من خذل لبنان.. الغرب أم ساسة لبنان؟
هل تخلَّى العالم الغربي عن الشعب اللبناني -والشعب العراقي أيضاً- كما تخلَّى من قبل عن الشعب الإيراني في ثورته الخضراء عام 2009؟
لقد فعل اللبنانيون خلال هذين الأسبوعين ما لم يفعل منذ 1920، على حدّ وصف الكاتب سام منسي، في مقالته هنا بجريدة «الشرق الأوسط».
ثورة مدنية سلمية انتظم فيها اللبنانيون، أكثر من مليون ونصف المليون، من كل الطوائف والأحزاب، تحت العلم اللبناني والدولة اللبنانية الجامعة.
كل هذا لم يلفت نظر العواصم الأوروبية والغربية الأخرى، إلا ببضع كلمات وبيانات باردة كبرودة قلوبهم.
أين الحماس الأمريكي «الأوبامي» الهادر أيام ما سُمي الربيع العربي؟ بل أين حماسة باريس أيام ثورة الأرز، يوم قتل رفيق الحريري 2005، وقيادتها مع أمريكا لصدور قرارات دولية ملزمة لسوريا المحتلة؟
الكاتب الأمريكي ديفيد إغناتيوس الذي كان مقرباً من أوباما اليساري، كتب مؤخراً مقالة، تحت عنوان «ضاعت سوريا… لننقذْ لبنان»، خلاصته تحريض إدارة الرئيس ترمب على تولي الملف اللبناني وعدم إهماله. إغناتيوس نقل عن مسؤول أمني كبير قوله: «نشعر بالشفقة. هذه ليست الولايات المتحدة التي نعرفها»، وعن سياسي لبناني بارز اعتباره أنّ «المحور الإيراني – السوري – الروسي انتصر».
وبعد جملة من النصائح، دعا الكاتب صاحب الهوى اليساري بلاده إلى تشجيع السعودية والإمارات وغيرهما على تقديم المعونات المالية إلى الدولة اللبنانية، الحالية، شارطاً أن «تقنع واشنطن الدول الخليجية بأنَّ أموالها لن تختفي في مصافي الفساد».
جميل… لكن كيف يحصل هذا مستر ديف؟
بصراحة، الغرب ملوم وغير ملوم في الوقت نفسه! نعم ملوم لأنه يتخاذل حين يكون التغيير حقيقياً، وينشط حين يكون التغيير صورياً.
بمعنى أن المطلوب حصوله اليوم في لبنان ليس مجرد تغيير حكومة أو حتى رئيس جمهورية، ولا حتى مجرد مطالب اقتصادية ومحاربة للسرقات، المطلوب تغيير كل النظام السياسي والتوافقات القائمة، تغيير هوية لبنان الطائفي التابع لإيران… باختصار واضح.
لكن يصرُّ الغربيون، خصوصاً الاتحاد الأوروبي، من خلال سكرتيرته المغرمة بإيران، الإيطالية فيدريكا موغيريني، على حصر مطالب الشعب اللبناني في قضايا الخدمات والفساد، وإهمال الجانب السياسي من مطالب اللبنانيين.
سام منسى في مقالته بـ«الشرق الأوسط»، المشار لها قبل قليل، قال بعدما هاجم الخذلان الغربي للشعب اللبناني: «لا بدَّ من التسليم بأن مَن لا يساعد نفسه لن يساعده الآخرون!»، واضعاً يده على مصائب مَن يدعي حماية الجمهورية في لبنان ومن ذلك:
التحالف مع «حزب الله» لاحقاً.
الذهاب لاتفاق الدوحة حسب تفصيل «حزب الله».
الدخول في تسوية جاءت بحليف «حزب الله» رئيساً للجمهورية.
نعم، اللؤم الأوروبي واضح تجاه حركة الشعبين اللبناني والعراقي، لكنَّ لهذا اللؤم مبرراته بسبب سلوك الساسة هنا وهناك.
جاء على لسان الشيطان في التنزيل الكريم: «ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم».
نقلاً عن “الشرق الأوسط”