ليبيا.. الدبيبة يرفض تحديد مصر للحدود البحرية من جانب واحد
كشفت حكومة الوحدة الوطنية الليبية رفضها قرار الرئاسة المصرية ترسيم الحدود البحرية الغربية للبلاد بشكل أحادي، وهددت برفع الأمر إلى محكمة العدل الدولية.
وهذا بعد يومين من دعوة الحكومة المنافسة برئاسة باشاغا مصر وتركيا واليونان بعدم اتخاذ خطوات أحادية الجانب في نفس الشأن.
ويجد المراقبون أن موقف حكومة عبدالحميد الدبيبة الذي جاء متأخرا بعد أربعة أيام من صدور القرار المصري يطرح أكثر من علامة استفهام، إن كانت اتخذته بعد تنسيق مع تركيا. لكن في كل الأحوال قد يزيد في تأزيم العلاقة بين القاهرة والدبيبة والذي تعتبر أن حكومته انتهت ولايتها وبالتالي فهي لا تملك أي صلاحيات لإبرام أي اتفاقيات.
ويشير هؤلاء إلى القاهرة بإمكانها في حالة الطعن في قرارها أن تطعن هي أيضا في مذكرة التفاهم التي أبرمتها حكومة الدبيبة مع تركيا في الثالث من أكتوبر الماضي في العاصمة طرابلس للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية.
وحثت وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، مصر على ترسيم الحدود البحرية من خلال اتفاق عبر مفاوضات تضمن مصالح الطرفين وتحترم مبدأ المساواة، استنادا إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
واعتبرت الوزارة في بيان أصدرته مساء الجمعة، قرار مصر تحديد الحدود البحرية الغربية مع ليبيا، “ترسيما غير عادل” بموجب القانون الدولي، لأنه “معلن من جانب واحد”، ما يعد “انتهاكا للمياه الإقليمية والجرف القاري لدولة ليبيا”.
حيث دعت الخارجية الليبية الحكومة المصرية إلى النظر في إطلاق المحادثات حول الحدود البحرية مع حكومة الوحدة، قائلة إن الخط الحدودي البحري المعلن لا يأخذ بالاعتبار تساوي المسافة بين السواحل الرئيسية لليبيا ومصر.
كما أشار البيان إلى احترام ليبيا التزاماتها وقضية الجرف القاري مع كل من تونس ومالطا، في الفترة القريبة الماضية،
ونبّه البيان إلى أنه “من الممكن إحالة هذا النزاع إلى الوسائل السلمية بموجب المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك محكمة العدل الدولية، التي سيتفق عليها بين الطرفين خلال المفاوضات”.
كما دعا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا، الأربعاء الماضي، مصر وتركيا واليونان إلى “عدم اتخاذ خطوات أحادية” بخصوص ترسيم الحدود البحرية. مؤكدا “استعداد حكومته للتفاوض” بما يخدم مصالح الجميع.
والثلاثاء، نشرت وسائل إعلام مصرية قرارا جمهوريا لرئيس البلاد عبدالفتاح السيسي بشأن تحديد الحدود البحرية الغربية لمصر في البحر المتوسط.
ونص القرار على أن “تبدأ حدود البحر الإقليمي لمصر من نقطة الحدود البرية المصرية الليبية النقطة رقم (1) ولمسافة (12) ميلا بحريا وصولا إلى النقطة رقم (8) ومن ثم ينطلق خط الحدود البحرية الغربية لمصر من النقطة رقم (8) في اتجاه الشمال موازيا لخط الزوال (25) شرق وصولا إلى النقطة رقم (9)”.
ونصت المادة الثانية على أن تعلن قوائم الاحداثيات وفقًا للقواعد المعمول بها في هذا الصدد، ويخطر بها الأمين العام للأمم المتحدة.
يعني القرار حسم مصر لحدودها البحرية التي يمكن من خلالها أن تطرح هذه المناطق أمام شركات النفط العالمية للتنقيب عن النفط والغاز، ويمكنها كذلك الحفاظ على ثروات الغاز في منطقة البحر المتوسط التابعة لها، كما يعني إعداد وتجهيز المناطق داخل هذه الحدود للبحث عن النفط والغاز ووقف أي أطماع فيها.
ويأتي القرار المصري بعد توقيع حكومة الدبيبة في أكتوبر الماضي للتنقيب عن الطاقة في المياه الليبية. عقب مرور ثلاث سنوات على إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية المثير للجدل، والذي أثار حفيظة القاهرة وأثينا وكذلك الاتحاد الأوروبي حينها.
وطعنت مصر واليونان في الاتفاق. حيث أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس أن حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس التي وصفاها بـ”منتهية الولاية”. لا تملك صلاحية إبرام أي اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم، في إشارة إلى المذكرة التي وقّعت بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنية.
وتحاول مصر في الفترة الأخيرة جاهدة أن تؤمن مصالحها، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو قانونية، من خلال تعيين الحدود البحرية. ولولا تعيين الحدود البحرية لما استغنت مصر ولأول مرة عن استيراد الغاز في 2019. ولما وفرت من العملة الصعبة المليارات من الدولارات بعد اكتشاف حقل غاز جديد في البحر المتوسط أمام العريش.
وكانت شركة شيفرون قد أعلنت عن اكتشاف حقل غاز جديد بالبحر المتوسط أمام العريش، وهو اكتشاف البئر البحري “نرجس 1X”، الواقع بمنطقة النرجس البحرية. حيث تبلغ احتياطاته 3.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز، وتمت عمليات حفر البئر بواسطة سفينة ستينا فورث.
وفي وقت سابق، تحدث السيسي عن “أهمية تلك الاتفاقيات”. وأشار، في مؤتمر اقتصادي عقد في أكتوبر الماضي، إلى أن “حقل ظهر للغاز الطبيعي لم يكن ممكناً اكتشافه لو لم يتم ترسيم الحدود مع قبرص واليونان في البحر المتوسط والسعودية في البحر الأحمر”. مضيفاً أن “تلك الاتفاقيات وفّرت 120 مليار دولار سنوياً لتشغيل محطات الكهرباء”.