سياسة

علاج الاقتصاد التركي من خزينة ليبيا… كيف ذلك؟


تأكيدا لما نشره موقع “سكاي نيوز عربية”، حول ابتزاز تركيا للسلطات الليبية لجني تعويضات جائرة عن المشاريع المتوقفة منذ عام 2011، أعلن رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي في لجنة العلاقات الاقتصادية الخارجية التركية، مرتضى قرنفيل، أن الحكومة الليبية ستسرع إجراءات صرف 1.1 مليار دولار للشركات التركية كأول إجراءاتها بعد إقرار الميزانية العامة.

وتواصل أنقرة بذلك تعميق وجودها في ليبيا، وتدخلاتها في الشأن الداخلي، حيث يفسر هذا التصريح الضغوط التركية عبر وكلائها في الداخل الليبي لإقرار الميزانية دون التعديلات التي طلبها مجلس النواب، لضمان عدم صرف الأموال في غير صالح الليبيين.

ووفقا لتصريحات رجل الأعمال لوكالة الأنباء التركية الرسمية، الجمعة، فإن 100 شركة تركية اضطرت لترك عملها في ليبيا دون إتمام مشروعات مقدرة بنحو 19 مليار دولار بعد اندلاع أحداث 2011.

وأضاف أن قيمة خطابات الضمان الخاصة بتلك المشاريع يبلغ 1.7 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة الأضرار الخاصة بالآلات والمعدات 1.3 مليار دولار.

علاج الاقتصاد التركي من خزينة ليبيا

وإلى جانب هذه التعويضات التي قدّرها الأتراك دون اشتراك المؤسسات الليبية في تقييمها أو الاتفاق حولها، فإن أنقرة تسعى لجني أرباح أخرى عبر مساعيها للاستحواذ على مشاريع تحت اسم إعادة الإعمار.

ويريد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعويض انهيار اقتصاد بلاده المتعثر، فقد شهدت العملة انخفاضا كبيرا أمام الدولار، فضلا عن ارتفاع نسب البطالة وتأثيرات جائحة كورونا، لذا فهو يحاول إيجاد موارد جديدة ويبدو أنه وجد في ليبيا ضالته المنشودة، لاسيما وأنه كان قد وقّع بالفعل اتفاقيات تعاون اقتصادي مع رئيس المجلس الرئاسي السابق فايز السراج، خاصة بإعادة الإعمار.

تحكيم دولي

ووفق الباحث والمحلل السياسي محمود الغنودي، فإن هذه الممارسات يجب أن تخضع للتحكيم الدولي، مشددا على عدم مشروعية مطالبة أية دولة بمستحقاتها إن وجدت إلا بعد تعيين حكومة دائمة وتحصلها على موافقات من مجلس النواب المنتخب في السلطة الجديدة لضمان دستورية قراراتها.

ويرفض مجلس النواب منذ أسابيع إقرار مشروع الميزانية المقدمة من حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، ويفسر المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، هذا الرفض بقوله: “سبب رفضها أنها جاءت في موضوع التنمية مبهم وغير معروف للسادة النواب”.

وخلال لقاءه بالمشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، نهاية الأسبوع الماضي في مقر القوات المسلحة بالرجمة شرقي ليبيا، وصف صالح بعض البنود في الميزانية المخصصة لها مبالغ كبيرة بأنها “قابلة للعبث بها”.

وبخصوص توقعاته للمستقبل تابع: “والحقيقة نقولها بحضور المشير، المرحلة القادمة مرحلة صعبة أهم من المراحل الماضية، ويجب أن نكون يدا واحدة، وهدفنا واحد، ونحن لسنا تحت رحمة أحد، ولا أحد يذلنا”.

وتواصل موقع “سكاي نيوز عربية” مع عبد الناصر النعاس، عضو لجنة متابعة عمل مصرف ليبيا المركزي بمجلس النواب الليبي، الذي كشف بدوره عن أن هناك “أطرافا دولية كثيرة تضغط من كل جهة لأجل إقرار الميزانية”، مشددا على أن البرلمان يصر على “تبويب بند التنمية” الذي هو محل جدال، ومعرفة أوجه الصرف الحقيقية لهذا البند، وكذلك بند الطوارئ لهذا السبب.

وأعرب النعاس عن دهشته من الحديث حول تعويضات الشركات التركية، بقوله إن “الأهم هو خروج ليبيا من النفق المظلم، ومصلحتها فوق كل المصالح”، مردفا: “إلا إذا كانت هناك معلومات لا نعرفها فهذا شيء آخر”.

ترتيبات مالية أم ميزانية؟

وأوضح النعاس، أن “صلاحيات الحكومة الحالية محدودة جدا ووقتها ضيق لا يسمح لها بالخوض في مثل هذه الملفات، إلا في حال كانت الأمور الباطنة غير الظاهرة”، أي بمعنى تأجيل الانتخابات إلى أجل آخر.

وأفاد النائب الليبي، بأن الحكومة يمكن أن تصرف هذه التعويضات دون الرجوع لمجلس النواب، لأنها تصرف الأموال مباشرة من المصرف المركزي وفقا لما يسمى بـ”الترتيبات المالية 1 على 12 المتضمن في الاتفاق السياسي”.

وأكدت مصادر مطلعة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي، “يسعى منذ فترة لفتح ملف تعويضات الشركات التركية دون حتى الاشتراط عليها معاودة العمل مقابل دفعات تعويضات متتالية، ويساعده في هذا خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، التابع للإخوان وحليف تركيا أيضا، للتدخل في هذا الملف لتمرير الميزانية بأي شكل كان لتعويض تركيا”.

أنقرة ترهن الاقتصاد بالمرتزقة

وضمن وسائل الابتزاز التركي للسلطات الليبية لاستمرار توتر وقلقلة الأوضاع في البلاد، ورهن الاقتصاد الليبي لمؤسسات غير شرعية حليفة لأنقرة، فإن تركيا تواصل تحدي المجتمع الدولي بإرسال المرتزقة السوريين إلى الأراضي الليبية.

وكشف مصدر لموقع “سكاي نيوز عربية” داخل مطار معيتيقة على اطلاع على سير حركة الطيران داخله، إن تركيا “تقوم بعملية تمويه تظهر بها للمجتمع الدولي أنها تقوم بإبدال المرتزقة بنفس العدد، إلا أن الطائرات التي تحط من أنقرة لمطار معيتيقة تحمل دائما أعدادا أكبر، وعتادا أكثر يذهب إلى معسكرات الميليشيات”.

وضرب المصدر مثلا بأن آخر دفعة غادرت ليبيا كانت طائرة تقل حوالي 130 مرتزقا سوريا، إلا أن الطائرة التي حطت في اليوم الثاني آتية من أنقرة كانت تقل أكثر من 250 مرتزقا سوريا، والشهر الماضي استقبل المطار أكثر من 5 رحلات آتية من تركيا تحمل مرتزقة وعتادا.

ولتأمين هؤلاء المرتزقة الذين يستنزفون الاقتصاد الليبي ويهددون الانتخابات العامة المقررة ديسمبر المقبل، تمتلك تركيا في ليبيا راجمات صواريخ تركية الصنع من طراز سقاريا وعربات مدرعة من نوع كيربي 2 وطائرات بيراقدار المسيرة وطائرات قتالية مسيرة من طراز العنقاء.

ولديها أيضا منظومة الدفاع الجوي والمدفعي ذاتية الحركة كوركوت، ومنظومة الدفاع متوسط المدى هوك.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى