من دعم إلى عبء.. البوليساريو ترهق الخزينة الجزائرية

سلّطت مجلة “جون أفريك” الفرنسية في تقرير مطوّل الضوء على قتامة الأوضاع في مخيمات تندوف تحت حراب بوليساريو، مشيرة إلى أن السكان يدفعون ثمن صراع دام نصف قرن، لافتة إلى اهتزاز صورة الجبهة الانفصالية لدى الجزائر التي توفر لها الدعم والغطاء السياسي، لا سيما مع احتمال تصنيفها تنظيما إرهابيا من قبل واشنطن وانفضاض أغلب داعميها من حولها، ما أوقعها في عزلة تتفاقم يوما بعد أن تهاوى الطرح الانفصالي أمام اتساع قائمة الدول المؤيدة لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب كحل وحيد لإنهاء النزاع المفتعل.
بدورها ألمحت الجبهة الانفصالية هذا الأسبوع إلى استعدادها للقبول بالمبادرة المغربية، بعد أن ضاق عليها الخناق، في وقت تواجه فيه احتقانا في صفوف سكان المخيمات الذين ضاقوا ذرعا بسطوتها وانتهاكاتها لحقوقهم.
وينتظر أن تواجه الجزائر التي أججت الصراع حول الصحراء المغربية طيلة عشرات العقود بدعمها للجبهة الانفصالية ورفضها الانضمام إلى الموائد المستديرة، ضغوطا من الولايات المتحدة، في ظل عزم إدارة الرئيس دونالد ترامب على تسوية الصراع في إطار المبادرة المغربية التي أثبتت وجاهتها.
وقال كاتب التقرير مبارك ولد بيروك إن “الصحراويين يعيشون حياة رتيبة من دون أمل وقد تخلوا عن الشعارات القديمة ودفنوا رموزهم ولم يعودوا يؤمنون إلا بما يسد رمقهم من مياه تُوزع من صهاريج ومعونات غذائية دولية”، وفق موقع “الصحيفة” المغربي.
وتابع أن “أغلب الصحراويين ولدوا في مخيمات تندوف ولم يعرفوا غير حياة العزلة وسط الخيام والطين”، مضيفا أن “الشباب لم يكن يوما طرفا في القرارات بل تم الزج به في نزاع يخدم أطرافا أخرى”.
وكشف التقرير أن “قيادة بوليساريو تدير المخيمات بنظام استبدادي، حيث تنتشر ميليشيات تراقب وتفتش وتفرض تصاريح للتنقل بين المناطق، في وقت غادر فيه المحظوظون إلى الجزائر أو موريتانيا أو حتى إسبانيا”.
وأشار التقرير إلى أن بعض الشبان اضطروا لتهريب المساعدات الغذائية من أجل البقاء على قيد الحياة، في وقت تظهر فيه ملامح الثراء على قيادات الجبهة الذين استغلوا نفوذهم لتحقيق مكاسب مادية.
وأطلقت منظمات حقوقية والعديد من الصحراويين نداءات استغاثة مطالبين الجهات الدولية المعنية بمعاينة خروقات بوليساريو وانتهاكها لحقوق الإنسان في المخيمات وكافة عمليات الابتزاز التي يمارسها قادتها بهدف إحكام سيطرتهم على المخيمات.
وأضاف أن “الواقع أصبح أكثر وضوحا”، موضحا أن “وضع اللاحرب واللاسلم لم يعد يخدم أحدا، لا المغرب ولا الجزائر، وخاصة آلاف الصحراويين المنسيين وسط صحراء الحمادة القاحلة”.
ولفت إلى أن “قيادي سابق في البوليساريو عاد إلى المغرب كشف لكاتب التقرير أن مسؤلا جزائريا قال له ألاّ يحلم بعد اليوم بأي نصر عسكري ضد المغرب”.
واعتبرت “جون أفريك” أن لا أحد يرغب فعليا في دعم بوليساريو، في الوقت الرهان خاصة بعد انفصال قادتها عن الواقع، محذرا من أن تستغل الجماعات المسلحة في المنطقة هذا الوضع لتوسيع نفوذها، ما يثير مخاوف دول الجوار.
وأكد أن “مبادرة الحكم الذاتي تمثل مخرجا للانفصاليين، تضمن لهم حقوقا موسعة في إدارة شؤونهم، دون علم أو جيش أو دبلوماسية، لكن ضمن السيادة المغربية”.