رياضةسياسة

قطر وتفشي فيروس كورونا بين عمال مونديال 2022: ما القصة وراء ذلك؟ ‎


بعد محاولة قطر، الفترة الماضية، التكتم على إصابات بفيروس كورونا المستجد بين العمال الأجانب العاملين في مونديال كأس العالم، اضطرت الدوحة للاعتراف والإقرار بوجود إصابات بينهم رغم تقليلها من العدد.

جاء اعتراف قطر أمام سيل من التقارير الدولية والإعلامية المحذرة من كارثة محتملة جرّاء تفشي فيروس كورونا بين العمال الأجانب الموجودين على أراضيها والمقدّر عددهم بمئات الآلاف.

ويأتي ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا في قطر في وقت تجبر فيه الدوحة العمال على العمل لإنهاء مشروع كأس العالم 2022، وعدم اتخاذ الإجراءات الوقائية الصحية والتوعوية الصحيحة في المناطق الصناعية ومناطق سكن العمال.

إقرار قطر بأنّ فيروس كورونا يجتاح العمالة الوافدة العاملة في مونديال 2022 جاء على لسان اللجنة العليا للمشاريع والإرث التي أكدت إصابة 6 من عمال مشاريع المونديال بفيروس كورونا، وهو رقم يبدو ضئيلاً بالنظر إلى ظروف إقامة وعمل هؤلاء العمال التي ورد الحديث عنها بإسهاب في عدّة تقارير دولية موثّقة بشهادات حيّة، وفق بيان نقلته “العرب” اللندنية.

وأكدت لجنة المشاريع والإرث، في بيان وزعته أمس على وسائل الإعلام، أنّها تتعامل “مع هذه الإصابات المؤكدة بالفيروس وفق إجراءات وتوجيهات وزارة الصحة العامة التي تتولى تقديم الرعاية الصحية للمصابين بكوفيد 19 في قطر”.

وأضافت “تتلقى الحالات المصابة رعاية مستمرة على أيدي متخصصين، مع الالتزام بالحجر الصحي في مرفق طبي مخصص تابع للوزارة. وتحدد مدة الحجر الصحي وفق حالة كل مصاب على حدة”.

كما ورد في البيان ذاته “يخضع الأشخاص الذين خالطوا الحالات المصابة للحجر الصحي في أماكن مخصصة لذلك في مرافق الإقامة لمدة 14 يوماً كإجراء احترازي، مع المتابعة الدورية لحالتهم الصحية”.

ورغم تأكيدات قطر بأنّ المصابين يخضعون لعناية طبية كبيرة، إلا أنّ الكثير من المنظمات الدولية والإعلامية شككت في ذلك، وفي الأعداد التي قدمتها قطر للمصابين بين العمالة الوافدة العاملة في مونديال الدوحة.

وفي هذا السياق، أكدت منظمة العفو الدولية قبل أيام أنّ السلطات القطرية احتجزت العشرات من العمال المهاجرين وطردتهم الشهر الماضي بشكل غير قانوني بعد أن أبلغتهم بأنّهم سيخضعون لفحص فيروس كورونا.

وأوضحت منظمة العفو الدولية، في تقريرها الأخير الذي أوردته صحيفة “فورغن بوليس” عن أوضاع العمال الأجانب في قطر، أنّ العمال الذين رحّلتهم السلطات القطرية قسراً إلى بلدانهم “غادروا دون تلقي رواتبهم المستحقة أو مستحقات نهاية الخدمة” رغم تأكيدات السلطات القطرية أنّ العمال يتقاضون رواتبهم كاملة حتى في ظل الحجر المنزلي المعلن فيها.

من جهتها، دعت منظمة حقوق الإنسان، في مقالة نشرتها عن قطر، إلى التأكد من سلامة وصحة الفئة العاملة لديها في ظل أزمة كورونا، مما يظهر وجود خلل في نظام السلامة والصحة القطري الذي دفع منظمة حقوق الإنسان إلى نشر مثل هذا المقال.

كما تحدّث تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية عن تحوّل مقرّ إقامة عدد ضخم من العمّال الوافدين داخل المنطقة الصناعية قرب العاصمة الدوحة إلى ما يشبه، وفق وصف الصحيفة، “معسكر اعتقال كبير يضمّ مئات الآلاف من العمّال الذين يعيشون في غرف ضيّقة يكتظ كلّ منها بما قد يصل إلى 10 أشخاص معرّضين لشتى أنواع الأمراض وأحدثها فيروس كورونا المستجدّ الذي يبدو من الصعب السيطرة عليه في المكان الذي يتشارك المقيمون فيه المطابخ والمراحيض المفتقرة أصلاً لمقوّمات النظافة وشروط الصحّة والسلامة”.

وأوردت “الغارديان”، في تقرير سابق لها، قول الناشطة في مجال حقوق المهاجرين، فاني ساراسواثي، إنّ من العسير على العمّال الأجانب في قطر حماية أنفسهم من كورونا في حين أنّ معظم المخيمات التي يقيمون فيها لا تحتوي على مياه جارية ولا مطهرات يدوية، ولا يمكن لؤهلاء أصلاً الحفاظ على مسافة الأمان في مخيم يعيش فيه الآلاف من العمّال جنباً إلى جنب، محذّرة من أنّ العمال المهاجرين قد يواجهون مع أسرهم وطأة التداعيات الاقتصادية لكورونا في قطر؛ حيث الأجور منخفضة، ويعتبر تأخر دفع أجور هؤلاء العمال “أمراً شائعاً”.

