ممر إنساني إلى السويداء بوساطة أميركية وتنسيق إسرائيلي

تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التوسط في اتفاق بين إسرائيل وسوريا، بهدف إنشاء “ممر إنساني” إلى محافظة السويداء جنوبي سوريا.
وتأتي هذه المساعي، التي كشف عنها موقع أكسيوس الإخباري الأميركي، في ظل توترات متصاعدة في المحافظة، وتهدف إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى الدروز هناك.
واستعرض أكسيوس تفاصيل هذه المبادرة الدبلوماسية، ودوافعها، والتحديات التي تواجهها، وتأثيراتها المحتملة على المشهد الإقليمي.
وذكر الموقع الأميركي، الثلاثاء، نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن واشنطن تدير مسارا دبلوماسيا بخصوص مدينة السويداء، مع كل من الحكومتين الإسرائيلية والسورية بهدف فتح “ممر إنساني”.
وتمثل هذه الخطوة تطورا لافتا، خاصة وأنها تأتي بعد 25 عاما من انعدام التواصل تقريبا بين إسرائيل وسوريا.
وأشار أكسيوس إلى أن هذا الممر يمكن أن يُسهم في تحسين الوضع في المحافظة، حيث ظل الوضع متقلبا على الرغم من وقف إطلاق النار. وقد حذّرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من تدهور الوضع وصعوبة إيصال المساعدات المنقذة للحياة بسبب حواجز الطرق وانعدام الأمن.
ووفقا للموقع، تتجاوز المبادرة الأميركية مجرد العمل الإنساني، إذ يشير إلى أن اتفاقا بين الحكومتين السورية والإسرائيلية يمكن أن يُسهم في إصلاح العلاقات بينهما، وربما يمهد الطريق لمزيد من الخطوات نحو تطبيع محتمل في المستقبل، وهو هدف يتناغم مع استراتيجية إدارة ترامب لتشجيع اتفاقيات التطبيع في المنطقة، كما حدث في السابق.
مع ذلك، أكد أكسيوس أن “الحكومة السورية أعربت للولايات المتحدة عن مخاوفها من أن تستخدم الميليشيات الدرزية هذا الممر لتهريب الأسلحة”، حيث تنتشر في محافظة السويداء مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، تتبنى توجها انفصاليا وترفض الاندماج ضمن مؤسسات الدولة السورية، أبرزها ما يعرف بـ”المجلس العسكري في السويداء”، المدعوم من حكمت الهجري، كما تتهمها أطراف محلية بأنها تحظى بدعم إسرائيلي.
ويضع هذا الأمر الحكومة السورية في موقف حرج، حيث يتعين عليها الموازنة بين الحاجة إلى المساعدات الإنسانية والمخاوف الأمنية.
وقصفت إسرائيل سوريا الشهر الماضي وسط اشتباكات عنيفة في السويداء، مدعية أنها كانت تتصرف دفاعا عن الدروز في سوريا تضامنا مع الأقلية الدرزية في إسرائيل وهو ما أثار قلق المسؤولين الأميركيين الذين خشوا من أن تؤجج هذه الخطوة حالة عدم الاستقرار.
وقبل عدة أسابيع، أراد الإسرائيليون إيصال مساعدات إلى الدروز في السويداء عبر الأردن، لكن الأردنيين رفضوا. وبدلا من ذلك، أسقط الجيش الإسرائيلي مساعدات إنسانية جوا.
وصرح مسؤولون إسرائيليون بأن إسرائيل طلبت بعد ذلك من الولايات المتحدة المساعدة في الحصول على موافقة سورية على ممر مساعدات، وهو ما أدى إلى هذه المبادرة الدبلوماسية.
ومن المتوقع أن يجتمع المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، في باريس الأسبوع المقبل مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، ووزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في محاولة للتوصل إلى اتفاق.
وكان من المقرر أصلا عقد الاجتماع اليوم الأربعاء، ولكن تم تأجيله لإتاحة المزيد من الوقت لإكمال الاستعدادات وتنقيح جدول الأعمال، وفقا لمصدرين.
وسيكون هذا الاجتماع الثاني من نوعه خلال ثلاثة أسابيع، بعد 25 عاما من انعدام التواصل تقريبا بين إسرائيل وسوريا.
ويمثل الاجتماع فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق، لكنه يحمل أيضا مخاطر فشل كبيرة، خاصة مع وجود شكوك متبادلة بين الأطراف.
والثلاثاء، اتفقت سوريا والأردن والولايات المتحدة، على تشكيل مجموعة عمل ثلاثية، لإسناد الحكومة السورية في جهودها لتثبيت وقف إطلاق النار بمحافظة السويداء، وإنهاء الأزمة فيها.
ومنذ 19 يوليو الماضي، تشهد محافظة السويداء وقفا لإطلاق النار عقب اشتباكات مسلحة دامت أسبوعا بين مجموعات درزية وعشائر بدوية، خلفت مئات القتلى.
وضمن مساعيها لاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة السورية 4 اتفاقات لوقف إطلاق النار بالسويداء، آخرها في 19 يوليو الماضي.
وتبذل الإدارة السورية الجديدة جهودا مكثفة لضبط الأمن في البلاد، منذ الإطاحة في 8 ديسمبر 2024 بنظام بشار الأسد بعد 24 سنة في الحكم.