عندما فكر محمد بن راشد خارج الصندوق 


رائد برقاوي

عندما قرر محمد بن راشد أن يرفع سقف طموح المنطقة في التسعينيات بتحويل إحدى مدنها إلى واحة سياحة واستثمار وتنمية، ويضعها على الخارطة العالمية، كان في الثمانينيات يعد العدة لذلك، لأن الحلم كبير والهدف أكبر وهو بناء نموذج تنموي عربي.

كانت المنطقة تدفع ثمن الحرب العراقية-الإيرانية، لكن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، كان يفكر «خارج الصندوق»، فيما رؤيته الطموحة تحتاج إلى استعدادات كبيرة، فهو يؤمن بأنك «لكي تنجح عليك أن تكون مستعداً».

في منتصف الثمانينيات بدأت معركته مع التنمية والبناء فأنشأ طيران الإمارات التي أصبحت أضخم ناقل دولي، وعمل على توسعة مطار دبي الأضخم للمسافرين الدوليين، وأطلق ورشة بناء الفنادق «150 ألف غرفة»، وطوَّر البنية الأساسية فأصبحت الأفضل بين نظيراتها، وعزَّز الموانئ فتحولت إلى عالمية، ونشر مفهوم المدن المتخصصة، في موازاة ذلك جهز فريقه الإداري الذي كلَّفه بالتنفيذ.

آمن محمد بن راشد منذ اليوم الأول بأن إنسان الإمارات قادر، لا فرق بينه وبين الآخر إلا بالعلم، وأن العرب بإمكانهم استعادة مجدهم بالمعرفة ، فخطَّ على هذا الأساس طريقه ووضع خططه ونفَّذ استراتيجيته التنموية إعلاء لشأن الإمارات والعرب أجمعين.

الثناء الذي أكده الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي في مؤتمر «دافوس الصحراء» بحق الشيخ محمد بن راشد، إضافة إلى أنه يعبّر عما يدور بخاطر العرب والعالم تجاه قائد تنموي عربي، فهو جاء من قائد شاب صاحب مشروع إصلاحي وتنويري يسعى إلى أن يأخذ بلاده ليواكب نهضة العالم علماً وعملاً، ويطمح أن يحوّل الشرق الأوسط إلى أوروبا جديدة.

الإمارات بدأت منذ عقود، والسعودية رسمت طريقها.. مشروعاهما يتكاملان، مصر هناك تتقدم بسرعة، الكويت والأردن ولبنان والعراق والمغرب وتونس، كلها تمتلك إمكانات جبّارة، الكل يسعى ويجتهد، هذه هي المعركة التي تحقق الازدهار لشعوب المنطقة وتعيد أمجادها.

قادة الإمارات اقتدوا بالشيخ زايد، طيَّب الله ثراه، حكيم الأمة، فوصلوا إلى ما وصلوا إليه، تجربة الإمارات ونموذجها يمكن الاستفادة منهما والبناء عليهما، فقد أثبتت الأيام أن معركتها كانت الأنجح، لأنها متصالحة مع نفسها وفاتحة ذراعيها للجميع، إنه نموذج برسم العرب، وما حققته الإمارات إلى الآن ما زال البداية.

نعم منطقتنا الخليجية والعربية ظُلمت كثيراً في العقود الماضية فدفعت ثمن الجغرافيا والتاريخ، فخاضت معارك عبثية فُرضت عليها وتألمت وتشتتت من التشدد والإرهاب، فتأخرت كثيراً عن ركب التنمية والعلم والرفاهية.

لكن لأول مرة تختار منطقتنا حروبها، فمعركتها التي تقودها الآن بنفسها هي معركة بناء وتنمية.

نقلا عن “الخليج”

Exit mobile version