مساجد لله.. وأخرى لـ الإخوان !


حمد الكعبي
تخيّلوا رجلاً مُداناً في خمس تهم، تتعلق بسرقة هواتف وبضائع من الشوارع والملاهي الليلية، فيتولى منصباً رفيعاً في مركز إسلامي، ثم تخيّلوا رجلاً آخر يشتهر بدعم الجماعات الإرهابية، يبحث عن وظيفة، فيجدها في المكان نفسه مع اللص!
يبدو ذلك خيالاً، وربما طرفة، لكن عصابة قطر جعلته واقعاً غرائبياً بامتياز في مدينة «شيفيلد» البريطانية، في إطار الإنفاق الممنهج منذ سنوات على بناء حواضن خارجية لـ«الإخوان المسلمين»، وقد موّلتهم بنحو 350 مليون يورو (1.4 مليار ريال قطري)، وفقاً لصحيفة «التيلجراف» البريطانية، التي نشرت أمس الأول تقريراً عن مخاوف من تسلل التطرف ودعوات العنف عبر المؤسسات الدينية التي تشيّدها قطر في العالم.
اللص عضو في مجلس أمناء مؤسسة «إيمان» التي تضمّ مسجداً ومركزاً إسلامياً في المدينة البريطانية، ويشرف مباشرة على المشروع المتوقع افتتاحه العام المقبل، ويعمل معه أشخاص ينتمون إلى «الإخوان»، أو يؤيدونهم.
تقول قطر، إن المسجد والمركز يهدفان إلى «تدريس الأخلاق والقيم الإسلامية للأجيال الجديدة». وهذا النوع من الطرائف السوداء تشتهر به الدول المارقة، وهي تعهد ببيوت الله إلى اللصوص والإرهابيين، وهْماً بـ«قوة ناعمة»، يظن «تنظيم الحمدين» أنها تساعده على تحسين صورته المهترئة والصغيرة في العالم.
هذه معلومات وحقائق منشورة في صحيفة عريقة، ويؤيدها أن «مركز أبحاث الأمن والسياسة الخارجية في جمعية هنري جاكسون» أكد أن «مؤسسة (إيمان) غير مناسبة لإدارة مسجد، بل إنها تطرح علامات استفهام كبرى»!
المساجد والمراكز الإسلامية الخارجية التي تشيّدها الدول العربية، تستهدف عادةً التعريف بسماحة الإسلام، ورسالته الداعية إلى نبذ العنف والتطرف، وتعظيم القواسم المشتركة بين الشعوب، وكذلك لخدمة الجاليات المسلمة، ومثالاً، شيّد الأب المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، مسجدين، ومركزين إسلاميين ببريطانيا في «سلاو»، و«أكسفورد»، وفي نيروبي الكينية، واستوكهولم السويدية، وغيرها.
ولم يسبق أن اتخذت الدول الناضجة والناجزة من دور العبادة أذرعاً لنشاطاتها الإرهابية، فهذا سلوك معروف عن العصابات والكيانات الهشة التي تتقمّص أدوار الدول، فيما هي ترفع من شأن اللصوص والمليشيات المجرمة، وهذا ما يجب أن يحذر العالم منه، ويتخذ لمواجهته تدابير حاسمة.
وهكذا، فإنّ اللص والإرهابي «يُدرّسان أخلاق تنظيم الحمدين للأجيال المقبلة» في خلية متطرفة في بريطانيا، وتعالى الله عزّ وجل أن يكون له بيت يسكنه السارقون والظلاميون.
نقلا عن “الاتحاد”

Exit mobile version