سعدت يوكسيل.. ذراع أردوغان الذي خرب محكمة حقوق الإنسان الأوروبية
في قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يوم الثلاثاء الماضي، اعترفت فيه بانتهاكات تركيا لحقوق الإنسان، ملتمسة أنقرة بدفع تعويضات.
جراء اعتقال الصحفية التركية نازلي إليجاك، البالغة من العمر 77 عامًا، في 26 يوليو 2016، ومعاودة اعتقالها في 29 يوليو، ثم تمديد حبسها الاحتياطي مرار.
الصحفية إليجاك
وفي عام 2017، طالب المدعي العام بالسجن المؤبد المشدد على إليجاك بادعاء دعمها محاولة انقلاب في 15 يوليو 2016. وتزامنا مع ذلك، نفت المحكمة الدستورية طلب إليجاك الفردي المتعلق بشكل خاص بحقوقها في الحرية والأمن وحرية التعبير.
وفي 4 نوفمبر 2019، نفذت محكمة إسطنبول على إيليجاك حكما بالسجن ثماني سنوات وتسعة أشهر بتهمة المساعدة والتحريض الطوعي لمنظمة إرهابية دون أن تكون عضوًا فيها. وأفرجت عنها مع وضعها تحت المراقبة بحسب المدة التي قضتها في الحبس الاحتياطي.
اتهامات ملفقة
وأكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه كان هناك خرق للمادة 5 الفقرة 1 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ECHR، والمرتبطة بالحق في الحرية والأمن. وقالت المحكمة إنه لا يوجد سبب مقنع للاشتباه في أن إليجاك قامت بجرائم الانتماء إلى منظمة إرهابية أو محاولة قلب نظام الحكم أو إعاقة نشاطها، منبهة إلى أن كتاباتها التي قدمت جراءها الحكومة التركية تلك الاتهامات إليها، كانت اتهامات ملفقة ومعروفة سابقا.
كما اكدت المحكمة بخرق للمادة 10 التي تنظم حرية التعبير. حيث وجدت أن الحبس الاحتياطي المقرر على إليجاك يشكل “تدخلاً” لحقها في حرية التعبير. وإدعت المحكمة أن التدخل لم ينص عليه القانون.
قضايا أردوغان
وبحسب الصحيفة السويدية، لم يكن من المدهش أن القاضي الوحيد الذي لم إعترض على هذه القرارات هي سعدت يوكسل. القاضية التي مثلت تركيا منذ عام 2019.
واستعرضت نورديك مونيتور سلفا القضايا التي عارضت فيها يوكسل آراء الأغلبية في المجلس الأوروبي، لحساب الرئيس رجب طيب أردوغان. واعتمدوا موقفًا صادقا يتلاءم مع المحاكم التركية المحلية.
ومن ضمن هذه القضايا التي احتوتها اللجنة قضايا الرئيس المشارك لحزب معارض موالٍ للأكراد صلاح الدين دميرطاش، ورجل الأعمال عثمان كافالا، والصحفيين قادري غورسل وأحمد تشيك.
وتبنت لجنة المجلس الأوروبي، في ديسمبر، قرارًا مؤقتًا يدفع بقوة السلطات التركية، على تأمين الإفراج العاجل عن دميرطاش المسجون زيادة على ذلك. قال مجلس أوروبا، إنه سيشرع في تنفيذ إجراءات تأديبية ضد تركيا لرفضها إطلاق سراح كافالا.
وقائع ارتكبتها يوكسيل
كتبت يوكسل وفقا لرأيها المخالف جزئيًا للحكم، أن الاحتجاز السابق للمحاكمة المفروض على إليجاك كان مبررًا بمقتضى المادة 5 الفقرة 1. وعلى عكس زملائها، اتفقت يوكسل مع السلطات التركية، التي اتهمت إليجاك بارتكاب الجرائم التي تتستلزم الحبس الاحتياطي.
ولفتت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على أنه لا يمكن اعتبار أن السلطات التركية في هذه القضية. قد ارتكزت في اتهاماتها على الأنشطة الإرهابية إلى عمل كتبته إليجاك كصحفية في بعض وسائل الإعلام وعلى وجه التحديد على تغريداتها. التي تسفر عن شكوكها بخصوص الجناة المحتملين في محاولة الانقلاب.
ومع ذلك، احتجت يوكسل بأن تغريدات إليجاك فاقت النشاط المشروع للصحفي. بموجب القانون التركي، معللة موقفها بأن التغريدات نُشرت في نفس اللحظة التي جرت فيها محاولة الانقلاب. وأن الطريقة التي صاغت بها إليجاك تغريداتها هي أيضًا عامل مهم كان ينبغي على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إحترامه.
كما دافعت يوكسل عن حكم المحكمة الدستورية التركية، ضد إليجاك لأن المحكمة إعتمدت في تحليلها على تغريدات المدعية، وأخذت بعين الاعتبارالوقت المحدد الذي نُشرت فيه.
وكان القرار الوحيد للمحكمة الذي اتفقت معه يوكسيل هو عدم وجود خرق للمادة 5 الفقرة 4، التي قضت بأن طول الإجراءات أمام المحكمة الدستورية مقبول.
شكوك حول رئيس المحكمة الأوروبية
وتتعرض يوكسيل بالآونة الأخيرة، لانتقادات عنيفة بعد زيارة رسمية قام بها رئيسها ورئيس المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان روبرت سبانو، إلى تركيا في سبتمبر 2020. وكان سبانو أول رئيس للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يقوم بزيارة رسمية إلى تركيا. خصوصًا وأن الحكومة التركية طرف في أكثر من 16 في المائة من القضايا المعروضة على محكمة ستراسبورغ.
والتقى سبانو ويوكسل بالرئيس أردوغان خلف أبواب مغلقة في قصره الرئاسي.
وقالت صحيفة”نورديك مونيتور” إن أولئك الذين ترقبوا أن يوجه سبانو رسالة صارمة إلى كبار المسؤولين الأتراك لمطالبة تركيا بتنفيذ أحكام المحاكم الأوروبية. وأن تحترم سيادة القانون أصيبوا بخيبة أمل. وقام سبانو بزيارات مجاملة، وحصل على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة إسطنبول، التي ضحت بالعشرات من الأكاديميين في حملة قمع واسعة النطاق منذ عام 2016، وفي حفل لم يُسمح فيه للطلاب والصحفيين بالمشاركة بناءً على طلب سبانو.
علاقة عاطفية
وواجه سبانو إنتقادات جراء تفويض الشرعية على حكم أردوغان غير الخاضع للرقابة الحقوقية، كما تعرض لانتقادات لأنه وقع تحت تأثير يوكسل.
وبغض النظر عن تكريمه في جامعة إسطنبول، حيث كانت يوكسيل تشتغل بالجامعة قبل انتخابها لعضوية المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، سافر سبانو بصورة فجائية إلى مدينة ماردين مسقط رأس يوكسيل، وهي مدينة في جنوب شرقي تركيا، والتقت بأفراد عائلة يوكسيل بمن فيهم كونيت يوكسيل، شقيقها والنائب السابق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ولا يزال مبهما لماذا خصص سبانو وقتًا لزيارة مسقط رأس يوكسل خلال زيارته الرسمية لتركيا.
وأشارت صحيفة لوموند الفرنسية اليومية إلى أن يوكسل وسبانو صديقان حميمان؛ ما يعني أن علاقتهما أكثر من كونها مهنية.
غضب المعارضة التركية
لذلك، اثار سبانو غضب المعارضة التركية بعد التقاط صور مع أعضاء حزب العدالة والتنمية. وتم حذف الصورة التي شاركها على تويتر فرع النساء التابع لحزب العدالة والتنمية في ماردين على الفور بعد موجة من الانتقادات. كما زار سبانو محافظ ماردين، الذي كان في ذلك الوقت قائمًا بأعمال رئيس بلدية المدينة، والتي أطاحت الحكومة برئيسها المنتخب من حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد في عام 2019.