ماذا يريد شي من بوتين؟


كشف خبر نشرته وكالة “شينخوا” الرسمية الصينية، إن الهدف من زيارة شي جينبيغ إلى روسيا هو “تسهيل التنسيق الاستراتيجي والتعاون البراغماتي بين البلدين، وضخ قوة دفع جديدة في تنمية العلاقات الثنائية”.

لكن ما أغفلته الوكالة هو، بالضبط، ما يمنح هذه القمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهمية قصوى. فالزيارة كما تجمع التقارير، هي محطة لاختبار المدى الذي يمكن أن تبلغه بكين في دعم موسكو، في مواجهة الغرب.

نحو عالم متعدد الأقطاب

ورغم أن شي زار روسيا نحو ثماني مرات منذ توليه الرئاسة، قبل عشر سنوات، غير أن زيارته هذه تحمل دلالات وعمقًا مختلفاً، فهي الأولى منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. وتأتي في وقت تغرق فيه موسكو تحت ثقل العقوبات، وبعد يومين من صدور مذكرة توقيف بحق بوتين.

ومن هنا تكتسب الزيارة بعداً خاصاً، ذلك أن شي هو زعيم إحدى القوتين العظميين يزور حليفاً مثل بوتين. في سيناريو مشابه للزيارة التي قام بها قبل نحو شهر الرئيس الأمريكي جو بايدن الى كييف، رغم الاختلافات بين الحدثين.

وتتزامن الزيارة مع تصعيد غربي مماثل ضد الصين، ما يعني أن القمة ستولد انطباعاً بأنها ستعمل على تكثيف الجهود من أجل عالم متعدد الأقطاب لا تكون فيه الولايات المتحدة هي المهيمنة، وفقاً لتقارير.

وتأتي الزيارة كذلك في أعقاب النجاح الدبلوماسي الصيني في الوساطة بين الرياض وطهران، وهو ما يضفي مصداقية على دور وساطة مشابه قد تلعبه على مسار الحرب الأوكرانية، فالصين أصبحت، الآن، أكثر استعداداً للانخراط في تسوية قضايا إقليمية ودولية خارج حدودها.

إحدى أهم هذه القضايا هي العمل على بناء عالم لا تكون فيها الغلبة لواشنطن وحدها، وهذه النقطة بالضبط هي ما سيركز عليها بوتين لمعرفة مدى استعداد الرئيس الصيني لدعمه.

ماذا يريد شي؟

وتحت عنوان “ماذا يريد شي من بوتين؟”، قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن الزعيم الصيني يريد من نظيره الروسي أن ينضم إليه كحليف له نفس التفكير في مواجهة الهيمنة الأمريكية والغربية. ونقلت عن محلل روسي قوله إن الصين وروسيا بحاجة إلى التعاون للتغلب على التحديات التي تواجه أمنهما، بما في ذلك “أعمال الهيمنة والسيطرة والبلطجة الأمريكية الضارة”.

ورأت الصحيفة أن العلاقات بين البلدين ستظل راسخة إلى حد بعيد، حيث تعتمد الصين على الأسلحة الروسية المتطورة لتحديث جيشها، بينما تعتمد موسكو على دعم اقتصادي ودبلوماسي قوي من بكين.

رمزية الزيارة

وبعد ثلاثة أيام، مدة الزيارة، عندما يغادر شي موسكو، وبمعزل عما سيتعهد شي بتقديمه لبوتين، فإن رمزية الزيارة بحد ذاتها، ترفع معنويات زعيم الكرملين في هذا التوقيت الصعب، وهذا ما تجلى في الإعلام الروسي، الذي يصور زيارة الرئيس الصيني كدليل على أن موسكو تحظى بصديق قوي مستعد للوقوف إلى جانبها في مواجهة الغرب المعادي الذي تتهمه بمحاولة عزل موسكو وهزيمتها.

وكان بوتين قد وقع اتفاق “شراكة بلا حدود” مع شي العام الماضي قبل وقت قليل من الحرب الأوكرانية، لكن حتى الشراكة بلا حدود قد تكون لها حدود، فالصين تحسب كل شيء بدقة وتخطيط وحسابات، وهنا يكمن جزء من سر نهضتها العملاقة، وليس من المرجح أن تتخلى عن هذا المبدأ في السياسة.

Exit mobile version