سياسة

فرنسا والخليج.. مرحلة ما بعد فوز “ماكرون”

عبدالجليل السعيد


حصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ولاية جديدة حدث يتجاوز الداخل الفرنسي.

وهنا علقت ألمانيا على الحدث بقولها “إنه نصرٌ للاتحاد الأوروبي”.

وفي الوقت نفسه تتطلع الدول العربية -لا سيما الخليجية- لمزيد من التعاون مع باريس في المرحلة القادمة، كون الرئيس “ماكرون” كان ولا يزال يولي أهمية كبرى لشراكة بلده مع دول الخليج العربي، وتحديداً السعودية والإمارات، اللتين زارهما في آخر جولة عربية قام بها قبل أشهر.

ولعل فرنسا تتشارك مع هذين البلدين المهمين في المنطقة والعالم، السعودية والإمارات، الأفكار ذاتها حول قضية العودة إلى اتفاق نووي غربي محتمل مع إيران، فـ”ماكرون” كان قد غرد في أكثر من مناسبة خارج السرب الغربي -والأوروبي تحديداً- حين طالب بإشراك دول الخليج العربي في محادثات فيينا، لأنها العنصر الأساسي في استقرار الشرق الأوسط.

والسمة العامة للسياسة الخارجية الفرنسية حيال الإقليم تتلاقى في كثير من جوانبها مع سياسة السعودية والإمارات الداعية للحوار والسلام الدائمين ومكافحة الإرهاب بصوره كافة، وتجفيف منابع تمويل المليشيات والمنظمات المتطرفة.

وحتى حضور “ماكرون” قمة بغداد العام الماضي إلى جانب دول من الخليج العربي وجوار العراق، كان حضوراً يتعلق برسالة فرنسية سياسية، مفادها أن التدخلات الخارجية الإيرانية في شؤون العراق وغيره هي تدخلات سلبية مضرة بمصلحة الشعوب والأوطان.

كذلك فإن الدعم الدبلوماسي الفرنسي لجديد الملف اليمني  هو أمر أفصح عنه الرئي ماكرون، بل وتمت ترجمة ذلك من خلال كلمة ممثل فرنسا في مجلس الأمن الدولي في جلسات عدة حول اليمن، وهذه مسألة رحبت بها دولة الإمارات بصفتها الدولة العربية الوحيدة في مجلس الأمن حالياً.

أما لبنان، فإن حرص فرنسا على عبوره أزمته السياسية والاقتصادية الخانقة حالياً هو حرص مشترك مع السعودية والإمارات ومصر وبقية الدول العربية، فالفرنسيون ينسقون خطواتهم المستقبلية حيال بيروت على ضوء الدعم العربي المتواصل لشعب لبنان، الذي يعاني.

لقد واجه “ماكرون” على المستوى العالمي أزمة شديدة التعقيد مع أمريكا، حين تراجعت أستراليا عن صفقة الغواصات الفرنسية واسشترت عوضا عنها غواصات من أمريكا، وقتها سحبت باريس سفيرها من واشنطن، ولكن الإليزيه تغلب على تبعات تلك المعضلة، وحاول “ماكرون” إرساء دعائم جديدة للعلاقة مع أمريكا في عهد “بايدن”.

وتأتي الأزمة الروسية الأوكرانية لتجبر “ماكرون” على ممارسة اللعبة الدبلوماسية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بلا حدود، فقد طار الرجل إلى موسكو.. وجلس مع سيد الكرملين لساعات، ولم يتوقف -حتى بعد العملية العسكرية الروسية- عن التواصل معه، وعبر عن مواقف فرنسا والاتحاد الأوروبي بطريقة لا تتلاقى كثيراً مع تصعيد “البيت الأبيض”.

خلاصة القول، “ماكرون” هو خيار الفرنسيين في هذه المرحلة، ومعالم سياسته ليست بغريبة أو غامضة، والتعاطي معه سيكون أسهل، فهو مدرك لأهمية دول الخليج العربي، ومحورية دوله وتأثيرها على مختلف القرارات الدولية.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى