سياسة

فرنسا تستعد للتدخل عسكري محتمل في النيجر


اتّهم قادة انقلاب النيجر فرنسا بحشد قوّاتها ومعدّاتها الحربية في عدة بلدان مجاورة في غرب إفريقيا استعدادا “لتدخّل عسكري”، وهو السيناريو المرجح منذ فترة نظرا لأن مصالح باريس على المحك ولا يمكنها المساومة على مصدر الطاقة الرئيسي لها.

وتم خفض مستوى العلاقات مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في النيجر. بعدما أيّدت باريس الرئيس الذي تمّت الإطاحة به محمد بازوم في أعقاب انقلاب يوليو.

وقال الناطق باسم النظام النيجري الكولونيل ميجور أمادو عبد الرحمن السبت إنّ “فرنسا تُواصل نشر قوّاتها في عدد من بلدان إكواس (المجموعة الاقتصاديّة لدول غرب إفريقيا) في إطار استعدادات لشنّ عدوان على النيجر تُخطّط له بالتعاون مع هذه الجماعة”.

وأعلنت باريس، أكثر من مرة تمسكها بالبقاء الدبلوماسي والعسكري في النيجر، رغم تصاعد المخاطر واحتمالات انزلاق الخلاف إلى صراع مسلح.

ويقول متابعون أن السبب الرئيسي للإصرار الفرنسي هو استغلال مصادر الطاقة النيجيرية لصالح باريس فضلا عن الموارد الطبيعية والجغرافيا حيث تعد النيجر منطقة نفوذ استراتيجي غاية في الأهمية بالنسبة لباريس. ويتواجد بها خمس قواعد عسكرية هامة لفرنسا.
وتحصل فرنسا على نحو 35 بالمئة من مصادر الكهرباء من النيجر عن طريق اليورانيوم المخصب، كما تستمد جزءا من موارد الغاز الضروري لها من النيجر عبر نيجيريا والجزائر ومن ثم لأوروبا.

ويستخدم اليورانيوم، وهو معدن مشع سام. في العديد من المجالات من علاج السرطان إلى استخدامه من قبل القوات البحرية، وصناعة الأسلحة ومنشآت الطاقة النووية.
وفي ضوء الارتفاع القياسي لأسعار مصادر الطاقة جراء الحرب الروسية الأوكرانية فإن باريس مضطرة للبقاء في النيجر لتأمين احتياجاتها.

وتعتبر النيجر منطقة صراع نفوذ دولي سواء بين المعسكر الغربي والولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من الجهة الأخرى.

وتجد فرنسا نفسها أمام خيارين إما أن تستعمل ضبط النفس السياسي أو تقوم بمناوره عسكريه بالرغم من أنها لا ترغب أبدا في الدخول في حروب هذه الفترة ولا تريد خسائر إضافية.
لكن يبدو وفقا لتصريحات قادة الانقلاب أن الأمور تسير باتجاه التدخل العسكري وهناك توقعات بأن تشترك فيه فرنسا وحلفاؤها من دول الاتحاد الأوروبي.
ويغطي الاتحاد الأوروبي 25 بالمئة من احتياجاته من اليورانيوم من النيجر. حيث تعتبر ثاني أكبر مورّد لليورانيوم إلى الاتحاد الأوروبي بعد كازاخستان.

ويسود خلاف بين الدولة الواقعة في منطقة الساحل ومجموعة إكواس التي هددت بالتدخل عسكريا إذا فشلت الضغوط الدبلوماسية في إعادة بازوم إلى السلطة.

وأكد عبد الرحمن في بيانه أنّه منذ الأوّل من أيلول/سبتمبر تم “نشر طائرتَي نقل عسكريّتَين من طراز إيه 400 إم. وواحدة من طراز دورنييه 328. في إطار تعزيزات في ساحل العاج”. وأنّ “مروحيّتَين من طراز سوبر بوما مُتعدّدتَي المهمّات” و”نحو 40 مركبة مدرّعة” قد نُشِرت “في كاندي ومالانفيل في بنين”.
وتابع “في 7 أيلول/سبتمبر 2023 رست سفينة عسكريّة فرنسيّة في كوتونو (بنين) وعلى متنها أفراد وموارد عسكريّة”.

كذلك، تحدّث عن “زهاء مئة عمليّة تناوب لطائرات شحن عسكريّة أتاحت إنزال كمّيات كبيرة من المعدّات الحربيّة في السنغال وساحل العاج وبنين”.

وتأتي هذه التحركات الفرنسية بعد تصاعد التوتر مع قادة الانقلاب في النيجر، ففي الثالث من آب/أغسطس. أعلن العسكريون إلغاء عدة اتفاقيات للتعاون العسكري مع فرنسا التي تنشر حوالي 1500 جندي في البلاد كجزء من معركتها الأوسع نطاقا ضد الجهاديين.

ولا تعتبر باريس التي رفضت الاعتراف بالنظام العسكري في النيجر. الجنود الذين أطاحوا بالرئيس طرف في اتفاقيات التعاون هذه.

في الأثناء، يصرّ النظام العسكري على أن القوات الفرنسية باتت متمركزة في النيجر بشكل “غير شرعي”.

والثلاثاء، أفاد مصدر في وزارة الدفاع الفرنسية لفرانس برس بأن الجيش الفرنسي يجري محادثات مع النظام العسكري بشأن سحب “عناصر” عسكرية من النيجر. مؤكدا صحة تصريحات صدرت في اليوم السابق عن رئيس وزراء النيجر الذي عيّنه النظام العسكري علي محمد الأمين زين.

ويوميا على مدى أكثر ممن أسبوع. تجمع الآلاف في العاصمة نيامي حول قادة عسكرية تضم جندوا فرنسيين للمطالبة بمغادرتهم.

وبدأت الولايات المتحدة التي تنشر حوالي 1100 جندي في النيجر نقل جنودها “كإجراء احترازي” من نيامي إلى مدينة أغاديس. وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية هذا الأسبوع.

وباتت العلاقات بين فرنسا والنيجر محور شد وجذب إذ سحبت نيامي الحصانة الدبلوماسية من سفير باريس سيلفان إيتيه وأمرته بمغادرة البلاد.

لكن فرنسا رفضت ذلك مرّات عدة مشددة على أن النظام العسكري لا يملك الحق القانوني الذي يسمح له بإصدار أوامر من هذا النوع.

لكن الاثنين، أفاد زين بأن محادثات تجري بشأن انسحاب “سريع جدا” للقوات الفرنسية. لكنه لفت إلى أن حكومته تأمل “المحافظة على التعاون مع الدولة التي شاركناها الكثير”.

كما أعرب عن “أمله” في إمكانية توصل بلاده إلى اتفاق مع إكواس بعدما أعلن قادة الانقلاب عن فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات كأقصى حد.

وأفاد التكتل غرب الإفريقي بأنه لا يرغب بتكرار سيناريو مالي وغينيا وبوركينا فاسو في النيجر. علما بأن إكواس اضطرت للمساومة على مدة وشروط الفترات الانتقالية في البلدان الثلاثة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى