سياسة

علاقات استراتيجية تاريخية تربط الإمارات وبريطانيا


علاقات استراتيجية تاريخية تربط الإمارات وبريطانيا، تدعمها وتطورها الزيارات المتبادلة والمباحثات المتواصلة بين قادة ومسؤولي البلدين.

وتعد الزيارة الرسمية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، التي بدأت اليوم الخميس، للمملكة المتحدة، محطة هامة في مسيرة توطيد العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة؛ وذلك لأكثر من سبب.

أسباب مختلفة 

أول تلك الأسباب، مستوى اللقاء الرفيع؛ إذ يجري الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مع رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون مباحثات تتناول علاقات الصداقة والتعاون الاستراتيجي، بين دولة الإمارات وبريطانيا، إضافة إلى عدد من القضايا والمستجدات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

وتنبع أهمية المباحثات من الثقل والمكانة المرموقة التي تتمتع بها الدولتان على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وتنظر الإمارات إلى بريطانيا كقوة دولية كبرى لها تأثيرها في مجريات الأحداث على الساحة العالمية، وتقيم علاقاتها معها على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة من أجل مساندة القضايا العربية العادلة ودعم أمن واستقرار المنطقة.

على الجانب الآخر، فإن بريطانيا تنظر إلى الإمارات باعتبارها قوة إقليمية مهمة وتحرص على التحاور المستمر معها والاستماع إلى رأيها في القضايا الإقليمية والدولية، في ظل تقديرها الحكمة التي تميز توجهات القيادة الإماراتية.

وتأتي الزيارة كثاني محطات جولة يقوم بها ولي عهد أبوظبي بدأها الأربعاء بزيارة فرنسا، وأجرى خلالها مباحثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وبالتالي، فإن المباحثات الإماراتية مع الدول الكبرى في المرحلة الراهنة قطعا ستسفر عن تنسيق الجهود لمواجهة التحديات العالمية والإقليمية المشتركة، واستكشاف الفرص الممكنة لتعزيز السلام والازدهار في المنطقة والعالم.

الزيارة نفسها تتزامن مع وقت تشهد فيه المنطقة والعالم، العديد من التطورات المتسارعة والمتشابكة، التي تُلقي بظلالها على الجميع، ما يتعين معها التشاور مع القوى الكبرى حول كيفية التعامل الفاعل معها، وعلى رأسها الأزمة الأفغانية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن قرار دولة الإمارات وإسرائيل مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة نبأ سار للغاية، معتبرا وقتها أن الاتفاق سيؤدي إلى “شرق أوسط أكثر سلاما”.

وكانت المملكة المتحدة إحدى الدول التي وجهت الشكر إلى دولة الإمارات على جهودها في مساعدتها على إجلاء رعايا بلادها من أفغانستان في ظل الظروف الراهنة.

ولعبت دولة الإمارات دورًا مهمًا وأساسيًا في إجلاء نحو 40 ألف شخص من الأفغان والرعايا الأجانب منذ أغسطس/آب الماضي حتى الآن، بما في ذلك رعايا المملكة المتحدة.

وتصادف الزيارة مرور عام على ذكرى توقيع الاتفاق الإبراهيمي للسلام بين الإمارات وإسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول الماضي؛ والذي كانت المملكة المتحدة على رأس الدول المرحبة به، والمشيدة بالإمارات في دعم استقرار السلام والأمان في المنطقة عبر خطوتها ثاقبة النظر، وقرارها الشجاع.

وأكد على أهمية معاهدة السلام التي وقعتها دولة الإمارات وإسرائيل “الاتفاق الإبراهيمي” في البناء والتأسيس لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار لشعوب المنطقة، معربا عن تطلعه إلى أن تكون هذه الخطوة التاريخية بداية لمرحلة جديدة مزدهرة من العلاقات بين دول المنطقة تقوم على التعاون والعيش المشترك لصالح أجيال اليوم والمستقبل.

أهمية خاصة

وتحمل زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى بريطانيا أهمية خاصة، كونها الثانية له خلال 9 أشهر بعد الزيارة التي أجراها 10 ديسمبر/ كانون الأول الماضي وأجرى خلالها مباحثات مع جونسون.

وأشاد رئيس الوزراء البريطاني خلال الزيارة بعلاقات الصداقة والتعاون المتميزة التي تجمع بين دولة الإمارات وبلاده، مؤكدا أن الإمارات تعد حليفاً استراتيجياً مهماً لبريطانيا، وتتجسد هذه العلاقة في تعاونهما المشترك في العديد من القضايا التي تدعم أسس الأمن والاستقرار والسلام الإقليمي والدولي.