بدورها، حذرت مجلة السياسة الخارجية الأمريكية “فورين بوليسي” في تقرير، من أنّ العمال قد يتعرضون للترحيل في حال أبلغوا عن إصابتهم بفيروس كورونا، لافتة إلى أنّ حجم انتشار الفيروس بينهم، شكل أزمة وضغطاً كبيراً على السلطات الصحية القطرية، مما دفع قطر إلى إهمال الحالات الصحية للعمال الذين تظهر عليهم أعراض شديدة.

كما أنّ عدد الإصابات بكورونا المعلن عنه في صفوف عمال المونديال القطري ضئيل بالقياس إلى العدد الإجمالي للمصابين في قطر والبالغ نحو 5 آلاف.

كثير من وسائل الإعلام نقلت اعتراف شاب عربي، دون الإشارة لاسمه أو جنسيته، حول دفن ضحايا كورونا من العمالة الوافدة في منطقة متطرفة في الصحراء.

وقال الشاب، الذي يعمل في قطاع الإسعاف بالدوحة: “جاءت أوامر في وقت متأخر من مساء الأحد، لي ولاثنين من زملائي -جنسيات مختلفة- بقيادة سيارة لنقل الموتى تابعة لوزارة الصحة إلى خارج “الدوحة” في منطقة متطرفة”.

ونوّه الشاب، وفق ما أورد موقع “العرب المباشر”، إلى أنّه انتابه شعور أنّ الأمر غير طبيعي؛ حيث تم نقل الجثث من مساكن العمال بالمنطقة الصناعية وفي وقت متأخر، لافتاً إلى أنّه فور وصوله وجد عدداً من العمال النيباليين يقفون وهم في ريبة وخوف.

وكشف أنّه فور وصوله إلى المكان المستهدف، وجد فريقاً من قوات الأمن يرتدون كمامات وقفازات، وأعدوا حفراً مسبقة لدفن الجثث، ويتحدثون فيما بينهم أنّ العمال من جنسية نيبالية وماتوا بعد إصابتهم بأعراض فيروس كورونا.

الشاب العربي، أعرب عن خوفه وقلقه من الاستمرار في قطر، ولكن أكد أنّ خوفه يزداد نتيجة تهديدات قوات الأمن له ولزملائه بأنّه في حال تم اكتشاف الأمر فسيتم اعتقالهم، وفق المصدر ذاته.

وفي سياق متصل، قال تحالف من 16 منظمة غير حكومية ونقابة عمالية منها؛ “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” و” Migrant-Rights.org” ، في رسالة بتاريخ 31 آذار (مارس) 2020 ، إلى رئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري، إنّه ينبغي على السلطات القطرية ضمان حصول العمال المهاجرين على الحماية الكافية خلال جائحة “كوفيد 19”.

وحث التحالف، السلطات على استكمال الإجراءات التي تحمي الصحة العامة وتتوافق مع حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك مبدأ عدم التمييز.

وقال التحالف إنّه ينبغي على السلطات القطرية، التأكد من أنّ جميع العمال الوافدين يمكنهم الوصول إلى الفحوصات المتعلقة بكورونا والحصول على العلاج الطبي المناسب. يجب عليهم التأكد من أنّ العمال المهاجرين غير القادرين على العمل، إما بسبب الحجر الصحي الوقائي أو الاختبار الإيجابي لـ “كوفيد 19″، يستمرون في تلقي الأجور، فضلاً عن توفير المعلومات العامة لضمان عدم تعرض العمال المهاجرين، بمن فيهم عاملات المنازل، للتمييز أو الوصم فيما يتعلق بفيروس كورونا.

هذا ووجهت منظمات دولية في الأعوام الأخيرة اتهامات لقطر بإساءة معاملة العمال، وصل في بعض الأحيان وفق تلك المنظمات، حد العمل بالسخرة والاتجار بالبشر.

  ومنذ بدء بناء كأس العالم قبل 6 أعوام، فقد 34 مهاجراً حياتهم. من بين تلك الوفيات الـ 34، تم تصنيف 31 على أنها “غير متعلقة بالعمل”، وهو مصطلح يستخدم إلى حد كبير لوصف الوفيات المفاجئة من فشل القلب أو الجهاز التنفسي غير المبررة. وتعزو الحكومة الطقرية غالبية هؤلاء إلى أسباب القلب والأوعية الدموية أو “الوفاة الطبيعية”. ومع ذلك، لا يوجد شيء طبيعي حول وفاة شاب صحته جيدة لهذا بحثت دراسة نشرت العام الماضي في مجلة أمراض القلب العلاقة بين التعرض للحرارة ووفيات أكثر من 1300 عامل نيبالي على مدى 9 أعوام حتى عام 2017. وجد علماء المناخ وأطباء القلب وجود علاقة قوية بين الإجهاد الحراري والوفاة من الشباب بسبب مشاكل في القلب والأوعية الدموية. في أشهر الصيف. من بين المهاجرين القطريين، هناك حوالي 700.000 هندي و400.000 نيبالي و400.000 بنغلاديشي. إن موجات الصدمة لمثل هذه الوفيات محسوسة في جميع أنحاء جنوب آسيا.

وثبت في 11 آذار (مارس) الماضي، إصابة أكثر من 238 عاملاً وافداً في مجمع سكني واحد في المنطقة الصناعية بمنطقة خارج الدوحة بفيروس كورونا. ومنذ ذلك الحين، تم تحديد العشرات من الحالات الأخرى التي يبدو أنّها مرتبطة بالإصابات الأولى.

هذا وأعلنت وزارة الصحة القطرية، أمس، تسجيل 560 حالة إصابة جديدة مؤكدة بفيروس كورونا، وبذلك يرتفع إجمالي الإصابات في البلاد إلى 4663.

نقلا عن حفريات

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى