نصرالله: طوفان الأقصى قرار فلسطيني بلا وصاية إيرانية


 قال حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اليوم الجمعة إن عملية طوفان الأقصى التي نفذها مقاتلو حركة حماس كان قرارها “فلسطينيا مئة بالمئة”، واصفا الاشتباكات الدائرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بأنها “كبيرة جدا”، كاشفا أنه “لن يتم الاكتفاء بها على كل حال”.

في أحدث مؤشر على استعداد الحزب المدعوم من إيران لتوسيع النزاع، بينما أثار اقتصاره خلال الأيام الأخيرة على عمليات محدودة خيبة في صفوف أنصاره في ظل ارتفاع حصيلة خسائرة البشرية إلى 56 قتيلا، رغم امتلاكه ترسانة ضخمة من الأسلحة والصواريخ الدقيقة التي بإمكانها أن تطال العمق الإسرائيلي.

ووصف نصرالله الحرب الدائرة في غزة بأنها “معركة فاصلة حاسمة تاريخية ما بعدها ليس كما قبلها على الإطلاق”، داعيا الدول العربية إلى قطع النفط عن الولايات المتحدة ووقف صادراتهم إلى إسرائيل.

واعتبر في أول كلمة يلقيها منذ اندلاع الاشتباكات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بين حزبه والدولة العبرية إن “قرار المقاومة الإسلامية في العراق بمهاجمة القواعد الأميركية في العراق وسوريا قرار حكيم وصائب”.

وتابع “يجب أن نكون جميعا جاهزين وحاضرين”، مضيفا “كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة وكل الخيارات مطروحة” وقال إن “إسرائيل سترتكب “أكبر حماقة في تاريخها” إذا أقدمت على عملية استباقية ضد لبنان”.

وكشف أن “أمر الجبهة اللبنانية وتصعدها وتطورها مرهون بأحد أمرين، الأول مسار وتطور الأحداث في غزة والأمر الثاني هو سلوك العدو الصهيوني في لبنان”

وزاد “البعض يقول إنني سأعلن اليوم عن الدخول إلى المعركة.. نحن دخلنا المعركة منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول. بدأت المقاومة الإسلامية بعملياتها في ثاني يوم من طوفان الأقصى ولم يكن لنا علم مسبق بالعملية”.
وتابع “يوم السبت علمنا بالعملية مثلنا مثل كل العالم وانتقلنا سريعا من مرحلة إلى مرحلة وثاني يوم بدأت العمليات في منطقة مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وبعدها امتدت إلى كامل الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة”.

وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الجمعة تهديده للأمين العام لحزب الله بعدم التدخل في الحرب الدائرة ضد قطاع غزة، قائلا إن “الخطأ سيكلفك ثمنا لا يمكنك حتى تخيله”.
وقال في مؤتمر صحفي عقده بالتزامن مع الكلمة المباشرة التي ألقاها نصر الله “فيما يتعلق بالشمال، أكرر وأقول لعدونا: لا تختبرنا. الخطأ سيكلفك غاليا”.
وبينما يرى محللون أن لا مصلحة للحزب بالانخراط في حرب ستدمّر لبنان لا محالة، وفق التهديدات الإسرائيلية، يعتبر آخرون أن القرار بيَد إيران التي تقود “محور المقاومة” في المنطقة ضد إسرائيل والذي يضم إلى جانب حزب الله، مجموعات مسلحة في سوريا والعراق واليمن.

وقال ريتشارد هيخت المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة قبل خطاب نصرالله “لن يكون في صالحه الآن التصعيد في الشمال” منبهاً “إذا حصل ذلك.. سيكون ردناً قاسياً جداً جداً”.

ومنذ بدء التصعيد جنوباً، قال حزب الله في بيانات متلاحقة إنه استهدف عشرات أجهزة المراقبة والمواقع العسكرية والآليات التابعة للجيش الإسرائيلي والتي يمكن رصدها عبر الحدود، مستخدماً صواريخ “موجهة” تصيب أهدافها وأسلحة “مناسبة”. واستهدف منذ الأحد مرتين مسيرتين إسرائيليتين بصواريخ أرض جو، كما أعلن الخميس عن استخدام مسيرتين في قصف مواقع اسرائيلية.

وتردّ إسرائيل بدورها بقصف على طول الشريط الحدودي تقول إنه يستهدف بنى تابعة لحزب الله. ولا تفارق طائرات الاستطلاع الإسرائيلية أجواء الجنوب.

وامتنع حزب الله وإسرائيل منذ حرب يوليو/تموز 2006 عن الدخول في مواجهة شاملة وبموازاة ذلك عمل على تطوير ترسانة السلاح الضخمة التي يملكها وتتضمّن صواريخ دقيقة هدّد مراراً أن بإمكانها أن تطال عمق إسرائيل.

وعلى وقع التصعيد في غزة، شاركت مجموعات عدة أبرزها حركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان إلى جانب حزب الله في إطلاق صواريخ من جنوب لبنان دعماً لغزة. وتنضوي الأطراف الثلاثة مع فيلق “القدس” الإيراني في غرفة عمليات مشتركة تنسّق عبرها تحركاتها.

وأكّد الحزب ومسؤولون من إيران الداعمة له ولحماس مراراً أن “الإصبع على الزناد” لدى مجموعات “محور المقاومة”، وأن عدم وقف “العدوان الإسرائيلي” على قطاع غزة يمكن أن يفجّر المنطقة.

وترى الأستاذة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله أمل سعد أن هناك عوامل عدة قد تدفع حزب الله وحلفاءه إلى حسم قرارهم بدخول الحرب، لكن ثمة عاملين رئيسيين يحددان مسار الأمور، أحدهما أن حزب الله لن يسمح “بمحاولة إسرائيل.. اجتثاث قادة حماس أو القضاء على حماس في قطاع غزة”.

كما أنه لن يسمح، برأيها، بأي محاولة “تطهير عرقي للفلسطينيين في غزة، لنقلهم إلى سيناء أو مناطق أخرى، فهذا خط أحمر لحزب الله الذي لن يسمح بنكبة جديدة” مشابهة لنكبة 1948.

وجاء في رسالة نشرها إعلام الحزب الأربعاء وموقعة من “مجاهدي المقاومة الإسلامية” توجهت إلى الفصائل الفلسطينية المقاتلة في قطاع غزة، “يدنا معكم على الزناد.. نصرة لأقصانا”.

لكن رغم التصعيد في اللهجة، يرى الباحث في مركز مالكوم كير – كارنيغي للشرق الأوسط مايكل يونغ أن كل طرف يقيس “أفعاله وردود أفعاله على نحو حذر، لتفادي الانزلاق إلى وضع قد يخرج في أي لحظة عن السيطرة ويمتدّ ليشمل المنطقة”.

وفي الشارع وفي الوسط السياسي وعبر منصات التواصل الاجتماعي .والإعلام ينتقد البعض أداء حزب الله وعجز الدولة الغارقة في شلل تام. وسط شغور في رئاسة الجمهورية منذ سنة ويعبرون عن مخاوف من جرّ لبنان إلى حرب قرارها محصور في يد حزب الله. القوة السياسية النافذة والقوة العسكرية الوحيدة غير النظامية ولو أن للجماعة حاضنة شعبية لا بأس بها.

ويقول عاهد ماضي (43 عاماً) من بلدة شبعا الحدودية “ننتظر خطاب سماحة السيد على أحرّ من الجمر، وكل التمني أن يعلن الحرب على العدو الإسرائيلي ومن معه من دول غربية بانت على حقيقتها”. أما ربيع عواد (41 عاماً) من بلدة راشيا الفخار الحدودية فيقول إنّ أي حرب مع إسرائيل “ستشكل ضربة قاضية للبنان”.

ويضيف “أرفض كل ما يتعرض له الفلسطينيون من حرب إبادة وتجويع في غزة. لكن قرار الحرب يجب أن يكون بيَد الدولة اللبنانية فقط، لا بيَد حزب من هنا أو ميليشيا من هناك”.

Exit mobile version