مصير غرينلاند.. رقعة شطرنج بين ترامب وبوتين

30 مارس 2025

535 2 دقائق

مصير غرينلاند.. رقعة شطرنج بين ترامب وبوتين

لطالما احتلت جزيرة غرينلاند موقعًا استراتيجيًا مهمًا في السياسة الدولية، نظرًا لموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية.

لكن تصاعد التوترات الجيوسياسية، أعاد الجزيرة إلى دائرة الاهتمام، خاصة في ظل مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لضمها إلى بلاده.

لكن ما يثير الجدل هو الدعم غير المباشر الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لهذه الطموحات، حيث يرى أن لأمريكا حقًا طبيعيًا في غرينلاند، تمامًا كما تدّعي روسيا حقها في أوكرانيا، وهو ما أثار تساؤلات حول مستقبل النظام العالمي، وما إذا كانت القوى الكبرى تتجه نحو تقاسم النفوذ على حساب الدول الصغيرة.

وشبهت مجلة ناشيونال إنترست زيارة نائب الرئيس الأمريكي الحالي جي دي فانس وزوجته أوشا إلى غرينلاند بزيارة نائب الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وزوجته إلى فنزويلا حيث واجها استقبالًا عدائيًا بتعرض موكبهما لهجوم من حشود غاضبة ورُشقوا بالفاكهة الفاسدة، مما أجبرهما على الاحتماء في السفارة الأمريكية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

إلا أن زيارة نائب الرئيس الأمريكي الحالي جي دي فانس وزوجته أوشا إلى غرينلاند كانت أكثر هدوءًا، رغم وجود بعض التوترات. فقد نظّم السكان المحليون احتجاجات في العاصمة نوك، مما دفع فانس إلى اختصار زيارته على قاعدة بيتوفيك العسكرية الأمريكية النائية.

تصريحات فانس ونهج ترامب

خلال الزيارة، أدلى فانس بتصريحات حذرة قائلاً: “نعتقد أن سكان غرينلاند سيختارون الاستقلال عن الدنمارك من خلال حقهم في تقرير المصير، وعندها سنتفاوض معهم. الحديث عن أي شيء بعيد المدى الآن سابق لأوانه. لا نرى أن القوة العسكرية ستكون ضرورية. نحن نعتقد أن هذه الخطوة منطقية، وبما أن سكان غرينلاند عقلانيون وأخيار، فإننا نعتقد أننا سنتمكن من التوصل إلى صفقة بأسلوب دونالد ترامب تضمن أمن هذه المنطقة وأمن الولايات المتحدة.”

أما ترامب، فقد كان أكثر صراحةً، إذ أعلن أن أمريكا “ستحصل عليها – بطريقة أو بأخرى”، مما يعكس نهجه المباشر تجاه غرينلاند، مشابهًا لنظرة بوتين لمنطقة دونباس في أوكرانيا باعتبارها هدفًا مغريًا.

دعم بوتين لمطالب ترامب

عبّر بوتين عن تفهمه لاهتمام ترامب بغرينلاند، وخلال حديثه في مورمانسك، قائلا إن الولايات المتحدة حاولت شراء غرينلاند عام 1910، ثم قامت بحمايتها من الغزو النازي خلال الحرب العالمية الثانية..

وقال بوتين: “قد يبدو هذا مفاجئًا للبعض للوهلة الأولى، لكن من الخطأ الكبير الاعتقاد بأن هذا مجرد حديث غريب من الإدارة الأمريكية الجديدة. هذا ليس صحيحًا على الإطلاق.”

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

ترى المجلة أن رسالة بوتين هنا واضحة وهي أن على العالم تقبل الأمر الواقع. فكما تدعي روسيا أن لديها حقًا تاريخيًا في أوكرانيا، فإن أمريكا تمتلك حقًا مماثلًا في غرينلاند.

الطموحات الجيوسياسية لترامب

يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان الإعلان العلني عن هذه الطموحات سيساعد ترامب في تحقيق هدفه بالسيطرة على غرينلاند. ويبدو أنه يسعى لتوسيع نفوذ أمريكا في نصف الكرة الغربي وربما التعاون مع بوتين لتقسيم العالم بينهما. بل قد يكون منفتحًا على فكرة التخلي عن تايوان للصين ضمن صفقات جيوسياسية أوسع.

مثلما أثارت سياسات نيكسون الخارجية تمردًا داخل الحزب الجمهوري في السبعينيات وأسهمت في ظهور الحركة المحافظة الجديدة، قد تواجه طموحات ترامب رد فعل مشابه داخل الحزب.

ومع زيارة نائبه لغرينلاند وتزايد المعارضة الدولية والمحلية لنهجه، قد يجد ترامب نفسه أمام تحديات كبيرة تؤثر على سياسته الخارجية وعلى وضعه السياسي داخل الولايات المتحدة نفسها.