد قوله.

وتابع: “الجميع التزم الصمت ولم يتهموا تركيا باعتقال الأبرياء ولم تخرج منهم كلمة سوء في حقهم، في حين أنهم يملكون حقدًا وكراهيةً لأوطانهم ولمجتمعهم العربي لا حد له، وكثيرا ما نالوا من الأشقاء العرب”.

وأشار إلى أنه “حتى المطرود حسام الغمري وجه هجومًا لاذعًا إلى قناتي العربية والحدث واتهمهم بنشر أكاذيب عنه، في حين أنه بالفعل كان محتجزا وبالفعل تم طرده إلى خارج البلاد”.

واختتم البشبيشي تصريحه بالتأكيد على أن “الإخوان عملاء وعملاء سيئون، واستئجارهم للقيام بهدم دولهم وتخريب أوطانهم سلوك قديم، ولم يتعظوا حتى الآن”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى