سياسة

لإدارة أزمة الهجرة.. إيطاليا تتعاون منفردة مع تونس وليبيا


قال وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي، أن الاتصالات مع السلطات التونسية والليبية سمحت بإعادة إطلاق التعاون في مجال مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، بعد لقاءات مع مسؤولين في البلدين لإدارة ظاهرة الهجرة، التي تعتبر أحد أبرز نقاط الخلاف بين تونس وأوروبا على وجه الخصوص.

وتوصلت إيطاليا إلى اتفاق مع تونس بشأن الهجرة في أكتوبر الماضي بشكل ثنائي بعد شد وجذب وتعقيدات شهدتها مذكرة التفاهم الموقعة بين تونس والاتحاد الأوروبي أدت إلى تعطيلها.

ووقعت ايطاليا في أكتوبر الماضي مذكرة تفاهم مع تونس لإنشاء قنوات جديدة للهجرة النظامية، من شأنها إدارة تدفقات الهجرة المنظمة لصالح الطرفين.

ويبدو أن إيطاليا لا تعول كثيرا على التفاهم الأوروبي حول اتفاق الهجرة الذي تجري حوله مفاوضات معقدة بين دول الاتحاد منذ أشهر، فلجأت إلى إجراء مباحثات وتفاهمات مع دول العبور والمصدر لاحتواء الأزمة.

وقال بيانتيدوزي إن بلاده “عملت في مجال مكافحة تهريب المهاجرين على مستوى ثنائي، حيث أجرت حواراً وثيقاً مع دول المنشأ والعبور الرئيسية للتدفقات، ولا سيما مع تونس وليبيا وساحل العاج ومصر”.

وأوضح الوزير الايطالي في حديثه ببروكسل الثلاثاء، خلال مؤتمر حول مكافحة المتاجرين بالبشر نظمته المفوضية الأوروبية، أن “مبادراتنا الرئيسية كانت في هذه اللحظة التاريخية موجهة إلى تونس، التي يأتي منها أكثر من 60 بالمئة من جميع المهاجرين الذين وصلوا إلى سواحلنا، كذلك إلى ليبيا وأشكر وزرائها على تعاونهم المستمر معنا”.

وذكر أن “هذا التعاون المعزز يتيح تنفيذ سلسلة من المبادرات العملياتية بسرعة، والتي تركز بشكل أساسي على مجالين: أولهما الرغبة بإحداث نقطة تحول في التقصّي حول شبكات الاتجار، وذلك بفضل إطلاق تحقيقات مشتركة بين أجهزة مكافحة الاتجار بالبشر الإيطالية والتونسية“.

ويتواجد منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أربعة ضباط تونسيين في روما لدى الشرطة الحدودية، لتشجيع تبادل المعلومات، بما فيها معلومات التحقيق حول مكافحة الهجرة غير النظامية والشبكات الإجرامية للمتاجرين بالبشر.

بالتوازي مع ذلك، تقوم ايطاليا في بعض الأحيان بتوفير المستلزمات البحرية والبرية لمراقبة الحدود، وضمان أنشطة التدريب اللازمة لدعم سلطات بلدان المصدر وعبور التدفقات. واختتم الوزير الايطالي “نحن مقتنعون في الواقع بأن المعركة ضد المتاجرين لا يمكن كسبها إلا من خلال العمل بشكل مباشر على الحدود ميدانيا، مع ضوابط مشددة برّاً وبحراً”.

وحذر من ظاهرة القرصنة البحرية للمتاجرين بالبشر، مشيرا إلى أن منطقة البحر المتوسط شهدت مؤخرا قفزة خطيرة في النوعية الإجرامية من جانب المتاجرين بالبشر الذين ينهبون قوارب المهاجرين بعد سحبها إلى حدود المياه الإيطالية ويسرقون المحركات والهواتف المحمولة وغيرها.

وتم رصد أكثر من 100 قارب صيد، وتفتيش أكثر من 25 قاربا، ومصادرة أكثر من 60 محركا، واعتقال 21 مهربا، وتؤكد الحكومة الإيطالية حرصها على تعزيز التعاون مع تونس وليبيا في هذا الشأن.

وفي هذا الصدد، أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في وزارة الداخلية الليبية الثلاثاء انه أعاد 248 مهاجراً دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية إلى النيجر وتشاد.

وبحسب المكتب الإعلامي لجهاز الهجرة غير الشرعية، فإن 120 مهاجرا من جنسية النيجر ستتم إعادتهم إلى بلادهم جواً، فيما ستتم إعادة 128 مهاجراً من جنسية تشاد إلى بلادهم براً عبر الحدود البرية المشتركة مع ليبيا.

وقال موسى الكوني عضو المجلس الرئاسي الليبي الذي حضر برفقة سفيري تشاد والنيجر العملية النهائية لترحيل المهاجرين، إن العملية تمت في شكل “انساني” و”لائق”.

وأضاف “هنا في مقر مركز الهجرة غير الشرعية في طرابلس، تمت استضافة وتجهيز المهاجرين بطريقة لائقة وانسانية لإعادتهم إلى بلدانهم بشكل طوعي”. وأشار إلى أهمية التعاون للحد من تفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية.

وتابع “يجب التعاون كدول العبور أو المنشأ مع دول المصدر (…) هذا عمل جماعي، ولكي يبقوا في وطنهم ويعيشوا بكرامة، لا يتطلب الكثير لو اجتمعت هذه الدول على ذلك”.

وقال بخيت أحمد أحد المهاجرين من تشاد الذين تم ترحيلهم، أن كل التسهيلات قدمت لهم لإعادتهم. وأوضح أحمد لفرانس برس مرتدياً زياً رياضيا وسط عدد كبير من المهاجرين، “ستتم إعادتنا من ليبيا إلى تشاد، بعدما قدمت لنا كل التسهيلات لعودتنا عقب إتمام الإجراءات من طرف سفارة تشاد”.

وبحث وزير الداخلية الليبي عماد الطرابلسي مع مدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عثمان البلبيسي في طرابلس الاثنين، مشاكل تسهيل العودة الطوعية للمهاجرين، إلى جانب دعم المنافذ البرية والبحرية للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.

وأصبحت ليبيا المنقسمة بين سلطتين متنافستين في الشرق والغرب، مركزًا لعشرات الآلاف من المهاجرين الذين يسعون للوصول إلى أوروبا من طريق البحر.

ويحاول العديد من المهاجرين الوصول إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية معرضين حياتهم للخطر.  وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن البيانات التي جمعتها الأمم المتحدة بين أيار/مايو وحزيران/يونيو 2023، تشير إلى وجود أكثر من 700 ألف مهاجر على الأراضي الليبية.

وتشهد ليبيا فوضى عارمة منذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تسيطر على غرب البلد ومقرّها طرابلس ويرأسها عبد الحميد الدبيبة وشُكّلت إثر حوار سياسي مطلع 2021، وأخرى تسيطر على شرق البلاد ويرأسها أسامة حمّاد، وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من المشير خليفة حفتر.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى