سياسة

لبنان.. الأوضاع تزداد سوءا


لم يقل تقرير صندوق النقد الدولي الذي صدر مؤخرا حول لبنان، أمورا غير متوقعة، لكنه بيّن بالأرقام المدى الذي وصل إليه الانهيار اللبناني على أكثر من صعيد منذ نهاية عام 2019، محذرا من تداعيات إرجاء الإصلاحات اللازمة.

ولاحظت مصادر اقتصادية، أن “الأطراف المسؤولة عن حماية الدولة ومصالح الناس، لم تتفق منذ ذلك التاريخ على أي تصور إنقاذي، ولم يتم وضع خطط طارئة للتعامل مع هذا الوضع، كما لم يتم الأخذ بمطالب الصندوق المتضمنة البدء بإصلاحات هي بمثابة شروط يضعها لمساعدة لبنان.

وبحسب الخبير الاقتصادي خالد أبو شقرا، فإن تقرير صندوق النقد الدولي أضاء على ثلاثة جوانب أساسية، يتعلق الجانب الأول بعدم إجراء الدولة اللبنانية أية إصلاحات هيكلية مطلوبة سواء في القطاع المصرفي أو في القطاع العام والمؤسسات الأخرى.

ويتعلق الجانب الثاني، باستمرار تراجع الناتج المحلي الإجمالي وعدم تحقيق أي نمو “خلافا للرواية الرسمية التي تقول بتحقيق لبنان نموا عام 2022 بمقدار 2%، لكن تقرير الصندوق ينفي هذا الأمر ويؤكد استمرار الانكماش الاقتصادي”.

أما الجانب الثالث، بحسب أبو شقرا، فهو “بالغ الأهمية كونه يفضي إلى سيناريوهين، إما أن تجري الدولة الإصلاحات وفي مقدمتها إعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح القطاع العام وتحديدا الكهرباء، والسيناريو الثاني أن يستمر الأمر كما هو عليه، مع ما يعنيه ذلك من تفاقم للخسائر، وتحميل المودعين أعباء الأزمة، والاستمرار في التضخم بنسبة الدين العام من الناتج المحلي ليتجاوز نسبة 550% في العام 2027.

وأوضح أبو شقرا أن تقرير صندوق النقد الدولي يعيد التأكيد على عدم جواز تمويل الخسائر بالقطاع المصرفي، من خلال الأموال العامة أو من خلال دافعي الضرائب، ويقدر هذه الخسائر بنحو 72 مليار دولار وهي مجموع ودائع المصارف في مصرف لبنان.

واعتبر الخبير الاقتصادي، أن الشرط الوحيد للمسار الإنقاذي هو إعداد خطة واضحة، تتم فيها “إعادة توزيع الخسائر بشكل عادل، لا يتحمل معه المودعون أعباء الإنهيار، وأن تتضمن الخطة استقرارا في سعر الصرف وانخفاضا في معدلات التضخم، بحيث يمكن للمواطن الذي يقبض راتبه بالليرة اللبنانية تحمل دفع الفواتير المختلفة”.

واستبعد أبو شقرا أن تبصر الحلول المجدية النور قريبا، في ظل الخلافات العميقة والعمودية القائمة، حول كيفية توزيع الخسائر في المرحلة المقبلة، “وهو بيت القصيد ومعيار نجاح خطة النهوض بالقطاع المالي من عدمه”.

وبخصوص الإصلاحات في القطاع العام، قال أبو شقرا، إنه “يتوجب خفض عدد الموظفين والدخول في شراكة بين القطاعين العام والخاص”.

وأضاف: “لا يزال الأمر يواجه رفض السياسيين؛ لأن إدارات الدولة تعتبر جنة لهم في مجالات التوظيفات المصلحية والمنافع المختلفة من صفقات وخلافها، وهذا الأمر يبدو ولغاية اليوم مرفوضا من فئة كبيرة من صانعي القرار”.

ويهدد عدم وضع خطة إنقاذية، الأمان الاجتماعي في لبنان، وتعكس الأرقام المختلفة للمنظمات والمؤسسات الدولية المختلفة صورة قاتمة للوضع بمجمله، على الصعيد الغذائي والبطالة والهجرة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى