سياسة

مَن يُخرج لبنان من نكسته؟

فهد ديباجي


خوفا من تصدُّع حكومته يتريَّثُ نجيب ميقاتي في دعوته لاجتماع مجلس الوزراء، فيما يضغط رئيس لبنان، ميشال عون، لانعقاد اجتماعات الحكومة.

“عون” قال إن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء “غير جائزة”، رافضاً التوقيع على أي قرار في ظل وجود حكومة “مكتملة الأوصاف الدستورية”، وذلك في ظل أزمات داخلية خانقة وعزلة دولية وتوالي الكوارث، وانكماشٍ دائم للاقتصاد اللبناني، وسقوط حُرٍّ للعُملة الوطنية.

لقد أثبتت الأحداث اليومية أن الأمور تزداد سوءًا في لبنان، فلا جهود تُبذلُ لإنقاذه، ولم يتوصل السياسيون المنفصلون عن الواقع بعدُ إلى طريقة لقيادة البلاد إلى بر الأمان، مع فشل الحكومة اللبنانية حتى في أن تجتمع.

ما يعيشه لبنان اليوم من “نكسة” هو الواقع الذي لا مفر منه، فمَن رضي أن يكون تحت إمرة “حزب الله” الإرهابي المُطيع لأوامر الحرس الثوري الإيراني في المنطقة تحت زعم ووهم “المقاومة”، عليه أن يجني تلك النتائج، ومَن لم يرضَ، سيكون مضطرا للبحث عن وطن آخر.

لقد تسبّبت الأزمات التي يعانيها لبنان في موجة هجرة كبيرة لأبنائه نحو الخارج، هرباً من الواقع المرير الذي يعيشه المواطن اللبناني، وذلك نتيجة فشل الحكومات المتعاقبة في بناء دولة قوية بكامل الأركان، بدءاً من نظام اقتصادي منتج يعزز الدورة الاقتصادية واليد العاملة، لكن ما يتعزَّز في لبنان فقط هو مفهوم “المحسوبية والمحاصصة الطائفية”، ففي الإدارات الحكومية هناك عشوائية توظيف تتبنَّاها الطبقة الحاكمة غير المهتمة بوضع المواطنين وهمومهم المعيشية ولا بأي إصلاحات جذرية أو إجراءات لتخفيف حدة الأزمة اللبنانية التي صارت يومية.. لقد اخترق الفساد الطبقة الحاكمة في مختلف القطاعات، حتى أصبح لبنان بلداً منهارا، ما أدى إلى سقوط القطاع العام بفقدان الكفاءة والشفافية، وعدم صمود القطاع الخاص وحده أمام الأزمات المتتابعة، فضلا عن عدم الاستقرار السياسي، ما يجعلنا أمام حقيقة ثابتة، وهي أن الشعب اللبناني متروكٌ لمصيره المجهول، ليتحمل وحده كل خسائر وتبعات الأزمات التي أوصلته إليها الطبقة السياسية المتناحرة فيما بينها، وهو ما يُنبئ بأن مستقبل لبنان لن يكون بخير، في ظل معاناة مركّبة شلّت البلد كله، يتداخل فيها مجموعة اختلالات، من احتلال مسلح على شكل مليشيا “حزب الله”، وسوء إدارة، وعجز مؤسسات عن تولي مسؤولياتها، وقصور قيادي واضح، وهيمنة خارجية وتبعية وتعبئة طائفية، وفساد يتفشّى، وفقر وعمليات اختطاف وسرقة، وأطفال يعانون أخطارًا متعددة الأبعاد.

هذا هو حال لبنان مع طبقة التخبط السياسي والارتهان للمصالح وأوامر الخارج لا الأوامر الوطنية.

واقعيًا، لا سيادة في لبنان إلا للسيد التابع لإيران، فهو مَن يفرض جبرًا مكانته وقوة الطائفية مدعومة بقوة السلاح المستورد من إيران، ويتاجر في المخدرات، ويرفض الالتزام بالقرارات الدولية، وهو من يخترق حدود لبنان ليرتكب المجازر بحق الأبرياء ويحتل ويهدد مدنهم وقراهم، ويُهجِّر النساء والأطفال ويطبق برنامج تغيير ديموغرافي ممنهج.

الدولة الطائفية والكيان “الديني” والعزل الاجتماعي المذهبي، هي مفردات تشكّل الدولة اللبنانية حاليا، ما يجعل الوضع فيها مُحزنا ويُفطر القلب، هويته ضائعة، ودولة فاشلة -أحد أفقر دول العالم بحسب إحصاءات أخيرة- وهو ما جعل رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، يعلنها صريحة: “لبنان يحتاج إلى مساعدات عاجلة، فنحن نعيش في أسوأ أزمة اقتصادية”، مما يقرب مقياس المسافة المتبقية على بوابة الجحيم، التي ذكرها الرئيس “عون”.

قد تكون المنطقة على أبواب تسوية إقليمية، ولبنان سيدفع ثمنًا باهظًا باستمرار وجود “حزب الله” الإرهابي، وإذا لم يتم تحصين لبنان بانتخاب طبقة سياسية وطنية جديدة، فلن يخرج من نكسته بإصلاحات تُرضي شعبه وتُعيده إلى طبيعته وعروبته. ‏

فهل يجد لبنان مفتاح الحل ليخرج من الورطة؟ الإجابة ربما تكمن في كلمات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والذي أكد أن المجتمع الدولي لن يستجيب لمساعدة لبنان حال لم يقُم لبنان ذاته بإصلاحات داخل مؤسساته، بشرط “ألا تكون الجماعات المتطرفة بديلا عن الدولة”، فضلا عن إجراء الانتخابات في موعدها.

العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى