سياسة

كيف أصبحت إسرائيل بعد قراري «العدل» و«الجنائية»؟


حرب «مدمرة» شنتها إسرائيل على قطاع غزة في أعقاب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أثارت غضب الرأي العام الدولي من الدولة العبرية، وجعلت الأخيرة تعاني العزلة المتزايدة.

عزلة تزداد يومًا تلو الآخر، عمقا على الساحة العالمية، وسط تحديات قانونية مختلفة تجابه الدولة العبرية، يفاقمها غضب الرأي العام العالمي من سلوك إسرائيل في تعاملها مع قطاع غزة.

وضع قالت عنه صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إنه أدى إلى مثول رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، أمام اثنتين من أهم المحاكم في العالم، لتصدر محكمة العدل الدولية يوم الجمعة، أمرًا للدولة العبرية بضرورة الوقف الفوري لهجومها على مدينة رفح.

أمر جاء بعد أيام، من إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، أنه تقدم بطلب لإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بالإضافة إلى ثلاثة من كبار قادة حركة حماس، بسبب أدوارهم في الصراع الدائر بغزة.

ضغوط قانونية

تلك التطورات، أدت إلى تصاعد الضغوط القانونية على الدولة العبرية، بينما تدرس محكمة العدل الدولية قضية رفعتها جنوب أفريقيا تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية.

وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فإن الأدلة التي تدين نتنياهو وغالانت، كما هو موضح بإيجاز في بيان خان، تحيط إسرائيل، وتتهمها باستخدام المجاعة كسلاح في الحرب، وعرقلتها لوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، إضافة إلى أن سلوك الدولة العبرية خلال الحرب، تسبب في أضرار واسعة النطاق، وألحق أضرارا عشوائية بالمدنيين.

وتقول الصحيفة الأمريكية، إنه إذا أصدرت الغرفة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، فإن الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 124 دولة ستكون ملتزمة بموجب المعاهدة بإلقاء القبض على الإسرائيليين إذا وطئت أقدامهم أراضيها.

وبينما لم توقع الولايات المتحدة وإسرائيل على نظام روما الأساسي، فعلت القوى الغربية الأخرى ذلك. وأعربت مجموعة من الدول الأوروبية عن دعمها لاستقلال المحكمة الجنائية الدولية.

وعندما سُئل هذا الأسبوع عما إذا كانت حكومته ستلتزم في حالة اضطرارها إلى التصرف بناءً على مذكرة اعتقال بحق مسؤول إسرائيلي، قال المتحدث باسم المستشار الألماني أولاف شولتز: «نعم، نحن نلتزم بالقانون».

وقبل أيام، انضمت إسبانيا وأيرلندا والنرويج إلى 140 دولة أخرى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في الاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية، بغض النظر عن حقيقة أن وجود دولة فلسطينية لا يبدو في الأفق على أرض الواقع.

تأتي هذه الخطوة الرمزية في أعقاب الدمار الذي لحق بغزة والشعور المتزايد بين مراقبي الصراع بأن الطريق الوحيد للسلام هو إحياء حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين.

ولطالما عارضت الولايات المتحدة أي اعتراف رسمي بدولة فلسطينية يسبق التوصل إلى اتفاق يتم التفاوض عليه بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لكن البيت الأبيض اعترف هذا الأسبوع بأن إسرائيل على خلاف متزايد مع الجزء الأكبر من المجتمع الدولي.

وأضاف: «باعتبارنا دولة تقف بقوة في الدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة، فقد شهدنا بالتأكيد مجموعة متزايدة من الأصوات، بما في ذلك الأصوات التي كانت في السابق تدعم إسرائيل، تنجرف في اتجاه آخر (..) هذا يثير قلقنا لأننا لا نعتقد أن ذلك يساهم في أمن إسرائيل وحيويتها على المدى الطويل. وهذا أمر ناقشناه مع الحكومة الإسرائيلية».

كيف ستتصرف إسرائيل؟

رغم ذلك، إلا أن هذه العزلة المتزايدة قد تؤدي إلى تعزيز موقف نتنياهو المحاصر، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن رئيس الوزراء الإسرائيلي سخر قبل ذلك من النزعة المعادية لإسرائيل داخل الأمم المتحدة.

وقال يوناتان فريمان المتخصص في العلاقات الدولية بالجامعة العبرية في القدس: «هذا يعزز حقا الرواية التي سمعناها منذ اليوم الأول لهذه الحرب القائلة إنه في النهاية لا يمكننا الاعتماد إلا على أنفسنا. وأعتقد أن هذا يمكن أن يساعد الحكومة الإسرائيلية في تفسير ووصف ما تفعله في هذه الحرب».

نظرة قاصرة

لكنه يعكس أيضاً قدراً معيناً من «قصر النظر» داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية، وربما مجتمعها الأوسع، الذي «فشل في إدراك عمق الغضب إزاء التصرفات التي ارتكبتها بلادهم في غزة»، بحسب «واشنطن بوست».

ويقول عاموس هاريل من صحيفة «هآرتس» إن «تطور الأحداث يوضح أن الرجل (نتنياهو) الذي يدعي كونه رجل دولة غير قادر على تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي حددها لهذه الحرب، الأمر الذي يورط إسرائيل في المتاعب التي ستطارد الدولة ومواطنيها لسنوات عديدة، بما يتجاوز النتائج الطبيعية المباشرة لهجوم حماس».

وكتب أندرو إكسوم، وهو مسؤول دفاعي سابق في إدارة أوباما: «في الأشهر السبعة التي تلت هجمات 7 أكتوبر، اتسعت الفجوة بين كيفية تعريف إسرائيل لاحتياجاتها الأمنية وكيف يحدد العالم تلك الاحتياجات نفسها بشكل لم يسبق له مثيل».

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى