كيف استغل أردوغان أزمة الصومال لصالحه؟
لقد زار رئيس الوزراء التركي حينها، رجب طيب أردوغان، العاصمة مقديشو التي مزقتها الحرب الأهلية وذلك في المجاعة التي ضربت الصومال صيف عام 2011، حيث قدم بعض المساعدات، غير أنه ومع مرور الوقت تبين بأن ما أعطاه أردوغان بيده قد كان مجرد تمهيد لما حصل عليه الآن من مكاسب ترقى إلى حد استغلال موارد البلد الفقير.
وحينها، فقد قرر أردوغان فتح السفارة التي أغلقت بعد اندلاع الحرب الأهلية في البلد الواقع في القرن الأفريقي، وبعد 3 أعوام افتتحت قنصلية عامة لها في إقليم أرض الصومال.
وقام أيضا بتقديم مساعدات إلى الشعب الصومالي التي قوبلت بالامتنان، غير أن القصة بالنسبة إلى الأتراك أكبر بكثير من مجرد المساعدات التي بدت مجرد غطاء لمصالحهم البحتة، حيث مهد ذلك لوجود عسكري وسياسي لأنقرة.
وإن أحدث الإشارات قد كان ما قاله أردوغان بأن مقديشو دعت أنقرة للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية الخاصة بالصومال، حيث تقول تقارير بأن هناك تقديرات تفيد بوجود مخزون كبير من النفط والغاز في المياه الإقليمية للصومال.
سيناريو الصومال وليبيا
هذا الأمر يشبه إلى حد كبير المذكرتين اللتين أبرمتهما تركيا مع رئيس حكومة طرابلس، فايز السراج، قبل شهرين، حيث منحت أنقرة مميزات استراتيجية وأثارت غضبا ليبيا وإقليميا ودوليا.
وفي تصريحات صحفية يومه الاثنين، فقد قال أردوغان أثناء عودته من برلين حيث شارك في مؤتمر بخصوص ليبيا، بأن تركيا ستتخذ خطوات في ضوء الدعوة الصومالية.
ويظهر التشابه كبيرا في الحالتين الليبية والصومالية، وفق ما ذكره الخبير في الشأن التركي، محمد عبد القادر، حيث أوضح لسكاي نيوز عربية بأن تركيا تسعى إلى استغلال حالة الدول العربية التي تعاني من صراعات وترتبط مع أحد أطرافها بعلاقات سياسية وعسكرية، وذلك لتعزيز مصالحها الأمنية عبر إقامة قواعد عسكرية. وأيضا لتعظيم أهدافها الاقتصادية عبر التوصل لاتفاقات تجارية واقتصادية تدعم الاقتصاد التركي الذي يجابه عثرات مركبة، وفق ما قال عبد القادر.
استغلال الأزمات
إن تركيا تعمل على استغلال حالة كل من ليبيا والصومال لتعزيز مصالحها البحرية من خلال توقيع اتفاقيات تسمح لها بالتنقيب عن الغاز والنفط خارج مياهها الإقليمية، وذلك في ظل حالة العزلة التي تفرضها على سياساتها القائمة على فرص الأمر الواقع، وقد قال عبد القادر بأن هذا الأمر ربما إلى مزيد من المشكلات التي تواجهها على المستويين السياسي والأمني وأيضا الاقتصادي.
وقد ذكرت مجموعة الأزمات الدولية في تحليل لها عن التدخل التركي في الصومال بأنه، يجب التعامل معه بحذر، حيث أشارت إلى أنه لا يمكن لأنقرة وحدها حل أزمات عقود من انهيار الدولة الصومالية.
أنقرة لا تسمع
لقد واجه التموضع التركي في الصومال معارضة من قبل الصوماليين، حيث المعارضة في جمهورية أرض الصومال برفض الوساطة التركية لحل النزاع مع الحكومة الصومالية، وقد اعتبرت بأن أنقرة جزءا من هذه المشكلة، ذلك أنها تركز جهود المساعدات في مقديشو فحسب. ووفق المجموعة مفسها، فإن الذهاب إلى الصومال بشكل منفرد قد يأتي بنتائج عكسية ويعيق جهود مساعدات الصومال.
أهمية الصومال لتركيا
وحسب ما قال موقع وزارة الخارجية التركية على الإنترنت فإن علاقات تركيا مع الصومال قديمة جدا، حيث تعود إلى حقبة الدولة العثمانية، في إشارة توحي بطموح استعادة الدولة العثمانية مجددا، ولو من خلال الهيمنة غير المباشرة.
وفي مقديشو تجد أكبر قاعدة لتركيا خارج أراضيها، وبالرغم من أن الهدف المعلن من القاعدة هو المساعدة في تدريب القوات الصومالية، غير أن وسائل إعلام تركية قد اعترفت بأن موقع القاعدة يعطي أنقرة أهمية استراتيجية في القرن الأفريقي، وأشارت إلى أن القاعدة يمكن أن تكون مدخلا لتسويق السلاح التركي.
وهناك أيضا العديد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية في تركيا التي تعمل مقديشو. وتعطي الحكومة التركية أهمية خاصة للعلاقة مع الصومال وذلك نظرا للموقع الاستراتيجي الهام على خليج عدن ومدخل البحر الأحمر من جهة والمحيط الهندي من جهة أخرى.
إن تركيا يعد بلد فقير فيما يتعلق بالنفط والغاز، لذا يعتمد على استيرادهما من الخارج، وتفيد تقديرات بأن أنقرة تستورد 99 من استهلاكها من الغاز ونحو 93 في المئة من استهلاكها للبترول، وفق ما ذكر موقع إكسبورت دوت غوف التجاري الأميركي.
ويظهر بأن التدخل التركي في الصومال مثيرا للشهية المالية، لاسيما بأن أنقرة تقوم باستيراد معظم الغاز والنفط من العراق وإيران وروسيا، وهي دول تشهد العلاقات معها تقلبات كثيرة.