مصير غامض لمئات المعتقلين لدى الحوثي


ما تزال قبيلة حجور في مديرية كشر بحجة، كبرى قبائل اليمن، عرضة للجرائم الانتقامية لمليشيات الحوثي، بما فيها الإخفاء الجماعي القسري.

وفي ظروف غير إنسانية وحرمان أسرهم حتى من زيارتهم للعام الرابع على التوالي. يعتقل الحوثيون سياسيين وشيوخا وشبابا وأطفالا من قبائل حجور في معتقلاتهم السرية، شمالي غرب اليمن.

وقضت أسر شهورا وأعواما لمعرفة مصير أزواجها وأبنائها وذويها وما إن كانوا بين الأحياء المعتقلين في السجون السرية أو تم تصفيتهم وقتلهم تحت التعذيب وتسعى للحصول على جثامينهم.

وفي ظروف غير إنسانية وحرمان أسرهم حتى من زيارتهم كانت مديرية كشر، موطن قبائل حجور، أكبر انتفاضة شعبية مسلحة ضد مليشيات الحوثي.

رفضا لسطوة جرائمها الانتقامية وصمدت لشهور قبل أن تحاصرها المليشيات وتجتاحها بقوة السلاح بتخاذل إخواني مخز أدى لأخطر انتكاسة قبلية.

وارتكب الحوثيون أبشع الجرائم بحق سكان كشر بدءا من الإعدامات بحق عشرات الرجال والنساء والأطفال، وممارسة اعتقالات جماعية بحق أبناء القبيلة وتفجير وسلب ونهب للمنازل والمزارع والممتلكات.

وتعمدت مليشيات الحوثي إذلال قبائل حجور بنزعة انتقامية وغير أخلاقية ومارست آلاف الانتهاكات الوحشية بعيدا عن وسائل الإعلام. ولم تكن حتى المنظمات الحقوقية والإغاثية قادرة على الوصول للمنطقة.

وحجور هي واحدة من كبرى قبائل حاشد المعروفة والمنحدرة من قبيلة همدان الأم التاريخية، وتستوطن مرتفعات جبال الجزء الشمالي الشرقي من محافظة حجة، الحديقة الخلفية للمعقل الأم للحوثيين شمالا.

مصير غامض

قصص موجعة لأمهات تبحث بحسرة باكية عن أبنائهن وأطفال يترقبون سماع صوت آبائهم وزوجات تنتحب أزواجهن، وبح الصوت من مطالبات مليشيات الحوثي بتسليم جثامين من تم تصفيتهم في المعتقلات لوداعهم ودفنهم.

ونحو 50 إسما معتقلا من زعماء وأبناء قبائل حجور تخفيهم مليشيات الحوثي قسريا، حيث تقول أسرهم إن مصيرهم غامض ولا تعرف إن كانوا بين الأحياء أو الأموات ولم تستطع زيارتهم منذ يناير عام 2019، وهم نموذج لمئات المعتقلين.

ولعل أحد أكثر زعماء القبائل ممن تعرضوا للتنكيل كان زعيم الانتفاضة المسلحة وقائد حجور “أبومسلم الزعكري” وقبيلته التي استباحها الحوثيون بلا هودة وفجروا منازلها وهجروا أسرها وبات غالبية أبناء قبيلة “الزعاكرة” بين معتقل ومشرد.

ووجه رجال قبائل وأسر في مديرية كشر استغاثة لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية بأخذ ملف معتقلين حجور وطرحه للأمم المتحدة والمجتمع الدولي كجزء من جرائم الحرب الحوثية وجرائم الإبادة بحق أحد المكونات القبلية الفاعلة.

وكشف رجال القبائل عن تنصل مليشيات الحوثي عن تعهدات أطلقها زعيمها قبل أكثر من عامين، والتي نصت على إطلاق سراح معتقلي قبائل حجور، ليتضح لاحقا أنها “وعود وهمية” تستهدف ضرب نفسية أسر وأبناء حجور.

كما حثوا القوات المشتركة في الساحل الغربي والجيش اليمني في مأرب على العمل على مبادلة معتقلي حجور بالأسرى من مقاتلي مليشيات الحوثي باعتبار بعضهم أسروا إبان الانتفاضة المسلحة 2019. 

كذلك حثوا المبعوث الأممي لليمن على التدخل لوضع حد للانتهاكات الحوثية التي تحدث في معتقلات مليشيات الحوثي ووقف جرائم الخطف والاختطافات والإخفاء القسري بحق أبناء القبائل في مناطق الانقلاب على رأسها “حجور”.

انتقام تاريخي

ظلت حجور عصية على مليشيات الحوثي منذ نشأتها في معقلها صعدة، وخاضت معارك طاحنة مع المليشيات وحتى بعيد اجتياح صنعاء والانقلاب أخضع الانقلابيون كل البلاد إلا “جبل كشر”، حيث وقفت القبائل حوله سدا منيعا للمتمردين.

لكن اليوم المشؤوم في تاريخ حجور كان قد كتب ولم يغب في ذاكرة صغارها وكبارها وهو 10 مارس 2019، عندما سقطت “العبيسة” آخر قلاع كشر في قبضة مليشيات الحوثي عقب صمود أسطوري في قلب المعارك والحصار الخانق لأكثر من شهرين.

ودفعت حجور الثمن غاليا إثر انتفاضتها ضد الجور والظلم والطغيان الحوثي، حيث فقدت أكثر من 100 من خيرة رجالها في هذه المعارك مع المليشيات فيما سقط المئات جرحى قبل أن يجتاح الانقلابيون المنطقة ويعدموا العشرات ويقتادوا الرجال والأطفال والشيوخ للزنازين لتغيب عذاباتهم عن العالم بأسره.

ووفقا للعقيد في الجيش اليمني وافي دهشوش فقد “سبق المطالبة في أكثر من مناسبة بإطلاق أسرى ومعتقلي حجور من تيارات سياسية وأطراف قبلية ومبادرات ذاتية” إلا أن كافة المحاولات باءت بالفشل.

وقال إن كافة المطالبات للمليشيات قوبلت بتعنت حوثي ورفض تام لكافة المساعي. مشيرا إلى أن الـ50 معتقلا لا يشكلون إلا منطقة واحدة من مناطق حجور فكيف إذا تم حصر معتقلي وأسرى كافة مناطق “حجور”؟

وأكد المسؤول العسكري أن “صلابة أبناء حجور” في مواجهه المد الفارسي ممثلاً بذراعة “الحوثي” شكل للانقلابيين عقدة من مسمى “حجور”. فحتى حين اجتاحت المليشيات مناطق اليمن ظلت عصية عليهم.

ونبه إلى أن مناطق اليمن التي اجتاحتها المليشيات تفادت العواقب الكارثية، فيما ظلت حجور عصية وصامدة على المبادئ الجمهورية ورافضة لحكم مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا وغير آبهة بالعواقب الوخيمة.

وختم بقوله إن “ذاك الصمود دفع الحوثي للتمادي في الإذلال، على أمل أن يجد ذلك نتيجه في تطويع قبائل حجور بعد أن فشلت كل محاولات الإغراء لهم”.

يشار إلى أن تقارير حقوقية وثقت آلاف الانتهاكات الحوثية لحقوق الإنسان بحق قبائل حجور في مديرية كشر شمالي غربي اليمن من بينها 775 قتيلا وجريحا أعدموا أو قتلتهم وأصابتهم المليشيات بالرصاص المباشر.

Exit mobile version