وصدر في أعقاب تلك الزيارة بيان مشترك أكدت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، التزامهما المستمر بتطوير شراكتهما وتعزيز الحوار الاستراتيجي بين البلدين.

واتفق الجانبان على زيادة التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، والبحث والتطوير وتغير المناخ، وتعزيز كلا الاقتصادين، بما في ذلك التعاون عبر المجالات ذات الأولوية مثل علوم الحياة، والرعاية الصحية، وتقنيات المستقبل والابتكار الرقمي، والطاقة المتجددة، والفضاء، والبنية التحتية، والتعليم، والسياحة، والأمن الغذائي، والخدمات المالية والمهنية.

وتلت تلك الزيارة الهامة سلسلة مباحثات هاتفية بين الجانبين كان آخرها 28 يوليو/ تموز الماضي، إضافة إلى تبادل الزيارة بين مسؤولي البلدين، وهو ما يعكس حرص الجانبين على التواصل المستمر وتنسيق المواقف بما يصب في صالح دعم وأمن واستقرار المنطقة.

مأسسة التعاون

وبصفة عامة، تجمع الإمارات والمملكة المتحدة روابط استراتيجية وتاريخية متينة مدعومة برغبة قيادتي البلدين في تطوير مستويات التنسيق والتعاون في مختلف المجالات التنموية.وحرصا من البلدين على تطوير تلك الروابط، جرى مأسسة تلك العلاقات عبر إنشاء العديد من اللجان لدفع جهود التعاون بين البلدين باستمرار وعلى أكثر من صعيد واستكشاف مزيد من الفرص لتوسيع وتنويع أواصر الشراكة.

ومن أبرز تلك اللجان، اللجنة القنصلية الإماراتية البريطانية، والتي عقدت دورتها الثامنة عبر تقنية الاتصال المرئي 16 مارس/ آذار الماضي، وبحث خلالها الجانبان عددا من الموضوعات القنصلية المشتركة بين البلدين، وخطط متابعتها وتطويرها إضافة إلى مناقشة سبل تعزيز التعاون القنصلي المشترك بين الإمارات العربية المتحدة وبريطانيا.

من بين تلك اللجان أيضا، اللجنة الاقتصادية الإماراتية البريطانية المشتركة التي عقدت دورتها السادسة في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

واتفقت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وحكومة المملكة المتحدة خلال الاجتماع على برنامج تعاون اقتصادي وتجاري واستثماري مشترك للمرحلة المقبلة يتضمن 9 محاور رئيسية، وعددا من الآليات وخطط الشراكة التي تصب في تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين ودعم استراتيجيات التنمية المستدامة في كل منهما.

وشملت المحاور التسعة المتفق عليها: التجارة والاستثمار والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والرعاية الصحية وعلوم الحياة والطاقة والطاقة المتجددة والبيئة والزراعة والأمن الغذائي والقطاع المالي والمصرفي والنقل والخدمات اللوجستية والتعليم والأبحاث العلمية والابتكار والتكنولوجيا المتقدمة والملكية الفكرية.

وفي ٢٨ يوليو/ تموز ٢٠٢٠، أُعيد إطلاق مجلس الأعمال الإماراتي- البريطاني بمباركة ودعم حكومتي البلدين، في إطار الرغبة المشتركة لتطوير العلاقات الاقتصادية وتعزيز الشراكة بين مجتمعي الأعمال الإماراتي والبريطاني.

وكان مجلس الأعمال الإماراتي البريطاني عقد أول اجتماعاته في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2011، كمنصة استراتيجية للنهوض بالعلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، وتتكون عضوية المجلس حالياً من عدد من كبرى الشركات الإماراتية والبريطانية، مثل “أدنوك”، و”بي إيه إي سيستمز”، و”باركليز”، و”بي بي”، و”طيران الإمارات”، و”طيران الاتحاد”، و”مبادلة”، و”مساندة”، و”رولز رويس”، و”شل”.

وتشمل اختصاصات المجلس إصدار التوصيات المتعلقة بإزالة العوائق أمام تدفقات التجارة والاستثمار، وتعزيز الروابط بين القطاعات التجارية في البلدين، سواء بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، أو الشركات الكبرى والشركات متعددة الجنسيات، إضافةً إلى اقتراح مجالات التعاون الجديدة في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز الشراكة بين البلدين على الصعيدين الدولي والاستراتيجي.

وفي 6 سبتمبر/أيلول 2018، جرى تدشين جمعية صداقة بريطانية إماراتية جديدة تحمل اسم “جمعية الصداقة الإماراتية – البريطانية”، في حفل حضره الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي.

وتهدف “جمعية الصداقة الإماراتية – البريطانية” إلى تعزيز علاقات الصداقة بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى