لماذا تتفاعل قطر غيت داخل إسرائيل؟ ومن المستفيد من التصعيد؟

تشعبت التحقيقات في القضية المثيرة للجدل المعروفة بـ”قطر غيت”، والتي هزت الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتشمل رجال اعمال وصحفيين . وتتعلق القضية بتورط عدد من المقربين من رئيس الوزراء في تلقي أموال من دولة قطر بهدف الترويج لمصالحها في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، مع تقليص دور مصر في تلك المفاوضات.
وأدى توجيه أصابع الاتهام إلى عدد من الشخصيات البارزة إلى توسع التحقيقات في القضية، حيث تم استدعاء رجال أعمال وصحفيين للتحقيق معهم حول دورهم في نقل الأموال القطرية إلى مساعدي نتنياهو. وفي مقدمة هؤلاء كان ديفيد سايج، رجل الأعمال الإسرائيلي الذي عمل في السابق ضمن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
وقد تم استجوابه بسبب الاشتباه في تواصله مع “عميل خارجي”، مما أثار تساؤلات حول علاقته بالتحركات القطرية حيث كشفت التحقيقات عن وجود رسائل بين سايج ويسرائيل أينهورن، الذي كان يعمل على خدمة مصالح قطر في إسرائيل، وهو ما يضاف إلى تعقيد التحقيقات حيث يتواجد أينهورن خارج إسرائيل وذلك وفق صحيفة “مكان”.
بالإضافة إلى سايج، تم استجواب رجل الأعمال جيل بيرغر، الذي له علاقات مع دول الخليج، حيث يعتقد أنه كان الوسيط في تحويل الأموال من قطر إلى مساعدي نتنياهو. التحقيقات تشير إلى أن بيرغر قد يكون قد دفع رواتب لأحد مساعدي نتنياهو، إيلي فلدشتاين، نيابة عن جاي فوتليك، الذي يعمل ضمن مجموعة الضغط القطرية.
وقد تم استخراج معظم المعلومات من هاتف فلدشتاين، وتضمنت تعليمات واضحة لنقل المصالح القطرية وفق تقرير نشرته قناة “كان 11”.
كذلك تم استدعاء عدد من الصحفيين الذين تم التحقيق معهم على خلفية الاشتباه في تلقيهم تعليمات لنقل مصالح قطر عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، ما يسلط الضوء على التورط المحتمل لوسائل الإعلام في هذه القضية.
وقد أثارت القضية ردود فعل كبيرة في إسرائيل، حيث يرى البعض أن التحقيقات هي جزء من “مطاردة سياسية” ضد نتنياهو، في حين يرى آخرون أن هذا التحقيق ضروري للكشف عن الحقائق. وقد قارن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه توقيف مساعديه في القضية بـ”احتجاز رهائن”، معربًا عن استنكاره للطريقة التي تتم بها التحقيقات. نتنياهو قد أكد في تصريحات له أنه يعتقد أن هذه القضية هي جزء من حملة ضده من قبل خصومه السياسيين.
وفي المقابل، لم يصدر عن الحكومة المصرية أي تعليق رسمي حول القضية رغم تأثيراتها المحتملة على دور مصر في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. مصر، التي تعتبر لاعبًا أساسيًا في المنطقة، تجد نفسها متأثرة بشكل غير مباشر بالتوترات الناجمة عن هذه القضية. ورغم ذلك، يراقب المسؤولون المصريون المسار القانوني لهذه القضية في صمت، بانتظار تأثيراتها المستقبلية على العلاقات الإسرائيلية المصرية.

أما بالنسبة للدوحة، فقد نفى المسؤولون القطريون بشكل قاطع التهم التي تشير إلى تقديم أموال لمقربين من نتنياهو، معتبرين التقارير التي تناولت القضية “افتراءات” تهدف إلى تشويه صورة قطر في العالم. وقد جاءت هذه التصريحات في الوقت الذي كانت فيه التحقيقات تكشف المزيد من التفاصيل حول تورط أفراد من داخل إسرائيل في خدمة مصالح قطر.
من ناحية أخرى، بعد التحقيقات المكثفة، أفرجت المحكمة الإسرائيلية عن مساعدي نتنياهو، يوناتان أوريخ وإيلي فلدشتاين، ولكن تم وضعهم تحت الإقامة الجبرية حتى 22 من أبريل/نيسان الجاري. كما تم فرض قيود على تواصلهما مع أي أطراف ذات صلة بالقضية، بما في ذلك نتنياهو، لمدة 60 يومًا. ورغم رفض المحكمة طلب الشرطة بتمديد اعتقالهما، إلا أن الوضع لا يزال معقدًا بالنسبة للمساعدين الذين يواجهون اتهامات جدية قد تؤثر على مكانتهم السياسية.
وتجسد قضية “قطر غييت” أزمة سياسية معقدة قد تؤثر على استقرار الحكومة الإسرائيلية، حيث تزداد الضغوط على رئيس الوزراء من جانب خصومه السياسيين. كما أن التساؤلات حول نزاهة الحكومة في التعامل مع قضايا المال والسياسة بدأت في الظهور بشكل أكبر. هذا الوضع يعكس حالة من عدم الاستقرار داخل الحكومة الإسرائيلية، ويضعها في موقف صعب على الساحة السياسية.
وتظل القضية واحدة من أكبر الفضائح السياسية في إسرائيل، حيث تكشف عن تورط عدد من الشخصيات البارزة في تلقي الأموال من دولة قطر بهدف التأثير في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.
وقد تكشف التحقيقات المستمرة المزيد من التفاصيل حول العلاقات بين قطر والمقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقد يكون لهذه القضية تداعيات بعيدة المدى على العلاقات الإسرائيلية مع جيرانها في المنطقة. وفي انتظار مزيد من التحقيقات، تظل هذه القضية محط اهتمام داخلي وخارجي واسع، ما يجعل تطوراتها محورية لمستقبل الحكومة الإسرائيلية ومصداقيتها في التعامل مع الشؤون الخارجية.