سياسة

مقال لباتريك شيفاليرو بشأن خطر سياسة أردوغان على حلف الناتو


قام المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الدفاعية والأمنية في بريطانيا، بنشر مقال تحليلي يناقش الآثار السلبية التي خلفتها سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على حلف شمال الأطلسي الناتو، والتي تتعارض بشكل واضح مع سياسات الحلف وتحدث فجوة كبيرة بين أعضائه، وتتخذ أيضا من الحلف ستارا تنفذ من وراءه أطماعها بالمنطقة.

ومن جانبه، كتب نائب الأدميرال باتريك شيفاليرو، الذي تولى منصب ملحق الدفاع الفرنسي بالمملكة المتحدة، مقالا حيث تساءل فيه عن الهدف أو الغاية من وجود تحالف سياسي عسكري يصل 70 عاما، في الوقت الذي لا يتشارك فيه بعض أعضائه في نفس القيم؟، والأهم من هذا كله، عندما يصطدم سلوك عضو واحد (ألا وهو تركيا) بالمصالح الأمنية للبقية؟، وحيثما ولى أردوغان وجهه سيجد دولة لها مشكلة مع تركيا، من سوريا وقبرص في شرق المتوسط، إلى مصر وليبيا في جنوبه، إلى اليونان وفرنسا.

الواقعة الخطيرة

وربما تكون التطورات التي سلطت الضوء على تضارب المصالح بين تركيا وأعضاء الناتو، وإشعالها الخلافات بين ومع أعضائه، تلك التي وقعت في يونيو المنصرم، حينما قامت وزارة الجيوش الفرنسية بالإعلان بأن سفينة فرنسية تشارك في مهمة للناتو بالبحر المتوسط، قد تعرضت لعمل عدواني للغاية من طرف زوارق تركية، منددة بذلك بمسألة بالغة الخطورة مع شريك أطلسي.

هذا وتعرضت السفينة الفرنسية لثلاث ومضات لإشعاعات رادار من أحد الزوارق التركية، وهو ما اعتبرته وزارة الجيوش الفرنسية عملا عدوانيا للغاية لا يمكن أن يكون من فعل حليف تجاه سفينة تابعة للحلف الأطلسي.

وتابعت بأن هذه القضية خطيرة جدا في نظرنا (…) لا يمكننا أن نقبل بأن يتصرف حليف على هذا النحو، وأن يقوم بما قام به ضد سفينة لحلف شمال الأطلسي تحت قيادة الحلف تقوم بمهمة للناتو.

كما أوضحت بأن السفن التي تبحر بين تركيا ومدينة مصراتة الليبية أحيانا، بمواكبة فرقاطات تركية، لا تساهم في نزع فتيل الأزمة، ونددت بأن تكون السفن الحربية التركية تستخدم رموز الأطلسي لتعرف بذلك عن نفسها أثناء مهمات المواكبة تلك.

إلى ذلك، فقد أشار شيفاليرو في مقاله، إلى أنه وبعد تلك الواقعة مباشرة، قامت فرنسا بعقد اجتماع للناتو، من أجل مناقشة الحادث وطلب تحقيق رسمي من قبل الحلف، غير أن ما أثار الاهتمام هو أنه في الوقت الذي أيد 10 أعضاء في الناتو مطلب فرنسا (بلجيكا وألمانيا واليونان وإيطاليا ولوكسمبورغ والبرتغال وسلوفاكيا وسلوفينيا وإسبانيا والمملكة المتحدة)، لم تقم أي من دول الشمال أو الجناح الشرقي للحلف (باستثناء سلوفاكيا) بدعم المطلب الفرنسي.

كما اعتبر الكاتب ذاته بأن اعتماد تركيا على معارضتها القديمة بخصوص خطط دفاع الناتو بالنسبة لبولندا ودول البلطيق، قد لعب دورا في الصمت الرسمي لتلك الدول، ومع ذلك لا تنطبق أي من هذه الاعتبارات على صمت الولايات المتحدة المستغرب، ويشار إلى أن كل دول الناتو الأوروبية المتوسطية (باستثناء كرواتيا وألبانيا) قامت بتأييد طلب فرنسا.

انقسام استراتيجي

وفيما لا ينبغي أن يستهان بخطورة المواجهة التكتيكية التي وقعت في 10 يونيو بين تركيا وفرنسا، فإن الانقسام الاستراتيجي المتصاعد بين أعضاء الناتو، والذي أكدته كل تلك الأحداث، شكل حدثا مثيرا للقلق بخصوص مستقبل الحلف، وفق ما قاله شيفاليرو.

واعتبر أيضا بأنه من خلال مشاركته العسكرية النشطة اليوم في دعم حكومة طرابلس الليبية بقيادة فايز السراج، ووكلائها المتشددين، ومن خلال ازدرائه لقرارات مجلس الأمن، يغذي الزعيم الاستبدادي التركي رجب طيب أردوغان صورة الدولة الإمبريالية الصاعدة، التي تؤثر أجندتها بشكل مباشر على المصالح الأمنية الأوروبية.

وتابع في مقاله ذلك بأن حادثة يونيو تنضاف إلى قائمة طويلة فعلا من الإجراءات التركية غير الودية، إن لم تكن استفزازية، والتي تتضمن حصولها على نظام S400 الروسي المضاد للصواريخ، إلى جانب سياسة التهديد التي تتبعها أنقرة مرارا.

كما أن الكاتب أعطى مجموعة من الأمثلة مثل تهديد تركيا بإنهاء اتفاقية الدعم التي تبلغ قيمتها 6 مليارات يورو مع الاتحاد الأوروبي، وأيضا بفتح حدودها لملايين اللاجئين ليتجهوا نحو أوروبا، بالإضافة إلى هجومها العسكري في يناير 2019 على حلفاء الناتو الأكراد في شمال سوريا، والذين اعتبرهم الكاتب أفضل شركاء الناتو وأكثرهم فعالية في القتال ضد تنظيم داعش، وذلك بعد الضوء الأخضر الذي لا يمكن تفسيره والذي قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأنقرة، من دون وجود أي استشارة جماعية سابقة بين الحلفاء.

وتابع شيفاليرو في مقاله: إلى جانب هذا السلوك الفظيع، ينبغي للمرء أيضا أن يضيف: مضايقة عام 2018 من قبل البحرية التركية لسفن شركتي إيني وتوتال لاستكشاف النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية قبرص؛ وإرسالها لاحقا سفينة أبحاث تركية في المياه القبرصية نفسها عام 2019، منوها إلى المطالبات التركية لجزيرة غافدوس، وتعد جزيرة يونانية خالية من أي تراث تركي، فقط من أجل توسيع المنطقة الاقتصادية الخالصة التركية بشكل كبير في جنوب جزيرة كريت.

كما أنه ذكر الاتفاقية الأخيرة التي لا تتمتع بأي أساس من الناحية القانونية، والمبرمة مع حكومة السراج، والتي ستؤدي إلى تقاسم كل شرق البحر المتوسط تقريبا ​​بين البلدين، وإلى جانب تلك الانتهاكات، فإن عودة ظهور الكيانات الإرهابية في شمال سوريا، ودعم أنقرة للفصائل المتشددة في ليبيا، من خلال تصديرها مؤخرا لآلاف المرتزقة السوريين، سيمثل سيناريوهات مقلقة بالنسبة لباريس وأغلب العواصم الأوروبية الأخرى، وينطوي أيضا هذا على خطر زعزعة الاستقرار أكثر في منطقة الساحل.

وأضاف أيضا الكاتب: كل هذا يضيف أكثر إلى الاختلاف الواضح في القيم بين تركيا وبقية أوروبا، وتابع بأن هجمات أردوغان على المؤسسات الديمقراطية التركية، هي أيضا من الأمور المقلقة التي يمكن ملاحظتها بالفعل في عدد قليل من ديمقراطيات أوروبا الشرقية.

وأوضح كذلك: تتم مقاضاة الصحفيين (في تركيا) والقضاة والمحامين وسجنهم، بينما تم طرد مئات الضباط الأتراك، الذين خدموا في حلف شمال الأطلسي، من الجيش وسُجنوا في كثير من الحالات.

وقال في الأخير: إذاً…ما نوع الرسالة التي تريد تركيا أردوغان تمريرها إلى الناتو؟ وما هي نقطة الانهيار الحاسمة عندما يتبدل الاهتمام بوجود تركيا في حلف الناتو، لتحل محله الضربات التي تلحقها بالمصالح الجيوسياسية لأوروبا؟… الجواب على ذلك لن يكون متطابقا في كل دولة أوروبية، لكن هذا في حد ذاته يعرض الناتو للخطر.

وأضاف: إذا كانت عضوية الناتو ستؤدي إلى حماية الأفعال التهديدية لتركيا في الشرق الأوسط والبحر المتوسط ​​وشمال إفريقيا بشكل فعال من أي عواقب ملموسة، فإن ذلك سيُنظر إليه على أنه أمر أقل قبولا من قبل الحكومة الفرنسية.

كما شدد شيفاليرو على أنه سيكون من الخطأ التقليل من حجم إحباط فرنسا، مشيرا إلى أنه لا ينبغي النسيان بأنها تحتل المرتبة الثالثة كمساهم في الميزانية المشتركة للناتو، ويعتبرها العديد من المحللين ثاني أكبر عضو يتمتع بمصداقية عسكرية في الحلف.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى