سياسة

من الكوريتين إلى أوكرانيا.. هل يعيد ترامب تجربة أيزنهاور؟


تطرح الحرب الكورية درسًا تاريخيا ملهما في سياق محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تنفيذ وعد قطعه على نفسه بإنهاء الحرب الأوكرانية،

وقبل 7 عقود، واجه الرئيس الأمريكي، دوايت أيزنهاور، وضعًا مشابهًا: حربٌ متجمدة تستهلك الأرواح دون أفقٍ للنصر، في شبه الجزيرة الكورية.

وبذكاء سياسي، حوَّل أيزنهاور الوعد الانتخابي، إلى واقعٍ خلال أشهر. مُنهيًا صراعًا أزهق 3 ملايين شخص.

وفي الوقت الحالي، أمام ترامب 121 يومًا فقط لتحقيق إنجاز مماثل في نفس السقف الزمني، إذا أراد كتابة اسمه كصانع سلام.

الحرب الكورية: من الجمود إلى التسوية

عند تولي أيزنهاور الرئاسة عام 1953، كانت كوريا مُقسَّمة عند خط العرض 38 بعد ثلاث سنوات من القتال الدامي.

بدأ الغزو الكوري الشمالي عام 1950 بدعم سوفياتي وصيني. وكاد يمحو الجنوب لولا تدخُّل قوات الأمم المتحدة بقيادة أمريكية. لكن تقدم الجنرال الجنوبي ماك آرثر نحو الشمال أثار ردًّا صينيًا عنيفًا، حوَّل الحرب إلى مأزق دموي.

أدرك أيزنهاور أن الأمريكيين سئموا هذا الوضع، فشن حملةً دبلوماسيةً مُكثفةً. مُتجاهلًا اعتراضات حليفه الكوري الجنوبي (الرئيس) سينغمان ري، ونجح في توقيع هدنةٍ بعد 189 يومًا من تنصيبه.

أوكرانيا وكوريا: أوجه تشابه

لا تخلو الحرب الأوكرانية من أوجه شبه بالسيناريو الكوري. فبعد التقدم الروسي السريع في 2022، تمكَّنت أوكرانيا – بدعم غربي – من استعادة نصف الأراضي المحتلة، لكن الجبهة تجمَّدت منذ نهاية ذلك العام.

واليوم، تتقدّم روسيا “بوصة تلو الأخرى” في دونباس. بينما تصر أوكرانيا على استعادة كل شبرٍ من الأرض، رغم إدراكها ضعف حظوظ النصر العسكري.

وهنا يبرز سؤال أيزنهاور التاريخي: كيف تُحوَّل الجمود إلى سلامٍ دون خسارة؟

دروس أيزنهاور لترامب

في هذا السياق، يُقدِّم النموذج الكوري ثلاثة دروس رئيسية:

الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور

 

فرض الإرادة على الحلفاء: فكما تجاهل أيزنهاور رفض سينغمان ري لوقف القتال. قد يفعل ترامب الأمر ذاته مع الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي،  ويمضي في طريق التسوية.

ابتكار أداة ضغط: استخدم أيزنهاور التلميح بالسلاح النووي لإرغام الصين على التفاوض. وقد يعتمد ترامب على رفع الدعم العسكري عن أوكرانيا، أو التهديد بذلك، لدفع كييف للتنازل. بينما يُمكن لعقوباتٍ أقسى أو تفاهماتٍ مع بوتين كسر الجمود الحالي.

ضمانات أمنية طويلة الأمد: مثلما وقَّعت واشنطن معاهدة دفاع مع كوريا الجنوبية. قد يحتاج ترامب لترتيباتٍ (عضوية الناتو المُعلَّقة؟ نزع سلاح أوكرانيا؟) تُرضي موسكو دون إذلال كييف.

التحديات

ورغم التشابهات، تبرز فوارق جوهرية، فالصين في 1953 لم تكن تمتلك ترسانة نووية كاملة. بينما روسيا اليوم قوة عظمى مُسلَّحة نوويًا.

كما شاركت واشنطن في الحرب الكورية، بينما تُموِّل أوكرانيا دون تدخُّل عسكري مباشر.

يضاف إلى ذلك أن الأوكرانيين يرون أنفسهم “ضحايا غزوٍ” لا مُجرَّد طرف في حرب أهلية. مما يُعقِّد قبول التسويات المطروحة.

لكن قد يسعى ترامب لتجميد الصراع عبر اتفاقٍ يُوقف القتال مع الحفاظ على الخطوط الأمامية الحالية. بيد أن هذا يتطلب تنازلاتٍ من كلا الطرفين: مثل انضمام أوكرانيا المُعلَّق لحلف شمال الأطلسي “الناتو” مقابل اعترافٍ روسي بحدود 1991. أو حكم ذاتي لمناطق دونباس ضمن دولة أوكرانية.

الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور

والتحدي الأكبر سيكون إقناع زيلينسكي – الذي يُصر على “لا تفاوض دون انسحاب روسي كامل” بهذه التنازلات. وكذلك قبول بوتين بتسويةٍ لا تُظهره منتصرًا.

فرصة تاريخية

خلصت مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، إلى أن أوجه التشابه بين ترامب وأيزنهاور مفيدة أيضاً. فالرئيس جديد، مصمم على أن يكون صانع سلام، يتولى منصبه متحرراً من إرث الحرب. وبالتالي يكون قادراً على إحداث تحول جذري.

وقد يكون مفتاح نجاح أيزنهاور في الوفاء بوعده، طوق نجاة لترامب. إذ قاد الأول بنفسه جهدًا مباشرًا ومركّزًا لإبرام الصفقة في ذلك الوقت.

ووفق المجلة، إذا استطاع ترامب الاستفادة من أيزنهاور، مستخدمًا سلطته للتوصل إلى اتفاقٍ لن يُعجب زيلينسكي ولا بوتين، ولكنه سيُنهي القتل. ويمنع اندلاع حربٍ أخرى. فسيكون قادرًا على الادعاء بأنه حقق “صفقة القرن” للسلام.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى