واصلت المليشيات المدعومة من إيران، استهداف قواعد أمريكية في سوريا قبل أيام.
هذا الأمر بات يتكرر كثيراً في الآونة الأخيرة، حيث تستهدف هذه المليشيات الإيرانية باستمرار قواعد للتحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، على الرغم من أن جنودا من دول أخرى -أعضاء في التحالف الدولي- يتمركزون في تلك القواعد إلى جانب نظرائهم الأمريكيين، ما يعني أن ضرب هذه القواعد بالصواريخ يؤكد نية المليشيات الإيرانية في إعاقة محاربة التنظيم المتطرّف، الذي يلاحقه التحالف الدولي في سوريا والعراق منذ سنوات، خاصة أن هؤلاء الجنود المتمركزين في تلك القواعد لديهم مهمة أساسية واحدة، وهي محاربة “داعش”.
ورغم أن تعطيل جهود مكافحة الإرهاب لا يصب في صالح الحكومة السورية، فإن المليشيات، المدعومة من طهران، على ما يبدو تريد أن تتولى هذه المهمة عبر قواعدها في أرياف محافظتي الحسكة ودير الزور السوريتين.
ومع ذلك، فإن عدم تسجيل خسائر بشرية في صفوف قوات التحالف من جراء هذه الهجمات المليشياوية، يعني أن مغادرة التحالف للأراضي السورية نتيجة هذه الضربات سيكون أمراً أشبه بالمستحيل.
إن هذه المليشيات الإيرانية تحاول منذ سنوات ضرب استقرار المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق، عبر بسط سيطرتها على مدنٍ وبلداتٍ سورية وعراقية تقع على الحدود بين البلدين، فهي تستخدم هذه المناطق لتهريب الأسلحة والمخدّرات والوقود أيضاً، ما يعني استحالة قيام هذه المليشيات بفرض الأمن في مناطق وجودها، رغم ترويجها هذا الزعم، وبالتالي فمن الضروري العمل على إيقاف أنشطتها من قبل قوات التحالف الدولي، التي تملك قاعدة قرب أماكن تمركز المليشيات في البادية السورية، تستطيع من خلالها تكثيف الضربات كما فعل التحالف سابقاً.
وتحاول المليشيات استنساخ تجربتها في ضرب الأهداف الأمريكية على أرض العراق، بما في ذلك سفارة واشنطن ببغداد، داخل الأراضي السورية، بحيث باتت تستهدف قواعد التحالف الدولي أسبوعياً تقريباً دون أن يؤدي ذلك إلى خسائر بشرية، وهو أمر تحاول به هذه المليشيات إظهار نفسها كقوة مناهضة لواشنطن، لكن هذا الأمر لا يصب في مصلحة الدولة السورية كما لم يصب في صالح الدولة العراقية من قبل.
لقد فرض الواقع بعد أحداث عام 2011 وجود قوات التحالف الدولي على الأراضي السورية، بعدما سيطر تنظيم “داعش” الإرهابي على مدينة الرقة وجعلها عاصمةً لخلافته المزعومة، وكان ينوي أيضاً السيطرة على مدنٍ سورية أخرى، إلا أن وجود التحالف الدولي حال دون ذلك، لهذا لا يمكن قراءة استهداف المليشيات المدعومة من طهران لقوات التحالف وحلفائه إلا في إطار محاولة إعاقة مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي.
لقد ضربت هذه المليشيات التركيبة المجتمعية في سوريا من خلال إحداث تغيير ديمغرافي ببعض البلدات، بعدما أدت عملياتها الإرهابية في تلك المناطق إلى فرار السكان، فيما وطَّنت المليشيات آخرين مكانهم، وهو سيناريو تسعى لتكراره مجدداً في المناطق الشمالية الشرقية من سوريا عبر الضغط على بعض العشائر الموجودة بها.
كذلك شاركت المليشيات المدعومة إيرانيا في إحداث التغيير الديمغرافي لمناطق سورية أخرى، بعدما اتفقت مع جماعات مسلحة على الخروج من مناطق سيطرتها قرب العاصمة السورية، كما حصل في عفرين حين تراجعت الفصائل المسلحة في ريف دمشق، لهذا ينبغي على التحالف الدولي وحلفائه وضع حدٍّ لنشاط هذه المليشيات ووجودها الساعي لضرب الاستقرار في بعض مناطق سوريا.