سياسة

معادلة صعبة في أوكرانيا.. زيلينسكي بين الضمانات الأمنية ومرارة التنازلات


انتهت محادثات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحلفائه بتحقيق بعض التقدم في ملف الضمانات الأمنية، لكن روسيا لا تزال تعارض نشر قوات أجنبية في أوكرانيا.

وأعرب زيلينسكي، الثلاثاء، عن تفاؤل حذر بشأن الضمانات الأمنية المقترحة شريطة أن تكون مفصلة ومعتمدة من قبل الكونغرس الأمريكي لكنه أشار إلى أن ما قد يجعلها مقبولة لدى كييف قد يدفع روسيا إلى رفضها وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

تصريحات زيلينسكي جاءت بعد يومين من المحادثات لبحث مقترح السلام مع مفاوضين أمريكيين وأوروبيين، والذين أكدوا الإثنين إحراز بعض التقدم وتحدثوا عن اتفاقية أمنية شبيهة باتفاقية حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وأقر زيلينسكي بأن الولايات المتحدة قطعت شوطًا كبيرًا في توضيح نوع الضمانات الأمنية التي قد تقدمها لأوكرانيا في أي اتفاق سلام، لكنه أضاف أنه لا يزال هناك حاجة لتوضيح بعض التفاصيل المهمة لا تزال بحاجة إلى توضيح.

وقال زيلينسكي في مقابلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع صحفيين أوكرانيين فجر الثلاثاء: “أنا وأنتم شعوب حرب، وخلال الحرب نؤمن بالحقائق”.

وجاءت تصريحات زيلينسكي لدى مغادرته برلين متوجهاً إلى مقر إقامته، عقب المحادثات التي جرت مع ممثلي البيت الأبيض ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، ومع مسؤولين أوروبيين في حين لم تشارك روسيا في هذه الجولة من المفاوضات.

وكانت تصريحات زيلينسكي، الموجهة إلى مواطنيه، أكثر حذراً من تصريحاته في مؤتمر صحفي مساء الإثنين مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس حيث حرص الرئيس الأوكراني كعادته على توجيه الشكر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثيه على مساعيهم لإحلال السلام وعلى جهودهم لتأمين مستقبل بلاده.

وقال الرئيس الأوكراني إن الضمانات الأمنية من أوروبا والولايات المتحدة شرط أساسي لأي تنازلات إقليمية من جانبه، وقد برزت الضمانات وحدود الأراضي كنقطتي خلاف رئيسيتين في المحادثات.

ووصف زيلينسكي هذا النوع من التنازلات بأنه حل وسط “مؤلم” لم يوافق عليه بعد وأصر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن تتخلى كييف عن نحو 14% من منطقة دونباس.

ورفض زيلينسكي المقترح الأمريكي لتحويل المنطقة إلى منطقة منزوعة السلاح فهو يرى أنه حتى لو انسحبت القوات الأوكرانية من دونباس، فإن القوات الروسية لن تنسحب.

ولهذا السبب يصر زيلينسكي بدعم أوروبي، على الضمانات الأمنية لكن كلما كانت هذه الضمانات أقوى، زاد احتمال رفض روسيا لها كشرط أساسي في اتفاق وقف إطلاق النار.

ولا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به بشأن هذه الضمانات حتى تكون مرضية لكييف، وذلك وفقا لما قاله مسؤول أوكراني رفيع المستوى.

في الوقت نفسه، أعرب القادة الأوروبيون عن بعض التفاؤل بعد محادثات برلين وقالوا إن واشنطن تأخذ المخاوف الأوكرانية والأوروبية بعين الاعتبار.

وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك “للمرة الأولى، سمعت من المفاوضين الأمريكيين أن واشنطن ستقدم ضمانات أمنية لأوكرانيا بطريقة لا تدع مجالًا للشك لدى الروس بأن الرد الأمريكي سيكون عسكريًا إذا ما شن الروس هجومًا آخر على أوكرانيا”.

أما رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون فقال إن الضمانات الأمنية أصبحت “أكثر وضوحًا ومصداقية”، ووصف ذلك بأنه خطوة مهمة نحو سلام مستدام وأضاف “لكن لا تزال هناك العديد من الأسئلة الصعبة، خاصة ما يتعلق بالأراضي”.

ومع ذلك، ترفض روسيا باستمرار أي تسوية تسمح بوجود قوات من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) داخل أوكرانيا كما أن بعض الدول الأوروبية ليست مستعدة لإرسال قوات برية هناك تحت أي ظرف.

واليوم، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إن موسكو غير مستعدة لتقديم تنازلات إقليمية في محادثات إنهاء الحرب الأوكرانية.

وذكرت وكالة “تاس” الروسية للأنباء أن ريابكوف كان يتحدث عن دونباس، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم وأجزاء من شرق أوكرانيا التي تسميها موسكو “نوفوروسيا” أو “روسيا الجديدة”.

وأكد ريابكوف أن وجود قوات أجنبية في أوكرانيا يمثل خطاً أحمر بالنسبة لموسكو وقال “نحن منفتحون على مناقشة الحلول الممكنة.. ومع ذلك، لسنا مستعدين بأي حال من الأحوال لدعم أو الموافقة على أو حتى التسامح مع أي وجود لقوات الناتو على الأراضي الأوكرانية”.

وعند سؤاله عن إمكانية نشر قوات أوروبية في أوكرانيا خارج إطار الناتو، أضاف ريابكوف “لا، لا، ولا مجدداً”.

بدوره، يشكك زيلينسكي في ما إذا كانت الولايات المتحدة وأوروبا ستخوضان حرباً ضد روسيا فعلاً في حال انهيار اتفاق السلام، نظراً لرفضهما القتال إلى جانب أوكرانيا بعد اندلاع الحرب عام 2022.

لكنه أعرب أيضاً عن أمله في أنه “إذا رفض بوتين كل شيء”، فإن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات إضافية على موسكو وتزود أوكرانيا بمزيد من الأسلحة لمواصلة القتال.

في الماضي، كان موقف ترامب متذبذبا بين إلقاء اللوم على زيلينسكي وبوتين فيما يتعلق بعرقلة الاتفاق ويسعى الأوكرانيون والأوروبيون إلى تحويل الخطوط العريضة الأصلية لخطة السلام، المكونة من 28 بندًا، والتي تم التوصل إليها بين ويتكوف والمبعوث الروسي كيريل ديميترييف، إلى مقترح يمكن لكييف قبوله.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى