سياسة

سيناريو انهيار الليرة التركية

إستراتيجية أردوغان تقضي على الأتراك


الليرة التركية تسجل الليرة التركية انخفاضاً كبيراً، حيث تتراجع العملة التركية المنكوبة بسياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

فلا زالت تنخفض بشكل يومي مقابل الدولار، لتسجل هبوطًا قياسيا، خصوصا بعد تخفيض المصرف المركزي التركي لسعر الفائدة الرئيسي.

وهبط سعر صرف الليرة في تعاملات إلى معدل 16.75 ليرة للدولار، بعدما انتهت تعاملات اليوم الماضي عند 15.675 ليرة للدولار.

ويبدو أن إستراتيجية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي تعطي الأهمية للمبيعات والإقراض، لن تهدأ حتى تسوى الليرة بالتراب.

وذلك على الرغم من انتقاد اقتصاديين ومشرعين معارضين للخطة، محذرين من سياسات الرئيس التركي المتهورة، حيث قلل البنك المركزي من سعر الفائدة الرئيسي 400 نقطة أساس إلى 15 بالمئة منذ سبتمبر الماضي.

ومازال أردوغان يشدد على نية الحكومة التركية لوقف الغموض في الفترة الأخيرة. وذلك بسبب تغييرات أسعار الصرف والأسعار المرتفعة في البلاد، معتبرًا أن انخفاض العملة كان بسبب التكهنات.

وقال أردوغان: “لا المضاربون على أسعار الصرف والفائدة، ولا أعداء تركيا في الداخل والخارج، ولا الطامعون الجشعون، بمقدورهم تحديد مستقبل بلادنا وشعبنا“.

سيناريو انهيار الليرة

وبدأ سيناريو انهيار الليرة التركية منذ عام 2016، عندما كان سعرها في بداية العام 2.92 مقابل الدولار. وفقدت خلال ذلك العام 17 بالمئة من قيمتها لتبلغ في نهاية العام 3.53 ليرة مقابل الدولار.

 وتراجعت قيمة الليرة التركية بشكل أكبر في أوائل عام 2017، لتصل إلى 3.779 ليرة مقابل الدولار، واستمر التدهور خلال الأعوام التالية، لتصل يوم 17 ديسمبر الحالي إلى 17 ليرة مقابل الدولار.

هبوط 50 في المئة خلال عام واحد

وتتسارع وتيرة انهيار الليرة التركية مع كل قرار يتخذه البنك المركزي التركي بخفض الفائدة على الليرة التركية. واعترف البنك بأنه تدخل بشكل مباشر في سوق العملات من خلال عمليات بيع الدولار الأميركي، مبررًا تدخله بوجود تشكيلات غير صحية في أسعار الصرف.

ولم تكن المرة الأولى التي يتدخل فيها البنك المركزي في سوق العملات. فقد فعلها مرات عدة خلال الأسبوعين الماضيين، وباع دولارات لإبطاء تراجع الليرة، مما أدى إلى تآكل احتياطياته الأجنبية المستنزفة أصلاً.

قال رئيس غرفة صناعة إسطنبول في تعقيبه على تدهور الليرة التركية بنسبة 8 في المئة، إنه يشعر بالدهشة من قيام المصرف المركزي بتخفيض سعر الفائدة ثم بيع احتياطاته من العملة الصعبة في اليوم التالي لمنع انهيار الليرة أكثر.

مأساوية ظروف معيشية

وانعكس تراجُع الليرة المتسارع سلبا على الأوضاع المعيشية للموطنين الأتراك. حيث تآكلت مدخراتهم بفعل التضخم الذي بلغ 20 في المئة حسب البيانات الرسمية. بينما تشير تحليلات وتقارير الخبراء إلى أن نسبة التراجع الفعلية تتجاوز 50 في المئة. ما دفع إلى أن تغير المحلات التجارية أسعار المواد الغذائية الأساسية بصورة يومية تقريباً.

وأشارت صحيفة “جمهوريات” المعارضة خلال تقاريرها الشهر الحالي، إلى أن الطوابير تصطف أمام أكشاك بيع الخبز التي افتتحتها بلدية إسطنبول حيث يباع بأسعار رخيصة بعد أن بلغ سعر الرغيف أكثر من 3 ليرات ونصف في بعض أحياء المدينة.

ووفقا لوكالة أنباء “رويترز” الإخبارية، تراجعت قيمة الليرة بنسبة 55 في المئة منذ بداية العام الحالي، بينها 37 في المئة خلال شهر ديسمبر الجاري وحده.

ورغم إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان رفع الحد الأدنى لراتب موظفي الدولة بنسبة 50 في المئة العام المقبل، ليبلغ 4250 ليرة تركية شهرياً (275 دولارا)، إلا أن هذا الراتب هو أقل فعلياً مما كان قبل عام (380 دولاراً)، إذ إن الزيادة التي تشمل نحو ستة ملايين من موظفي الدولة ستؤدي إلى مزيد من التضخم، وبالتالي تراجُع الليرة التركية أكثر.

سياسة حمقاء

ويرى المحللون أن السبب وراء انهيار الليرة التركية واضح وبسيط، وهو سياسة الرئيس أردوغان الاقتصادية غير التقليدية الحمقاء، والمتمثلة في إبقاء أسعار الفائدة منخفضة لتعزيز النمو الاقتصادي في تركيا وتحسين فرص تصدير السلع التركية من وجهة نظره، على اعتبار أنها تصبح أقل كلفة بالعملة الصعبة.

إلا أن التقارير الاقتصادية تحذر من أن هذه السياسة تتجاهل عاملاً آخر، وهو أن تركيا تستورد نسبة كبيرة من المواد الأولية التي تدخل في إنتاج السلع التي تصدرها، ما يعني أن هذه المستوردات هي بالعملة الصعبة، وبالتالي تزداد كلفتها بالليرة التركية بسبب تدهور سعر الليرة.

فساد صهر أردوغان 

فيما اتهمت المعارضة التركية وزير المالية التركي السابق وصهر أردوغان، براءة البيراق، بإهدار أكثر من 100 مليار دولار في سوق الصرف التركية بهدف المحافظة الليرة التركية دون أن يحقق نتائج تُذكر.

بينما لم يتوقف المصرف المركزي التركي عن التدخل في سوق الصرف لمنع انهيار الليرة عبر طرح مئات ملايين الدولار. هذا الأمر الذي أثر سلباً على احتياطي البلاد من العملة الصعبة. وتشير التقارير إلى أن المصرف المركزي تدخل خمس مرات في سوق الصرف خلال الأسبوعين الماضيين. وباع ما يعادل أكثر من 4 مليارات دولار، من مخزونه المحدود من العملات الصعبة.

ضد التيار

وعلى عكس جميع الاقتصاديين الذين يؤكدون أنه إذا ارتفع التضخم. يمكنك التحكم به عن طريق رفع أسعار الفائدة.

 يرى أردوغان أن أسعار الفائدة “شرٌّ من شأنه أن يزيد الأثرياء ثراء والفقراء فقراً“.

وبناءً على رغبة أردوغان، خفضت تركيا أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية واحدة خمس مرات منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، وخلال تلك الفترة انخفضت قيمة الليرة التركية إلى النصف مقابل الدولار، وارتفع التضخم إلى 21 في المئة حسب البيانات الرسمية، أي أكثر من أربعة أضعاف الهدف الرسمي البالغ 5 في المئة.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى