متابعات إخبارية

لتبرير الإخفاقات.. الجزائر تداري أزماتها بالغرق في نظرية المؤامرة


 

 خصص السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، ملتقى وطنيا بعنوان “الدفاع الوطني في مواجهة حرب العقول” للحديث عن مؤامرة مفترضة تستهدف بلاده، داعيا إلى رص الصفوف للتصدي لـ”أطراف حاقدة” للنيل من الجزائر في محاولة لتكريس هذه النظرية ضد “الإنجازات والاستقرار”.

وليست هذه المرة الأولى التي يستحضر فيها مسؤول عسكري رفيع نظرية المؤامرة في سياقات عامة وخاصة، ففي ذروة الحراك الشعبي المناوئ للنظام، أسهب المسؤولون في الحديث عن تهديدات تستهدف تفجير الحراك في حد ذاته. وفي أكثر من مناسبة كرر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون اسطوانة التهديدات وتربص جهات خارجية ببلاده.

ويعتقد أن تكرار الحديث عن مؤامرات وتهديدات خارجية لما تم انجازه في الجزائر في فترة العهدة الرئاسية الأولى لتبون التي تشرف على نهايتها فيما يستعد لخوض سباق الرئاسة لعهدة ثانية، أقرب للتهويل والتضخيم وأن أسباب سياسية تقف وراء تروجيها والتسويق لها كحقيقة يجب التعامل معها بجدية.

والأرجح أن الأمر يتعلق بالبحث عن اثارة ضجيج لالهاء الشعب الجزائري عن مشاكل داخلية واخفاقات خارجية من بينها الفشل الدبلوماسي في مواكبة التطور والتنمية التي تشهدها دول مجاورة مثل المغرب وحتى تونس التي تعاني من أزمات ثقيلة.

ويذهب البعض في تفسير ادمان النظام الجزائري بشقيه العسكري والسياسي على ترويج نظرية المؤامرة، إلى أن الأمر يتعلق بالتغطية على الفشل والارتباك الدبلوماسي في التعاطي مع تراجع نفوذ الجزائر افريقيا ودوليا.

ويركز قائد الجيش الجزائري على فكرة اعتادت الأنظمة العسكرية تسويقها لشعوبها بإغراقها في نظريات عن تهديدات ومخاطر تحوم حولها من كل جانب ما يجعل وجود العسكر في هرم السلطة ضرورة لا بد منها لحماية مكتسبات الوطن.

وقال شنقريحة خلال إشرافه الاثنين، على افتتاح أشغال بالنادي الوطني للجيش ببني مسوس “إن تنظيمه يأتي في سياق جيوسياسي دولي وإقليمي، يتسم بالتحول وتعقد الأزمات وتشكل التهديدات وتشابك المخاطر، ما يجعل استشراف تطورها المستقبلي صعبا للغاية، خصوصا مع احتدام التنافس بين القوى الحالية والصاعدة، من أجل بسط نفوذها وإحكام سيطرتها على موارد وثروات دول الجنوب، في تجاهل تام للتداعيات الوخيمة المحتملة على الأمن الدولي والإقليمي، ومن دون الاكتراث بالانعكاسات السلبية لذلك على حق الشعوب النامية، في التمتع بالأمن والسلم والعيش الكريم”.

وهاجم قائد الجيش ما اسماها بـ”الأطراف الحاقدة” باعتبارها مسؤولة عن “أحد أخطر أشكال الحروب على وعي الشعوب واستقرار الأوطان، يهدف إلى إبراز وإدراك الخطورة الاستراتيجية لما قد يحاك ضدّ بلدنا، باستعمال التقنيات المرتبطة بالحروب من الجيل الخامس، على غرار الممارسات الخبيثة التي تعتمدها في الآونة الأخيرة، الأطراف الحاقدة على الجزائر، بسبب ثباتها على مواقفها وقرارها السيد ومساندتها للقضايا العادلة في العالم”.

وبحسب الرواية التي تسوق لها وسائل الإعلام الجزائرية وتتلاقى تماما مع الرواية الرسمية، فإن “الحملة (المزعومة) ضد الجزائر تستهدف المنجزات والآمن والاستقرار في البلاد، والتشويش على علاقاتها مع الدول الأخرى رغم عدم وجود أي دليل على هذه المزاعم.

ولم يخلو خطاب شنقريحة ضد الأطراف المعادية للوطن، من الإشادة والترويج لرئيس البلاد و”إنجازاته”، وقال “في هذا الصدد بالذات، ومن أجل كسب مختلف الرّهانات التنموية، التي باشرتها بلادنا، تحت قيادة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، فإنه يتعين تضافر جهود كافة الفاعلين الوطنيين، من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والنخب والمواطنين بكل فئاتهم، من أجل تعزيز الاستقرار النسقي للدولة، والتصدّي، بكل فعالية ونجاعة، لمختلف العدائيات المحتملة.”

وعلى إثر إعلان رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي عن الافتتاح الرسمي لفعاليات الملتقى حسب ما جاء في بيان لوزارة الدفاع الوطني “شرع الحاضرون في تقديم المحاضرات المبرمجة، والتي تناول من خلالها الأساتذة والخبراء المشاركون مفهوم حرب العقول وأشكالها، بالإضافة إلى المخاطر والتهديدات الناجمة عنها، وكذا متطلبات وكيفيات مجابهتها وفق مقاربة عملية مدروسة، لاسيما في ظل بيئة دولية تتسم بذوبان الحدود الفاصلة بين حالتي السلم والحرب وتفاقم التهديدات اللاتماثلية العابرة للحدود، كما تخللت المداخلات، مناقشات وتدخلات لأخصائيين وإطارات قدّموا تصورات وأفكارا ساهمت في إثراء فعاليات الملتقى وتوصياته”.

وينتقد ناشطون جزائريون الطريقة التي يحاول فيها مسؤولو بلادهم إلقاء اللوم على الأعداء والترويج لنظريات المؤامرة لتبرير إخفاقاتهم على كافة الصعد، وسبق أن

تحدث الناشط عبدو سمار، عبر قناته الخاصة بموقع يوتوب، عن معضلة تعاني منها الجزائر، عرضت سمعتها للتراجع، نتيجة السياسة التي ينهجها النظام،

وقال أن المؤسسات الجزائرية بالاضافة إلى الاعلام الرسمي، بل وحتى بعض المواطنين ساهموا في تفاقم هذه المعضلة أو هذا المرض، حيث أصبح لصيقا بدولة الجزائر، وهي نظرية ” المؤامرة”.

وأشار سمار إلى أنه منذ 2020، لم تفلت أي منظمة عالمية أو هيئة أو دولة كيفما كانت من اتهامات النظام الجزائري، الذي يصر على لعب دور الضحية.

وتحدث سمار، عن مسلسل تلفزيوني بتثه قناة” أر.تي” الروسية، حيث استغرب من اتهام نظام بلاده  للقناة الروسية بالتآمر، لكون القناة قامت بتصوير هذا المسلسل بالمغرب، ما يعني حسب العقلية الجزائرية أن المغرب والقناة الروسية عملا على استهداف الجزائر. وأوضح أن رئيس مكتب اليونيسف بالجزائر، لم يسلم بدوره من الاتهامات، رغم انه موريتاني الجنسية، لكن ذنبه الوحيد أنه درس بالمغرب، ما يجعل العقلية الجزائرية من جديد تصنفه ضمن المتآمرين بكل بساطة.

 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى