قطر تراجع استثماراتها في لندن على وقع خلاف حول الاعلانات
أظهرت الدوحة نية مراجعة استثماراتها في العاصمة البريطانية لندن ردا على إلغاء هيئة النقل في المدينة اعلانات قطر على الحافلات و القطارات وسيارات الأجرة. وهذا بسبب قضايا تتعلق بحقوق عمال المنشآت الرياضية وضوابط فرضتها الإمارة الخليجية علي مجتمع الميم، وفق صحيفة فايننشال تايمز.
ومنذ تعرضها لحملة شرسة استبقت المونديال. واستمرت اثناءه هذه هي المرة الأولى التي تشهر فيها الدوحة ورقة الاستثمارات.
ويشير هذا التطور إلى أن قطر انتقلت من الدفاع إلى الهجوم في مواجهة اي انتقادات لسجلها في حقوق الإنسان. والى اي مدى يمكن أن تذهب في معارك لي الأذرع مع منتقديها من الدول الغربية.
ويبدو أن التهديد بمراجعة استثماراتها في لندن على خلفية أزمة الاعلانات رسالة قطرية صارمة للشركاء الغربيين مفادها أن الدوحة قادرة على إيذاء من يغالون في انتقادها اقتصاديا. وهي التي تملك استثمارات ضخمة في الخارج بفضل ذراعها المالي ومساهمات وشراكات وازنة في كبرى الشركات العالمية.
وتنذر ازمة الاعلانات بتوتر بين الدوحة ولندن المركز المالي العالمي. فيما تأتي هذه التطورات بينما تواجه بريطانيا حالة من الاضطراب المالي والسياسي وتكابد للخروج من مأزق من مخلفات 44 يوما من أقصر حكم في تاريخها بقيادة ليز ترأس.
ووفق صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، فإن قرار منظمة النقل في لندن جاء بدافع القلق بشأن موقف قطر من حقوق مجتمع الميم ومعاملة الدولة الخليجية للعمال المهاجرين.
وأثار هذا القرار غضب الدوحة، المنزعجة أساسا من الانتقادات الموجهة إليها باعتبارها الدولة المضيفة لكأس العالم لكرة القدم.
وطلب رئيس بلدية لندن صادق خان، خلال العام 2019. من هيئة النقل في لندن “مراجعة كيفية تعاملها مع الإعلانات والرعاية من البلدان التي لديها قوانين ضد مجتمع الميم”.
وأدى هذا الطلب إلى تعليق الإعلانات الجديدة من 11 دولة بما في ذلك قطر وباكستان وبروناي والمملكة العربية السعودية.
إلا أن هيئة النقل في لندن قالت، الجمعة، إن “بعض إعلانات قطر عُرضت على الشبكة منذ ذلك الحين. رغم القرار”، وفق الصحيفة.
لكن الهيئة قررت الحظر التام للإعلانات بعد منع الفرق الأوروبية في كأس العالم في قطر من ارتداء شارات دعم لحقوق مجتمع الميم.
وقال الشخص المشارك في المراجعة القطرية لاستثمارات لندن إن هيئة النقل التي يرأسها خان. اتصلت بالهيئة المشرفة على كأس العالم، وهيئة السياحة القطرية هذا الأسبوع لإبلاغهم بالحظر.
وأشار إلى أنه ردا على ذلك “تُراجع قطر استثماراتها الحالية والمستقبلية في لندن. وتدرس فرص الاستثمار في مدن المملكة المتحدة الأخرى”.
وأضاف المتحدث أن حظر هيئة النقل في لندن لإعلانات قطر “فُسر على أنه رسالة من مكتب رئيس البلدية مفادها أن الأعمال القطرية غير مرحب بها في لندن”، حسب فايننشال تايمز.
وحتى الآن، من غير الواضح ما هو التأثير المحتمل للقرار القطري على استثمارات الدوحة في لندن.
إلا أنه، على مدى العقدين الماضيين. باتت قطر واحدة من أكبر المستثمرين في لندن من خلال صندوق الثروة السيادي البالغ 450 مليار دولار.
وكانت قطر قد تعهدت، خلال مايو، باستثمار 10 مليارات جنيه إسترليني على مدى خمس سنوات في المملكة المتحدة من خلال جهاز قطر للاستثمار. بما في ذلك قطاعات التكنولوجيا والرعاية الصحية والبنية التحتية والطاقة النظيفة.
ويمتلك جهاز قطر للاستثمار متجر هارودز المتعدد الأقسام في نايتسبريدج، وأطول مبنى في لندن “شارد”. وهو شريك في ملكية كناري وارف، كما تمتلك الدولة الخليجية فنادق تشيلسي باراكس وسافوي وجروسفينور هاوس وحصة 20 في المائة في مطار هيثرو.
وقال متحدث باسم خان إن عمدة حزب العمال لم يشارك في القرارات اليومية بشأن الإعلان على شبكة النقل بالمدينة.
وقال متحدث باسم هيئة النقل في لندن إنها قدمت “إرشادات إضافية لشركاء الإعلان والعلامات التجارية” بشأن الإعلانات المقبولة خلال كأس العالم.
وامتنع المكتب الإعلامي القطري وجهاز قطر للاستثمار عن التعليق. لكن الشخص الذي شارك في تقرير قطر قال إن الدوحة اعتبرت حظر اتحاد كرة القدم الأميركي “مثالا صارخا آخر على المعايير المزدوجة”.
وقال المصدر “تقبل هيئة النقل في لندن الإعلانات من الإمارات والسعودية، ولديها العديد من المصالح التجارية في الصين. ولا يوجد ما يشير إلى سحب هذه الاتفاقيات مع هذه الدول”، وفق ما جاء في تقرير فايننشال تايمز.
وأضاف أن الخلاف لن يؤثر على علاقة قطر بالحكومة التي يقودها المحافظون في بريطانيا.
وسعت المملكة المتحدة إلى تأمين إمدادات الغاز على المدى الطويل من قطر في أعقاب أزمة الطاقة الناجمة عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ويلعب قطاع الطاقة في قطر دورا محوريا في تلبية احتياجات المملكة المتحدة من الغاز الطبيعي المسال. إذ تؤمن الدوحة 20 بالمئة من استهلاك بريطانيا من هذا المصدر الحيوي للطاقة سواء على مستوى الأفراد أو الشركات.
وتأتي بريطانيا في صدارة الدول التي تتعاون مع قطر التي تمتلك محطة “ساوث هوك” في ويلز. حيث يتم تفريغ الغاز الطبيعي المسال في حاويات خاصة. ويمكن للموقع استيعاب خُمس احتياجات بريطانيا اليومية من الغاز. وتستثمر الحكومة القطرية الملايين لزيادة هذه السعة بمقدار الربع بحلول عام 2025.
وتأتي قطر في المركز الثاني ضمن مصدري الغاز للمملكة المتحدة، إذ تزودها بنحو 9 بالمئة من وارداتها من الطاقة. وهي النسبة المطلوبة لتشغيل تدفئة حوالي مليون منزل بريطاني، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.
وأطلقت قطر حملة إعلانية سياحية في المملكة المتحدة قبل كأس العالم. مع التركيز على لندن في سعيها لاستخدام البطولة للترويج للأمة.
وقال الاتحاد الويلزي لكرة القدم الجمعة إن المشجعين في قطر سُمح لهم بحمل الأعلام والقبعات الملونة بألوان قوس قزح (التي ترمز إلى دعم المثليين) في الملاعب التي تستضيف كأس العالم بعد أن تمت مصادرتها على المدخل سابقا.
وكانت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر ارتدت خلال مباراة بلادها مع اليابان شارة دعم المثليين. والتي تحمل شكل قلب عليه خطوط بألوان قوس قزح في ترويج للاحتواء ومعارضة التمييز.
وغطى اللاعبون الألمان أفواههم أثناء التقاط صورة للفريق الأربعاء قبيل المواجهة أمام اليابان احتجاجًا على قرار فيفا بحظر شارات دعم المثلية.
وتخلت سبعة فرق أوروبية قبل أيام عن خططها لارتداء الشارة على أرض الملعب بعد أن هدد الفيفا بفرض عقوبات.
وتزايد انزعاج المسؤولين القطريين بسبب ما يرون أنه انتقادات غير عادلة لقرار منح قطر حقوق استضافة كأس العالم، خاصة من مسؤولي ألمانيا بمن فيهم فيزر.
وركزت بطولة كأس العالم، وهي الأولى التي تقام في دولة بالشرق الأوسط، الضوء على حقوق مجتمع الميم في قطر. التي تجرم المثلية الجنسية لكن بعض السكان المثليين يقولون إن لديهم حريات أكثر من أقرانهم في أنحاء المنطقة.
وأدت حوادث قليلة لاقت تغطية إعلامية كبيرة والتي قام فيها مسؤولون أمنيون بمنع حاملي التذاكر الذين يضعون الشارات الداعمة لمجتمع الميم من دخول ملاعب كأس العالم إلى زيادة الجدل حول الرموز السياسية المسموح بها في الألعاب.