مناورة ذكية أم تراجع تكتيكي؟ إيران تلوّح بدفء العلاقات لتفادي العقوبات

أعربت إيران الأحد عن استعدادها “لفتح صفحة جديدة” في العلاقات مع الدول الأوروبية. التي تدرس امكانية إعادة تفعيل عقوبات دولية على طهران بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.
وتريد طهران على الأرجح من خلال هذا الإعلان تجنب تلك الخطوة التي من شأنها أن تفاقم متاعب الاقتصاد الإيراني المتعثر والواقع تحت وطأة حزمة عقوبات أميركية.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أمام منتدى دبلوماسي عُقد في طهران، إنّ “إيران مستعدّة لفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع أوروبا. إذا لمست إرادة حقيقية ونهجا مستقلا من قبل الأطراف الأوروبيين”.
-
إيران تقترح محادثات إضافية: مناورات دبلوماسية على هامش الملف النووي
-
عشر قواعد تحكم العلاقة الأميركية الإيرانية.. والاتفاق رهينة الحسابات
ووقعت الجمهورية الاسلامية مع كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة. إضافة الى روسيا والصين والولايات المتحدة، اتفاقا بشأن برنامجها النووي في العام 2015.
ونصّ الاتفاق على رفع عقوبات كانت مفروضة على طهران. مقابل تقييد نشاطاتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن الاتفاق أصبح بحكم المنتهي بعد انسحاب الولايات المتحدة أحاديا منه في العام 2018 خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب الذي أعاد فرض عقوبات قاسية.
من جهتها، بقيت إيران ملتزمة كامل بنود الاتفاق لمدة عام بعد الانسحاب الأميركي منه. قبل أن تتراجع تدريجا عن التزاماتها الأساسية بموجبه. بما في ذلك رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى نحو 60 بالمئة وهو مستوى يقترب من نسبة 90 في المئة التي تسمح لها بصناعة أسلحة نووية.
-
من التبعية إلى المناورة.. أوروبا تشكل دفاعها الخاص وسط شكوك في واشنطن
-
جولة رابعة من المفاوضات النووية: بوادر تقدم أم استمرار للجمود؟
وتدرس القوى الأوروبية الثلاث المنضوية في اتفاق العام 2015. ما إذا كانت ستفعّل آلية “العودة السريعة” أو “الزناد”، وهي جزء من الاتفاق. تتيح إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران في حال انتهاكها الاتفاق. وتنتهي المهلة لتفعيل هذه الآلية في أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وقال عراقجي الأحد “إذا كانت لدى أوروبا الإرادة اللازمة لتصحيح هذا الوضع. فإنّ إيران لا ترى أي عائق أمام استعادة الثقة المتبادلة وتطوير العلاقات” مع الدول الأوروبية.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أكد أواخر أبريل/نيسان. أنّ الدول الأوروبية لن تتردّد “للحظة” في إعادة فرض العقوبات على إيران إذا تعرّض الأمن الأوروبي للتهديد بسبب برنامجها النووي.
-
إيران تصعّد وتتمسك بيورانيومها.. لا تنازلات في الملف النووي
-
تهميش أم استبعاد؟ لعبة التوازنات تعيد تشكيل مسار النووي الإيراني
وفي مقال نُشر الأسبوع الماضي على موقع مجلة “لو بوان” الفرنسية. حذر وزير الخارجية الإيراني الأوروبيين من “استراتيجية المواجهة”.
وأجرت طهران الجمعة في تركيا مباحثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشأن برنامجها النووي. تطرقت خلالها الى المفاوضات الجارية مع واشنطن.
وتهدف المحادثات الأميركية الإيرانية للتوصل إلى اتفاق جديد يضمن للقوى الغربية عدم تطوير إيران سلاحا ذريا، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. وتنفي طهران على الدوام سعيها الى تطوير أسلحة نووية، مؤكدة سلمية برنامجها.
-
واشنطن: إيران تمد فصائل العراق بصواريخ بعيدة المدى في سابقة هي الأولى
-
مفاوضات «النووي»: إيران تدرس الخيارات بعد وصول رسالة ترامب
وتسعى إيران لتحسين صورتها على الساحة الدولية .وتقديم نفسها كطرف مستعد للانخراط في حلول دبلوماسية وقد ترى فرصة في وجود بعض الاختلافات في وجهات النظر بين الإدارة الأميركية. وبعض الدول الأوروبية حول كيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني والقضايا الإقليمية الأخرى.
وربما تسعى من خلال هذا الاعلان إلى تشجيع دور أوروبي أكثر استقلالية في التعامل معها. بعيدا عن الضغوط الأميركية. ويشير الإعلان كذلك إلى أن إيران لا تزال ترى في الحوار والحلول الدبلوماسية خيارا مطروحا لتسوية الخلافات والقضايا العالقة.
ويعكس هذا الاستعداد بعض المرونة في المواقف الإيرانية بهدف فتح قنوات جديدة للتواصل، بينما يأتي هذا الإعلان في ظل استمرار المحادثات غير المباشرة مع واشنطن بوساطة أطراف أخرى. وقد يكون الهدف منه إرسال إشارة إلى أوروبا بأهمية دورها وعدم تهميشها في أي اتفاق مستقبلي.
-
الملف النووي على حافة الانهيار وسط تصعيد إيراني متسارع
-
إيران تسعى للتوصل إلى اتفاق نووي قبل نفاد صبر ترامب
وفي حال تم التوصل إلى اتفاق جديد مع الولايات المتحدة. فإن فتح صفحة جديدة مع أوروبا سيكون مهماً لإيران في تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية.
دوافع اقتصادية، فطهران تدرك حاجتها إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع أوروبا. لجذب الاستثمارات وتنشيط التجارة، خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وقد يكون هذا الإعلان رسالة موجهة إلى الداخل الإيراني لإظهار. أن القيادة تبذل جهودا دبلوماسية لتخفيف الضغوط على البلاد.