سياسة

مصير هدنة غزة.. هل تصمد أم تعود الحرب من جديد؟


العد التنازلي لانتهاء المرحلة الأولى من هدنة غزة، بدأ، ولا تمديد يلوح في الأفق، ليبقى السؤال: هل تعود الحرب؟

وحتى قبل أقل من أسبوع من انتهاء سريان الهدنة، فشلت إسرائيل وحماس في التوصل إلى اتفاق لتمديد وقف إطلاق النار في غزة.

عندما توصل الطرفان- بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر- إلى اتفاق وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، في التاسع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي،  كانت الآمال معلقة على أن تتطور الهدنة إلى اتفاق أطول وأكثر استقرارا.

لكن، بدت تلك الآمال تتلاشى الآن.. هكذا ترى صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وخلال الأيام الماضية، تبادلت تل أبيب وحماس، الاتهامات بخرق شروط الاتفاق الحالي، الذي سمح بتبادل الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين.

وعلى مدار عطلة نهاية الأسبوع، أجّلت إسرائيل إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين، احتجاجا على الطريقة التي وصفتها بـ”المذلة” التي عرضت بها حماس الرهائن قبل تسليمهم.

يتزامن ذلك، مع عودة مرتقبة لستيف ويتكوف، مبعوث إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، يوم الأربعاء للدفع من أجل هدنة جديدة.

ولفتت “نيويورك تايمز” إلى أنه في حين أن التمديد القصير ممكن، فإن احتمال التوصل إلى ترتيب طويل الأجل ــ منع تجدد القتال ــ يبدو بعيدا.

وأشارت إلى أن كلا من الجانبين لديه شروطه المسبقة التي تجعل من الصعب التوصل إلى حل دائم.

ويقول المسؤولون في إسرائيل إنهم لن ينهوا الحرب إلا بعد أن تتوقف حماس عن ممارسة السلطة العسكرية والسياسية في غزة.

ونوهت حماس إلى أنها قد تتخلى عن بعض المسؤوليات المدنية، ولكن قادتها رفضوا إلى حد كبير فكرة نزع السلاح، على الأقل في العلن.

ماذا كان من المفترض أن يحدث؟

كان الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن يسمح بهدنة أولية مدتها ستة أسابيع تنتهي في الأول من مارس/آذار المقبل.

واتفق الجانبان على استخدام ذلك الوقت لتبادل ما يقرب من 1500 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية تدريجيا مقابل 33 رهينة أسرتهم حماس وفصائل أخرى خلال هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

كان من المفترض أن يستخدم الجانبان الأسابيع الستة للتفاوض على شروط الهدنة الدائمة التي كانت ستبدأ في الثاني من مارس/أذار.

وكان من المتوقع أن تركز هذه المفاوضات على من ينبغي أن يحكم غزة بعد الحرب، فضلا عن إطلاق سراح ما يقرب من 60 رهينة آخرين.

ورغم الاضطرابات التي شهدتها معظم عمليات التبادل، فقد سارت الأمور على النحو المخطط له. أما المفاوضات بشأن المرحلة الثانية فلم تبدأ بعد بجدية ــ على الرغم من أنه كان من المفترض أن تنتهي بحلول الأحد الماضي بموجب شروط اتفاق يناير.

ويرجع هذا الفشل جزئيا إلى أن الهدنة لا يمكن أن تتجدد رسميا إلا إذا وافق الجانبان على إنهاء الحرب.

ولكن إسرائيل وحماس لديهما رؤى مختلفة للغاية فيما يتصل بغزة ما بعد الحرب، حتى إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يكن راغبا حتى في استئناف المحادثات.

هل تريد حماس وإسرائيل استئناف الحرب؟

حتى هذه اللحظة، تجنبت حماس، التي تعاني من الضعف والعزلة، الدعوات الصريحة لاستئناف الحرب.

وفي المقابل، صرح نتنياهو بشكل مباشر، يوم الأحد، بأن إسرائيل مستعدة لاستئناف القتال إذا لم تنزع حماس سلاحها طواعية.

وفي خطاب ألقاه أمام الجنود، قال نتنياهو إنه منفتح فقط على المفاوضات بشأن شروط استسلام حماس.

ويريد العديد من الإسرائيليين أن يوافق رئيس الوزراء على هدنة مطولة من أجل تحرير الرهائن المتبقين.

ولكن حلفاء نتنياهو في الائتلاف اليميني يرون أن هزيمة حماس تشكل أولوية وطنية أكبر، ويضغطون عليه لاستئناف الصراع.

هل تستعد إسرائيل لهجوم جديد؟

الجيش الإسرائيلي أجرى بالفعل استعدادات مكثفة لحملة جديدة ومكثفة في غزة، وفقا لثلاثة مسؤولين دفاعيين تحدثوا لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وقال المسؤولون إن العمليات الجديدة ستشمل استهداف مسؤولي حماس الذين يستنزفون إمدادات المساعدات المخصصة للمدنيين، فضلا عن تدمير المباني والبنية الأساسية التي تستخدمها إدارة حماس.

وبينما لم تتم الموافقة على الخطة من قبل مجلس الوزراء الإسرائيلي، قال اثنان من المسؤولين إنهما يعتقدان أن الرئيس دونالد ترامب وحده قادر على ثني نتنياهو عن الحرب المتجددة.

ماذا يريد ترامب؟

الرئيس الأمريكي كان قد أطلق تصريحات متناقضة في الأسابيع الأخيرة، حيث دعا بشكل مختلف إلى السلام المستدام، وفي نفس الوقت تجديد الحرب، فضلاً عن طرد مليوني نسمة من سكان غزة.

وكانت الإشارة الأكثر وضوحا مؤخرا من إدارته هي أنها تسعى إلى تمديد مؤقت للهدنة، ربما يتضمن المزيد من تبادل الأسرى.

والأحد، قال ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” إنه سيعود إلى المنطقة يوم الأربعاء لتمديد المرحلة الأولى من الهدنة.

وفي وقت لاحق، أعرب عن اعتقاده أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق أطول.

ولكن هل يستأنف القتال على الفور إذا لم يتم تمديد الهدنة؟

 فقد نص الاتفاق الأولي على أن “وقف الأعمال العدائية المؤقت” يمكن أن يستمر إلى ما بعد الموعد النهائي المحدد في الأول من مارس، طالما أن إسرائيل وحماس لا تزالان تتفاوضان على شروط وقف إطلاق النار الدائم.

وهذا يسمح ببعض الحيز للمناورة.. فإذا عاد الجانبان إلى المفاوضات بشأن تمديد رسمي، فإن الهدنة يمكن أن تستمر من الناحية الفنية حتى لو كانت المحادثات بعيدة كل البعد عن الحل.

ومع ذلك، سيكون هناك عدد أقل من الحواجز التي تحول دون انهيار الهدنة. فخلال وقف إطلاق النار الأولي، كان الجانبان مدفوعين إلى الحفاظ على الاتفاق خلال عدة أزمات لأن كل أسبوع يمر كان يسمح بتبادل المزيد من الأسرى.

ومن المقرر أن تنتهي عمليات التبادل هذه يوم الخميس، بإطلاق سراح أربعة إسرائيليين آخرين، من المرجح أنهم أسرى ماتوا، مقابل عدة مئات من الفلسطينيين.

وما لم يتم ترتيب عمليات تبادل جديدة، فلن يكون لدى حماس وإسرائيل أسباب كثيرة للاستمرار في الهدنة.

متى سيكون أكبر اختبار ضغط للهدنة؟

هناك قلق خاص بشأن ما سيحدث بعد الثامن من مارس/آذار، وهو التاريخ الذي وافقت إسرائيل على سحب قواتها بين غزة ومصر، بحلوله .

لكن نتنياهو قال صراحة العام الماضي إن إسرائيل لن تنسحب أبدا من المنطقة، المعروفة باسم ممر فيلادلفيا، مما أدى إلى توقعات بأنه سوف يخرق شروط وقف إطلاق النار.

وإذا لم تنسحب تلك القوات، يقول المسؤولون الدفاعيون الإسرائيليون إنهم يتوقعون أن تطلق حماس الصواريخ على إسرائيل، مما يعطي إسرائيل ذريعة للرد.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى