سياسة

طهران في استعراض قوة بالبحر الأحمر للدعاية دون مواجهة مع واشنطن


يعد إرسال إيران سفينة حربية إلى البحر الأحمر هو تحركها الأكثر جرأة حتى الآن لتحدي القوات الأمريكية في الممر المائي الرئيسي للتجارة العالمية، بينما يرى محللون أن هذه الخطوة مجرد استعراض للاستهلاك الإعلامي للجمهور الداخلي والخارجي من جهة، ولتشجيع الحوثيين دون التورط بالحرب مع الولايات المتحدة من جهة أخرى.

 ويحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية، فإنه من غير المرجح أن ترغب طهران في مواجهة مباشرة – ففرقاطتها القديمة لا تضاهي قوة المهام البحرية التي تقودها الولايات المتحدة والتي تقوم بدوريات في المياه قبالة اليمن – لكنها تنقل استعراض طهران لقوتها إلى مستوى آخر.

ولم تحدد وكالة “تسنيم” التي أوردت خبر نشر المدمرة الحربية، أسباب نشرها لكنها أشارت إلى أن مراكب عسكرية إيرانية تنشط في المنطقة منذ العام 2009.  وقالت إن “المدمرة البرز دخلت.. البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب”.

وأضافت أن أسطول البحرية الإيرانية بدأ مهامه في المنطقة منذ مطلع العام 2009 “لتأمين خطوط الملاحة ومحاربة القراصنة وغيرها من المهام”. فيما أفادت قناة “برس تي.في” التلفزيونية الإيرانية، بأن السفينة وهي من طراز ألفاند انضمت إلى الأسطول 34 للبحرية الإيرانية إلى جانب سفينة الدعم بوشهر، وقامت بدوريات في خليج عدن وشمال المحيط الهندي ومضيق باب المندب منذ عام 2015.

ويهدف التحرك الإيراني الجديد إلى تصعيد التوترات بالبحر الأحمر، مع استمرار الحوثيون في مهاجمة السفن التي زعموا أنها متجهة إلى إسرائيل أو مملوكة لها، مؤكدين أن هجماتهم تأتي نصرة للفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تخوض إسرائيل حربا ضد حركة حماس.

وقال المحلل كيفن ليم، في “غلوبال ماركت إنتليجنس”، أن بعض السفن التي استهدفها المتمردون ليس لها روابط واضحة بإسرائيل، كما هو الشأن بالنسبة لسفينة الحاويات ميرسك والتي جاء استهدافها بعد أن أعلنت الدنمارك انضمامها إلى فرقة العمل. وأضاف “إنهم لا يظهرون استعدادا لخفض التصعيد، لذلك من المرجح أن نشهد المزيد من الاستهداف للأصول التجارية والسفن البحرية الأميركية”.

وشن الحوثيون هجمات بمسيرات وصواريخ على سفن أثناء إبحارها قبالة سواحل اليمن. وردا على هذه الهجمات رفضت بعض أكبر شركات الشحن في العالم العبور عبر قناة السويس، مما أدى إلى تعقيد التدفقات بين أوروبا وآسيا وإجبار بعض السفن على سلوك الطريق الأكثر تكلفة حول رأس الرجاء الصالح.

وقالت شركة ميرسك الدنماركية الألمانية، إن سفن الحاويات التابعة لهما ستواصل تجنب طريق البحر الأحمر الذي يتيح الوصول إلى قناة السويس.

ويطل الساحل اليمني على مضيق باب المندب، وهو ممر ضيق يقع بين اليمن وجيبوتي عند أقصى جنوب البحر الأحمر ويفصل شبه الجزيرة العربية عن أفريقيا. ويعد مضيق باب المندب شريانا استراتيجيا للنقل البحري إذ تمر عبره 12 بالمئة من التجارة العالمية، وفقا للغرفة الدولية للتجارة البحرية.

وارتفعت أسعار النفط حوالي دولارين، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، بعد الهجمات التي شنها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر، مطلع الأسبوع، وتقارير وصول السفينة الحربية الإيرانية، الاثنين، قبل أن تعاود الانخفاض الثلاثاء، وفقا لشبكة “سي أن بي سي”.

وأطلقت مروحيات تابعة للجيش الأميركي الأحد، النار على متمردين حوثيين حاولوا الصعود على متن سفينة شحن قبالة اليمن، وأعلن الحوثيون مقتل أو فقدان 10 من عناصرهم.

وقالت القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم” إن الحوثيين أطلقوا صاروخين باليستيين مضادين للسفن في جنوب البحر الأحمر، وذلك دون تسجيل أي أضرار. وأضافت أن العديد من السفن التجارية في المنطقة أبلغت عن تأثير الصواريخ على المياه المحيطة.

والأربعاء أعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن خطط لعقد اجتماع طارئ بشأن التوترات في البحر الأحمر، وقالت البعثة الأميركية لدى المتحدث باسم الأمم المتحدة نيت إيفانز، في بيان إن الهجمات تشكل “تهديدا خطيرا للتجارة الدولية والأمن البحري”.

في السياق ذاته دينا اسفندياري، مستشارة شؤون الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، ومقرها لندن “هناك خطر حقيقي من التصعيد هنا وقد رأينا بالفعل بعضا من ذلك يتكشف في الأيام القليلة الماضية”، في إشارة إلى مقتل 10 مقاتلين حوثيين في تبادل مع البحرية الأميركية الأحد. وأضافت “لقد أوضح الحوثيون أنهم لا يخشون تنفيذ تهديداتهم”.

وأطلقت الولايات المتحدة قوة بحرية متعددة الجنسيات تحت اسم عملية حارس الازدهار، في محاولة لحماية التجارة في الممر المائي الرئيسي.

والاثنين، انتقد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ما وصفه بـ”معايير الغرب المزدوجة بشأن غزة”، واتهم الولايات المتحدة وحلفائها بالاهتمام بحركة التجارة العالمية أكثر من اهتمامهم بمقتل المدنيين في القصف الإسرائيلي للقطاع الفلسطيني.

وجاءت تصريحات أمير عبد اللهيان بعد اجتماع مع القيادي الحوثي محمد عبد السلام أحد أبرز الشخصيات في الجماعة. ومحادثات مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الذي أبلغه أن على طهران كبح جماح المتمردين. وقال أمير عبد اللهيان “ستواصل إيران دعم إرادة ورغبة الشعب اليمني”.

واعتبر جويل رايبورن، الدبلوماسي الأميركي السابق والقائد العسكري. أن القيادة الإيرانية اختارت اتخاذ خطوات جريئة ضد إسرائيل والولايات المتحدة. بما في ذلك في البحر الأحمر كجزء من استراتيجية لاستعراض قوتها في المنطقة. ومع ذلك يشير إلى أن إيران ما زالت مترددة في الدخول في حرب مباشرة مع الولايات المتحدة.

من جهته، يؤكد رياض قهوجي، رئيس معهد الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري ومقره دبي. أن نشر “السفينة الحربية موجه للاستهلاك الإعلامي فقط. وتستهدف جمهورا محليا وإقليميا – وتعرض إيران كقوة إقليمية قادرة على نشر الأصول البحرية لتحدي الولايات المتحدة”. وأضاف أن من غير المرجح أن تواجه هذه المدمرة السفن الحربية الغربية في المنطقة لأن “طهران لا تريد الدخول في حرب مع الولايات المتحدة”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى