سياسة

ليبيا.. الدبيبة يستنجد بالبنك الدولي لإعادة إعمار مناطق الفيضانات المنكوبة


طلبت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة في ليبيا رسميا من البنك الدولي المساعدة في ثلاث مجالات لإعمار المناطق المنكوبة جراء الفيضانات التي اجتاحت شرق ليبيا، بينما تواصل الدول إرسال الدعم إلى البلاد ومن ضمنهم فريق إماراتي لتحديد هوية ضحايا الكوارث وهو الأول على مستوى العالم.

وتقدم وزير المالية خالد المبروك بطلب إلى الممثلة المقيمة لمجموعة البنك الدولي في ليبيا، هنرييت فون كالتنبورن-ستاتشاو، في الثاني عشر من سبتمبر الجاري، داعيا المؤسسة الدولية إلى “تقديم الدعم الفوري للشعب الليبي وخاصة أولئك الذين يعيشون في الجزء الشرقي من البلاد الذين تضرروا بشدة من الكارثة الأخيرة التي سببتها العاصفة دانيال”.

وتواصل فرق الإنقاذ الليبية أعمال البحث عن المفقودين وانتشال الجثث في درنة بعد الفيضانات الجارفة التي اجتاحت المدينة، بينما أعلنت السلطات الليبية تقسيم المدينة إلى ثلاث مناطق حسب درجة الضرر الذي تعرضت له، فيما أفادت أنباء عن توجه السلطات لإخلاء محتمل للمدينة المنكوبة.

وطلب المبروك في رسالته إلى ممثلة البنك الدولي في ليبيا، خبرة ومساعدة البنك الدولي في ثلاثة مجالات لإعمار المناطق المنكوبة هي: تقييم سريع للأضرار الناجمة عن الفيضانات، وإنشاء برامج للتحويلات النقدية السريعة والطارئة للمتضررين بالمناطق المنكوبة، وإدارة أموال إعادة الإعمار المرتقبة.

وفي شأن التحويلات النقدية الطارئة، أوضح المبروك أن الحكومة الليبية “تحتاج إلى توجيهات البنك الدولي الفنية ودعمه في إنشاء برنامج سريع للتحويلات النقدية الطارئة للمجتمعات المتضررة في المدن المنكوبة”، مشددا على أن “المساعدة المالية في الوقت المناسب أمر بالغ الأهمية للتخفيف من الأعباء المباشرة التي يواجهها المتضررون”.

صدمة ما بعد الكارثة

وساهم الانقسام السياسي وسنوات الفوضى والحرب في إضعاف المؤسسات الرسمية وشجعت الفساد الهائل وسوء استخدام الأموال العامة، ما نتج عنها سوء إدارة للكارثة التي ذهب ضحيتها آلاف القتلى والمفقودين.

وأشار المبروك بشأن إدارة أموال إعادة الإعمار، إلى أن الحكومة “بصدد إنشاء صندوق دولي لتجميع الموارد اللازمة لجهود إعادة الإعمار واسعة النطاق المقبلة” وأوضح في ختام رسالته أن “المساعدات الإنسانية العاجلة المقدمة يمكن أن يجرى صرفها من قبل الأمم المتحدة وشركائها العاملين على الأرض”.
في الأثناء تتواصل المساعدات الدولية المقدمة إلى ليبيا، وقالت الحكومة الليبية في مؤتمر للفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة أن  24 دولة سيَّرت رحلات إغاثية إلى ليبيا، من خلال 65 طائرة إغاثية وحوالي 7 سفن نقلت مساعدات إنسانية لمواجهة آثار السيول والفيضانات بشرق ليبيا.

ووصل إلى ليبيا فريق تحديد ضحايا الكوارث الإماراتي للمساعدة في مكافحة الفيضانات التي اجتاحت البلاد وأودت بحياة الآلاف.

ويعد فريق تحديد الهوية الإماراتي (DVI) الأول على مستوى العالم الذي يصل إلى مدينة درنة المنكوبة للقيام بمهمة تحديد هوية ضحايا إعصار دانيال.
ويأتي إرسال الفريق ضمن جهود دولة الإمارات للمساعدة في مكافحة الفيضانات التي شهدتها ليبيا، يُعتبر تحديد هوية ضحايا الكوارث (DVI) الطريقة المستخدمة للتعرف إلى ضحايا الحوادث التي تقع فيها إصابات جماعية، خصوصا في الحالة الليبية حيث جرفت الفيضانات أحياء كاملة من المدينة نحو البحر ولم يتم التعرف على أغلب الضحايا.

غواصون إماراتيون يشاركون في عملية بحث تحت الماء لانتشال الأنقاض والجثث
غواصون إماراتيون يشاركون في عملية بحث تحت الماء لانتشال الأنقاض والجثث

ومنذ نحو عشرة أيام، تحوّل ميناء درنة في شرق ليبيا من مرفأ يستقبل السفن والبضائع والركّاب وينطلق منه الصيادون إلى مكبّ لجثث وسيارات وركام، بعد فيضانات جرفت.

وخلال الأيام الماضية، خلا الميناء من العمّال والصيادين والمارّة وتوقّفت سفن قليلة فيه. ووحدها فرق البحث والإنقاذ المحلية والدولية تنشط في المكان للمساعدة في انتشال ما استقرّ في قعر حوضه.

وبين هذه السفن، القاطرة “إيراسا”. التي كانت موجودة في مياه الميناء أيضًا ليلة العاشر من أيلول/سبتمبر عندما ضربت العاصفة “دانيال” شرق ليبيا وتسبّبت بانهيار سدّين في أعلى درنة، ما أدى إلى فيضانات جرفت في طريقها أبنية وجسورا وأوقعت 3351 قتيلا على الأقل، في أحدث حصيلة رسمية موقتة لسلطات شرق ليبيا، بينما لا يزال هناك آلاف المفقودين.

ويروي قائد القاطرة علي المسماري (60 عامًا) لوكالة فرانس برس أنه فكّر في اللحظات الأولى بإخراج السفينة من الميناء لتفادي ارتطام حطام بها، وتجنّب تعريض طاقمها للخطر. لكنه أكدّ أنه لم يرَ جدار الميناء ليتمكّن من تحديد موقع المخرج، بسبب ارتفاع مستوى البحر. ويقول “لم يكن هناك إلا الدعاء لا أكثر”.

وعندما طلع النهار، ظهر هول الكارثة. ويعدّد المسماري ما رآه في حوض الميناء “شاحنات عملاقة، إطارات، ناس، منازل، أشجار نخل كاملة، حطب، غرف نوم، سخانات، غسالات، ثلاجات….”.

وإن كان قسم كبير من كل هذا غرق في المياه بعد ساعات، فعلى الرصيف تتناثر اليوم أغراض شخصية لفظها البحر أو استخرجها غطاسون: علب حليب أطفال، أدوات مطبخ، علب مساحيق تنظيف، علب عصير ممزقة، وقوارير زيت طبخ… والكثير الكثير.

وأكد رئيس لجنة الأزمة في مصلحة الموانئ والنقل البحري الكابتن محمد شليبطة أنه يتمّ تنسيق الجهود “للبحث عن الأغراض العالقة في ميناء درنة حيث يُتوقع أن يكون هناك أشخاص داخل مركباتهم الآلية التي غرقت”. وأشار إلى أن “الميناء مقسّم إلى قطاعات، وكل منطقة كُلّف بها فريق معيّن”.

ويتولى الفريق الإماراتي أحد القطاعات المهمة في عمليات تحديد الضحايا. وقد وصل مع معدّاته وبينها قوارب ودباب البحر (جيت سكي)، وبدأ عمليات تفتيش عبر الغطس والتحسّس، إذ إن “الرؤية معدومة” في المياه الداكنة التي تحوّل لونها إلى البنيّ بسبب الوحول، وفق ما يقول الغطّاسون.

وكان قائد الفريق العقيد علي عبدالله النقبي يعطي توجيهاته إلى عناصره، مشدّدًا على ضرورة اتخاذ أقصى إجراءات الوقاية.

ومن على متن مركب أصفر. نزل أربعة غطاسين إماراتيين يحملون على ظهورهم قوارير أكسيجين، كل اثنين في موقع يربط بينهما حبل أمان. وبعد وقت قصير، خرج أحدهم وقال “ربطنا (الحبل) بسيارة، لا نرى شيئًا، ربطنا الباب أو الحاجب العلوي”. كذلك عثر غطاس ثانٍ على سيارة أخرى.

وبعد صعودهم إلى المركب، ساعدهم زملاؤهم في خلع السعيفات ورشّوا مياه شرب على وجوههم.

إثر تحديد موقع السيارتين. أُحضرت رافعة بالتنسيق مع السلطات الليبية أَخرجت إحدى السيارتين.

ورُفعت السيارة بحبل واحد ثمّ اقترب الغطاسون مجددًا لربطها بحبل ثانٍ من طرف آخر. تمّ إبعاد جميع الأشخاص مسافة لا تقلّ عن عشرة أمتار خوفًا من سقوط وحول أو مياه أو حتى أشلاء بشرية من السيارة أثناء إخراجها.

وبعد إنزال السيارة المحطّمة على رصيف المرفأ. اقترب فريق متخصص في التعامل مع الجثث يرتدي بزات بيضاء وقفازات ويضع كمامات. للكشف عمّا في داخلها. وأعلن الفريق أخيرًا أن لا جثث داخلها.

ويرجح أن تستغرق عملية انتشال ما استقر في قعر حوض الميناء أو حتى في قعر البحر أبعد من الميناء. وقتًا طويلًا.

وتتكثّف جهود الإنقاذ أيضًا في البحر قبالة ساحل المدينة المنكوبة كله. بعد أن جرف التيار الكثير من الجثث إلى الناحية الشرقية. بحسب مصادر ملاحية.

وقال قائد الفريق الإماراتي حافظ عبيد “التعامل مع جثة في البحر أسهل من التعامل مع الجثث التي تكون على البرّ لأن نسبة الملوحة تشكل عازلًا على الجلد”.

وفي القاطرة “إيراسا”، يروي المسماري أن صيادين على متن “مراكب الصيد الخاصة كانوا أول من هرع لإنقاذ الأحياء ثمّ انتشال الأموات” ليلة الكارثة. وقال أنه أُبلغ بقدوم العاصفة “دانيال”. لكن عند الساعة الثانية والنصف “اهتزّت القاطرة البحرية بشكل غير عادي وغير مسبوق”.

إلى جانبه، أكد العامل الفني في القاطرة توفيق أكروش (61 عامًا) أن “منسوب المياه ارتفع فوق الرصيف بحوالى متر ونصف مع وصول سيارات وآليات بكمية هائلة”.

ومالت السفينة بعد أن اصطدمت فيها مياه الفيضانات. فأشعل طاقمها المحرّكات وقطع الحبال لإبعادها عن الرصيف.

فجرًا، سمع طاقم السفينة صوت صراخ يطلب النجدة فهرع للمساعدة. وتبيّن أنها عجوز تختبئ عارية داخل ثلاجة طافية على وجه الماء، وقد نجت بأعجوبة. كانت تسأل “أين أختي؟”، بحسب رواية البحارَين.

لاحقًا، أنقذ الطاقم أيضًا رجلًا مصريًّا. ويروي المسماري أن الناجي قال لهم إنه “بعد النوم وجد نفسه هنا”، مضيفا “ربما كان في غيبوبة”.

البحر مرسى للسيارات والأغراض الشخصية بعد الفيضانات
البحر مرسى للسيارات والأغراض الشخصية بعد الفيضانات

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى